الشيخ أبو زيد يدعو لتحويل عاشوراء من سرد تاريخي تقليدي إلى منهج فكري

دعا الشيخ محمد أبو زيد إلى إعادة قراءة واقعة عاشوراء وتجاوز الاقتصار على سردها التاريخي التقليدي، لاعتمادها منهجًا فكريًا حيًا ومصدرًا للوعي المجتمعي.
جاء ذلك خلال محاضرته التي ألقاها في مجلس المقابي بمحافظة القطيف في الليلة العاشرة من شهر محرم الحرام.
وأكد أن سر خلود هذه الذكرى يكمن في قدرتها على ابتكار منظومة مفاهيم متطورة تتخطى الفهم البسيط للزمان والمكان.
وأوضح الشيخ أبو زيد أن عاشوراء لم تعد مجرد يوم في حساب الزمن أو بقعة على خريطة الجغرافيا، بل تحولت برمزيتها ومنهجها إلى ”لحظة معيارية“ يمكن من خلالها للمجتمعات ضبط إيقاع حياتها وقياس مدى قربها من قيم الكرامة والعزة.
وبيّن أن هذا اليوم، على قصره، كان الأعمق في محتواه، حيث استطاع أن يختزل تجارب إنسانية كبرى ويقدمها في سردية مكثفة أشبه بالمشاهد السينمائية المؤثرة التي تحمل رسائل قوية تتحدى الزمن.
وأضاف أن هذه الرؤية تحوّل عاشوراء من مجرد ذكرى سنوية إلى مصدر إلهام ومحفز للقيم الإنسانية العليا، وتجعل منها نشيدًا للكرامة يتردد صداه في وجدان الأجيال التي تتوق للحرية والعدل كلما واجهتها تحديات الحياة. وبهذا الفهم، تصبح عاشوراء قادرة على استيعاب الحياة بتجلياتها ومواقفها المختلفة، لتمثل قمة السمو الإنساني في مواجهة الظلم.
ورداً على التساؤل حول طابع الحزن الذي يغلف الذكرى، أشار الشيخ إلى أن هذا الشعور هو تعبير طبيعي عن حجم التضحيات الجسيمة والمأساة العميقة التي وقعت.
وشدد على أن هذا الحزن ليس هدفًا بحد ذاته، بل هو طاقة دافعة و”خزان وقود“ يمد الفرد والمجتمع بالقوة والعزيمة للسير في طريق الحق بما يحتاجه من طاقة في صراعه مع النفس الأمارة بالسوء ومع الشيطان.
وفي ختام حديثه، أشاد الشيخ بالصورة الحضارية التي ظهرت بها فعاليات إحياء ذكرى عاشوراء في محافظة القطيف، موجهًا شكره وتقديره لكافة الجهود المجتمعية والتنظيمية، بما في ذلك التعاون المثمر بين اللجان الأهلية والقطاعات الأمنية، الذي ضمن سلامة المشاركين وسلاسة التنظيم، مما يعكس وعي المجتمع وقيمه النبيلة.