آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

أنت أميرة أمام مرآتك

مريم آل عبد العال *

عندما تراودني الحاجة لأن أخطو خطوة في طموحي للأمام، لا أجدني إلا بين الكتب، تلك الملاذ الذي أيما احتجت من أمور حياتي وحاجتي في تقوية ذاتي وعقلي لجأت إليها..

تعلمت الكتابة أولاً، كنت أعشق مبدأ الزاجل والبريد، وأظرف الرسائل، ما إن تعلمت كيفية كتابة رسالة، إلا ووجدتني أخط على الأوراق كلام الحب والشكر، مطبقة ذلك على إخوتي، فتجد بكل زوايا المنزل أوراقي ورسائلي وملصقاتي.

عشقت من فلسفة الزاجل رحلة الرسالة عبر المحيطات، تلك الورقة المضرجة بأسرار الناس، تمر على كم دولة وقارة ومحيط، فأسرتني مهنة الرحال، أحببت فيها استكشاف المجهول، والبحث عن شيء جديد، وإحساس الحرية الذي لا يشبه حرية وطنية، بل هي عالمية، يمثل فيها ذاته الإنسانية يغذي طبيعته الفضولية، فتحتويه الأماكن بكل حب، فأراني لما كنت طفلة، أجوب مزرعتنا أبحث ولو عن مسيرة النمل لبيوتها، أين تذهب وماذا تحمل على ظهرها، أصنع حفرة عميقة جداً، هل سينبع ماء أم كما يقولون نفط، وما هي هذه الطبقة السوداء التي وصلت لها، أتأمل اختلاف أوراق الشجر، وتنوع بتلات الزهور.

أما في المنزل فتلك قصة أخرى، فأنا بسطح منزلي ليلاً أصبح فلكية، امسك منظاري الصغير العادي، وأتمدد وسط الأرضية، أوجه منظاري هذا نحو تلك النجوم، ألمح شهباً وأتأمل ترتيب النجمات، وأراقب حركة القمر، والحفر الموجودة على سطحه، ونهاراً امسك عدستي المكبرة، وأحاول أن افهم تغير انكسار الضوء فيها، وكيف تتجمع حزمة من ضوء الشمس فتلتقي في بؤرة وأجرب حرق الورقة كما علمتني أختي مدرسة الفيزياء، التي أشعلت في عقلي الفضول والمرح في ذلك، وبقرب نافذة الغرفة وفي المساحة التي تتجمع فيها أشعة الشمس على السجادة أضع قلادتي الكريستالية فتتلألأ جدران الغرفة بشتى ألوان الطيف.

كنت أقرأ قصص الأطفال، العالمية أحبها لنفسي، وكحلم أي طفلة تحلم بأن تصبح أميرة وتسكن قصراً، رسمت في عقلي أنني كذلك، وأحببت ذاتي بأنني أميرة نفسي بأخلاقي وتفوقي وهدوئي، وبأن أكون مثالية في كل شيء أحبه، فصرت لا اتبع إلا ما يأخذني لأحلامي وأضع نفسي فيه، وأن أصبح مثقفة لا بد وأن أعرف أسرار الأشياء فلابد أنني أحب أن اسأل وأجيب بكل ثقة، تلك الأميرة بداخلي أرادت أن أصبح سيدة مجتمع يوماً ما.

القيادة الذاتية للحلم هي أن تحفز ذاتك وتجعلها في طريقها وتثبت قدرتها، وتظهر قوتها وتميزها، أن تبدع في كل ما يستهويك وترى نفسك فيه. أحببت المسؤولية وأن يعتمد علي الآخرون، ويبدو لي الآن أنها من أظهرت حبي للقيادة، فكنت الكبرى بين الأطفال بعائلتي، فدائما كنت الحاضنة والمسئولة في رعايتهم وعين أهلي عليهم، فاجتهدت لأكون عند حسن ثقتهم بي، فساعدني على أن أثق بنفسي وأكون جديرة باعتمادهم علي، فأيضاً أخذني ذلك إلى أن أصبح بجميع المراحل المدرسية رئيسة مجلس الفصل أو طالبة نظام، كنت أعشق المساعدة وأن أمد يد العون في أي مشروع كان، فالتطوع اعتبره غذاء وتنمية ذات ضرورية لترسيخ أخلاقنا وتعاملنا.

انتهيت من قراءة القصص العالمية، فلماذا سأتوقف أنا التي أعتبر نفسي دوماً كشافة صغيرة، فكنت سعيدة جداً بدعوة أختي لي لمكتبتها وسماحها لي بأن أهجم هجومي اللطيف على موسوعاتها العلمية، في الفيزياء والبيئة، كنت صغيرة جداً بعمر الثامنة، موسوعات مجموعة الفراشة الكبيرة المليئة بالصور تصطحبني أيضاً معها لأصبح رحالة، ساعدتني كثيراً في فهم الكثير من الأشياء استبقتها على ما أتعلمه بالمدرسة فصرت مثقفة جدا بالمقارنة بزميلاتي، عام 2000 وحرب لبنان، واحتفالات ذكرى الثورة في إيران، وذكرى رحيل الخميني، حملتني لعشق أسرار الشهادة والغيبيات والروحانية، أسرتني الكتب التي أراها بين أيادي أخوتي، فبدأت بالقراءة، أنواع الكشاكيل والروايات، والكتب القصصية والدينية، أبحرت فيها وصارت بحثي الدائم إلى اليوم.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
حسين الفرج
[ العوامية ]: 31 / 1 / 2014م - 10:11 م
مقال جميل ،بورك قلمك ،القراءة غذاء الروح.
كاتبة صحفية - إعلامية وناشطة في مجموعة قطيف الغد