في رثاء حبيبتي ورفيقة دربي
في مواسم الفقد، تُخرس الدموع ألسنة القلوب، ويغدو الكلام عاجزًا عن مجاراة وجع الرحيل. وما أشدّ قسوة الغياب حين يختطف من بيننا وجوهًا كانت للسلام عنوانًا وللحنان وطنًا.
ومع ذلك، يبقى للكلمة الصادقة جناحٌ يحلّق فوق مواجعنا، يضمّد جراح الذاكرة ويبعث الوفاء حيًّا فينا. ومن بين ما بلغنا من كلماتٍ تفيض صدقًا ووفاءً، وقعت بين يدي هذه المرثية الأنيقة التي كتبتها الأديبة نورا أحمد الرهين في رثاء الراحلة العزيزة أم صادق؛ كلماتٌ سارت على دروب القلب قبل السطور، حاملةً حنين الطفولة ودفء البيوت القديمة ورائحة القلوب النقية التي رحلت، لكنها بقيت تنبض في وجدان كل من عرفها.
وتبقى أيام الذكرى قصائد حب تنهمر بجمال الأثر وتفاصيل اللحظات المسكونة في جوانب الأيام، نسترجع الولاء لتلك اللحظات ربما لأنها جزء لا يقبل المساومة ويموج في ضوء من جذور الحب الأصيلة في روح نادرة لا تتكرر، عزيزة في حضورها وفريدة في طيب معشرها، ترافق ملامحها البشرى إذا ما أقبلت وتستهل طيب الحديث دائماً بابتسامتها المشرقة.
أم صادق، رغم مسافة الغياب، إلا أنّ شعور الفرح يلامس قلوبنا حين نلقاكِ وتبادرينا بالسلام دائماً. عرفناكِ منذ الصغر، وغمرتِنا بلطف استقبالكِ في منزلكِ الحنون، حيث كان والدي ووالدتي يصطحبوننا لزيارتكم في بعض الأيام بحكم علاقة الصداقة التي تجمعنا معكم، فظلّت خواطر تلك الأيام لا تبارح ذاكرة الطفولة الجميلة.
عرفتُ من خلالكِ كيف تبقى البهجة يقظة في منابت الفؤاد وإن انتابها سبات الحزن العميق، وكيف نهيم في جنّة عواطفنا حبًا لمن تقاسمنا معهم السلوى حين الألم، وما معنى أن تتعدد مفردات الفرح في قاموس عالمنا المترف بأصناف الظروف المتناقضة.
عزيزة قلوبنا «أم صادق»، ستزهر ساقية الحب في قلوبنا بجميل ذكراكِ يا نفيسة في ذكرياتكِ العطرة، وعزائي لعائلتكِ العزيزة في مصاب فقدكِ الأليم، ولروحكِ النقية ألف سلام حيث المستراح في جنّة نعيم.
بقلم: نورا أحمد الرهين
حرر بتاريخ: 4 ربيع الثاني 1447 هـ.
هكذا تصير الذكريات ملاذًا حين يرحل الأحبّة، فنلوذ بها كمن يلملم بقايا الفرح من بين ثنايا الحزن. ستبقى أم صادق بوجهها المشرق وابتسامتها العذبة حاضرةً في القلوب، شاهدةً على معنى الصفاء الإنساني وكرم الروح الذي لا يُمحى برحيل الجسد.
نسأل الله أن يغمر فقيدتنا برحمته الواسعة، ويجعل مثواها الفردوس الأعلى، ويصبّر أهلها وأحبابها على فراقها، ويجعل ذكراها الطيبة سلوىً لكل قلب أحبّها.
سلامٌ على روحها حيث تسكن في رحاب جنان الخلد الأبدي، وأن يجمعنا الله بكِ في مستقر رحمته.













