آخر تحديث: 11 / 7 / 2025م - 1:05 ص

وسام القَدر

عادل أحمد آل عاشور

حُكمُ المَنِيَّةِ في البَرِيَّةِ جاري
ما هَذِهِ الدُنيا بِدار قَرار

بَينا يَرى الإِنسان فيها مُخبِراً
حَتّى يُرى خَبَراً مِنَ الأَخبارِ

طُبِعَت عَلى كدرٍ وَأَنتَ تُريدُها
صَفواً مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكدارِ

حينما يُأخذ منك شيئاً ثميناً بقضاءٍ محتوم دون أن يكون لك يدُ في ذلك أو مستعداً لحجم تلك الخسارة التي تعد صادمة على قلب ذلك الطفلُ البريء. والذي يرى الحياة من نافذة الأم الحنون، والتي من خلالها يبصر شعاع الأمل في هذا العالم الواسع، فيجد الأمان من حوله. وينظر للوجود بنظرة من التفاؤل والسلام، حتى يعيش الاطمئنان الداخلي والثقة بالنفس!

وحيث تقتضي حكمة الله تعالى قدراً على كل إنسان يؤمن بقضاء الله وقدره ليكون ذلك بلاءً وامتحاناً للإنسان في حياته. وما أجمل وأعظم هذا البلاء والعطاء الإلهي حينما يختص به الله بعضاً من عباده، فيتحول ذلك إلى جهاد من الصبر والتسليم والرضا للذي كتب وأبرم.

هنالك يُحتسب الأجر العظيم. فعلى قدر المشقة يكون الأجر والثواب منه تبارك وتعالى.

فالقضاء والقدر من السنن الإلهية على ما يجري في هذا الكون. فالرضا والتسليم هو من شعب الإيمان التي هي يقين وصميم العبادة لله تعالى.

«الأم» هي ذلك الأمان وذلك السلام الذي يستقيه كل طفل من منبع الحب والحنان الصادق والذي يساوي الكون بأسره. فلا عوض يساوي ويعادل ذلك الحضن الدافئ والذي يعد من الخسارة الكبرى في حياة كل إنسان!

ولكن الله سبحانه تعالى يمنح الإنسان العوض الأسمى والجزاء الأوفى حتى يتحول ذلك العوض إلى شعاع من النور وبصيص من الأمل. إنه وسامُ من الشرف والعزة، الذي يتوشح به ذلك الطفل، فيبني به قلباً فولاذياً صلباً، لا تؤثر فيه أعظم الخسائر في حياته!

وتلك هي النقطة الفارقة والفاصلة في حياة الإنسان والتي يدرك فيها معنى الأشياء وقيمتها في حياته.

حتى يكتشف بالنهاية أن الدنيا ليست إلا دار بلاءٍ وامتحان. فيكون خلاص الإنسان ونجاته على قدر معاناته وصبره على ذلك الألم.

فالنماذج والأمثال العليا هما ما يمنحان الإنسان القدرة على التخطي وتجاوز أمَّر المحن وأصعبها.

وما أجمل وأعظم وأسمى من تلك النماذج والأمثال التي نستمد منها القوة والغلبة وتعد هي القدوة التي تمنحنا وقوداً للصبر والتحمل في درجة الاقتداء. حيث تتجلى صورة ذلك الإنسان العظيم مدرسة العزة والكرامة، هو ذلك «الحسين» ، سيد شباب أهل الجنة. قدوة الصابرين المحتسبين الراضين بقضاء لله تعالى حيث قال محتسباً:

”اللهمّ أنت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شدة وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو أنزلته بك وشكوته إليك رغبةً مني إليك عمن سواك فكشفته وفرّجته فأنت ولي كل نعمة ومنتهى كل رغبة“.

”فلا يوم كيومك يا أبا عبد الله“

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
زهراء قاسم
[ العوامية ]: 6 / 7 / 2025م - 2:42 م
الله يجبر كل مكسور ويجعل الحسين لجروحنا بلسم
2
زهير حسن
[ صفوى ]: 6 / 7 / 2025م - 11:52 م
مقال يلامس الألم بصيغة إيمانية يستحضر الحسين (ع) كنموذج راق للصابر المحتسب. العزاء فيه ليس دموعا بل دروس في بناء الذات.