خبيرة تحذر: معايير اكتشاف الموهوبين ”خاطئة“ وتقتل الإبداع منذ الطفولة
حذّرت خبيرة الموهبة والإبداع، زينب صفر، من أن طرق اكتشاف الموهوبين الحالية خاطئة، وتتسبب في تهميش عدد كبير من المبدعين الحقيقيين، لا سيما من ذوي الاحتياجات الخاصة.
جاء ذلك في الحلقة الخامسة من بودكاست أصدقاء تعزيز الصحة النفسية بالقطيف والذي جاء تحت عنوان ”من هم الموهوبين؟“.
وأوضحت الأخصائية في التربية الخاصة وعلم النفس، وباحثة الدكتوراه في الموهبة والإبداع أن الموهبة هي سمة فطرية تميز الطفل عن أقرانه في نفس الفئة العمرية والبيئة، ولا يمكن حصرها في مجالات محددة، حيث تتأثر بعوامل الزمن والثقافة وتوفر الإمكانيات.
وشددت على أن النظرة الحالية التي تربط الموهبة بالتفوق الدراسي وحسن السلوك هي نظرة قاصرة وظالمة، فكثيرًا ما تعتمد المدارس في ترشيح الطلاب.
وقالت برامج الموهبة على معيار ”الطالب الشاطر والمؤدب“، متجاهلة أن الموهوب قد لا يكون متفوقًا دراسيًا بالضرورة، إما لعدم توافق قدراته مع المناهج التقليدية أو لعوامل نفسية أخرى.
واستشهدت بقصة واقعية لطالبة وُصفت بـ ”المشاغبة“ ورفضت المدرسة ترشيحها لاختبار الموهبة، لكن والدها أصر على تسجيلها، لتكون هي الوحيدة التي اجتازت المقياس بنجاح، بينما فشل جميع الطلاب ”المثاليين“ الذين رشحتهم المدرسة.
وأكدت أن هذه الحادثة تكشف خللاً عميقًا في معايير الترشيح التي قد تحطم إمكانيات الطلاب وتضعهم في قوالب جامدة.
وأضافت أن المجتمع يلعب دورًا حاسمًا في صقل الموهبة أو دفنها، فبعض المواهب كالغناء أو الفنون قد تواجه بالرفض في بيئات معينة، مما يضطر الموهوب إما إلى التحدي والمثابرة أو التخلي عن موهبته تمامًا.
وأشارت إلى أن اكتشاف الطفل لقدراته يعتمد بشكل أساسي على الفرص التي تتيحها له البيئة المحيطة، سواء كانت الأسرة، أو المدرسة، أو حتى الحي الذي يعيش فيه، ضاربة المثل بالعديد من لاعبي كرة القدم العالميين الذين تم اكتشافهم من ”لعب الحواري“.
وفي نقطة جوهرية، فرّقت صفر بين الموهبة والموهبة هي قدرة فطرية كامنة وهبة إلهية، بينما الهواية المكتسبة بالتدريب قد تصل إلى حد معين ثم تتوقف.
وقالت أن الشخص الموهوب يتميز بقدرته على الإبداع والابتكار وترك بصمته الخاصة، متجاوزًا مرحلة التقليد والمحاكاة.
وانتقدت الخبيرة التربوية تهميش فئة ذوي الاحتياجات الخاصة في برامج اكتشاف المواهب، مؤكدة أن هذه الفئة تزخر بالقدرات الاستثنائية التي لا تقيسها الاختبارات التقليدية. وأشارت إلى أن واحدًا من كل عشرة أطفال من ذوي
التوحد هو موهوب، بالإضافة إلى وجود مواهب عظيمة بين فئات الصم، وذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه، والمصابين بصعوبات التعلم.
واستحضرت قصة العازف العالمي الكفيف ليزلي لمكي، الذي وُلد بضمور في الدماغ ورغم ذلك
تمكن من عزف أصعب المقطوعات الموسيقية بمجرد سماعها دون أي تدريب مسبق.
ودعت صفر المختصين إلى التركيز على مكامن القوة لدى هؤلاء الأفراد، لأن تنميتها كفيلة بمساعدتهم على تجاوز جوانب الضعف لديهم.
ووجهت رسالة إلى أولياء الأمور والأسرة الممتدة، داعية إياهم إلى أن يكونوا أكثر ملاحظة لأبنائهم، وأن يبحثوا عن ”شرارة الموهبة“ لديهم ويعملوا على تنميتها، حتى لو لم يعترف بها النظام الأكاديمي، ففي النهاية هذا الاستثمار هو الذي سيخدم مستقبل الطفل والمجتمع بأسره.
?si=CUhTYlOeiBpg14Dz













