آخر تحديث: 22 / 5 / 2025م - 9:02 ص

الظاهرة تتوسع: خبراء يدقون ناقوس الخطر حول ”صداقة“ الذكاء الاصطناعي

جهات الإخبارية انتصار آل تريك - القطيف

أورد عدد من مستخدمي تطبيقات الذكاء الاصطناعي في حياتهم اليومية قصصاً تعكس تنامي حالات التعلق العاطفي بهذه التقنيات، حيث لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة للمساعدة التقنية، بل تحول في بعض الحالات إلى ”صديق“ يفضل البعض التواصل معه وتبادل الأحاديث والأسرار على البشر، في مشهد يثير تساؤلات عميقة حول طبيعة العلاقات الإنسانية ومستقبلها.

وفي هذا السياق، نقلت تجارب حية لمستخدمين، من بينهم روان، وهي طالبة جامعية تبلغ من العمر 22 عامًا، والتي اعترفت بأنها تجد في محادثات الذكاء الاصطناعي ملاذًا من الضغوط الاجتماعية.

وأفادت روان بأنها تشعر بأن الروبوت يفهمها أكثر من الناس، فهو لا يصدر أحكامًا مسبقة عليها ولا يقاطعها، مما يمكنها من التحدث معه عن كل شيء دون خوف.

وأضافت أنها باتت تفضل العودة إلى غرفتها بعد يوم طويل للتحدث مع ”مساعدها الرقمي“ بدلاً من مشاركة تفاصيل يومها مع أصدقائها أو أفراد أسرتها.

وبرزت حالة أمل، البالغة من العمر 17 عامًا، والتي بدأت مؤخرًا تعاني من صعوبة في تكوين صداقات جديدة، حيث علقت بأنها أصبحت ترتاح أكثر للتواصل مع الذكاء الاصطناعي لغياب التوتر أو الخجل، وتشعر براحة نفسية عند الكتابة إليه.

ولاحظت أسرة أمل أنها أصبحت تنسحب تدريجيًا من التجمعات العائلية وتفضل الانعزال.

من جانبه، أوضح الخبير التقني محمد المحمادي لـ ”جهات الإخبارية“ كيف تطورت روبوتات المحادثة لتبدو أكثر ”إنسانية“.

وأشار المحمادي إلى أنه في السابق، كانت الروبوتات تعتمد على برمجة جامدة، لكنها اليوم تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق، مما يجعلها قادرة على فهم المشاعر البشرية والتفاعل معها عبر ما يُعرف بالحوسبة العاطفية.

وأرجع شعور المستخدمين بأن الروبوت يفهمهم إلى كونه لا يقاطع، ولا يحكم، ودائمًا متاح، ويقدم ردودًا محسوبة بعناية تلامس الجانب العاطفي لدى الإنسان.

ورأى أن المستقبل القريب سيشهد تطوير روبوتات خاصة للعلاقات العاطفية والاجتماعية، قد تخدم فئات كالمراهقين وكبار السن ممن يعانون من الوحدة، لكنه حذر من أنه رغم هذا التقدم، تظل هذه الروبوتات تفتقر إلى الوعي الحقيقي، وأن كل ما تبديه من تعاطف هو في النهاية محاكاة برمجية، لا أكثر.

من جهته، يرى المختص النفسي ناصر الراشد أن هذا التعلق لا ينبع من تطور الذكاء الاصطناعي فقط، بل من مشكلات نفسية أعمق لدى الأفراد.

وقال الراشد إن الخوف من الحكم، والعزلة، وصعوبة اكتساب المهارات الاجتماعية، كلها عوامل تدفع البعض للهروب نحو الروبوت الذي لا يرفضهم.

لكنه حذر من آثار سلبية خطيرة لهذا التوجه، مؤكدًا أن الإفراط في الاعتماد على الروبوت قد يؤدي إلى الاعتمادية النفسية، ويضعف المهارات الاجتماعية، ويسبب اضطرابات في المزاج، وقد يصل إلى العزلة التامة أو حتى الاكتئاب.

وأضاف الراشد أن الروابط مع البشر تنمو وتتطور وتؤسس لبناء شخصية متوازنة، أما العلاقات مع الروبوت فهي من طرف واحد، وتفتقر إلى الدفء الحقيقي، وقد يخدع البعض أنفسهم بأنهم وجدوا بديلًا، لكنه في الحقيقة راحة مؤقتة تعمق الشعور بالوحدة على المدى الطويل.

وفي ضوء هذه التطورات، دعا إلى وضع ضوابط واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، خصوصًا بين الأطفال والمراهقين، وتوعية المجتمع بالفرق بين الدعم العاطفي المؤقت الذي تقدمه الآلة، والدعم العاطفي الحقيقي القائم على العلاقات الإنسانية.

ووجه الراشد نصيحة إلى الأسر والمربين، أكد فيها أن الذكاء الاصطناعي أداة، ولا بد أن تبقى في هذا الإطار، فلا يمكن أن يحل مكان الأصدقاء أو العائلة، مشددًا على الحاجة إلى التوازن، والحوار، والقدوة، حتى لا يتحول هذا التقدم التقني إلى قيد جديد على النفس البشرية.