آخر تحديث: 22 / 5 / 2025م - 12:34 ص

احذروا سُمًّا في فنجان القهوة: رسالة للشباب والفتيات حول الوقاية من المواد المخدرة في المقاهي

عبد الله أحمد آل نوح *

في زمن تتسارع فيه المتغيرات وتتنوع فيه المغريات، تتسلل بعض السموم إلى حياتنا في أكثر الأماكن ألفة وأمانًا، كمقهى أو مطعم. ومع تصاعد التحذيرات من بعض المواد المخدرة التي قد تُستخدم دون علم الضحية، بات لزامًا علينا أن نرفع الصوت ونعزز الوعي، خصوصًا لدى الشابات والشباب، فالمسألة لم تعد مجرد تسلية أو تجريب، بل قد تنتهي بتدمير مستقبل، أو ضياع سمعة، أو ما هو أشد.

تعد مادة THC «رباعي الهيدروكانابينول» وهي المكون الرئيسي الفعال في مخدر الحشيش، من أخطر المواد التي يتم التلاعب بها مؤخرًا في منتجات غذائية أو مشروبات أو حتى زيوت عطرية، وقد تُستخدم دون علم الشخص، في خرق واضح للأمانة والإنسانية. ليس ذلك فحسب، بل إن هناك مواد تُعرف باسم ”مخدرات الاغتصاب“ مثل GHB وRohypnol, تُستخدم بغرض فقدان الوعي أو السيطرة، وغالبًا ما تكون عديمة الطعم والرائحة، مما يجعل من الصعب اكتشافها.

ويُلاحظ في الآونة الأخيرة استغلال بعض المروجين لفترة الامتحانات الدراسية، فيروجون لهذه المواد تحت ذرائع مخادعة، مثل ”زيادة النشاط“ أو ”تحسين التركيز“ أو ”مساعدتك على السهر والمذاكرة“، مستغلين توتر الطلاب ورغبتهم في النجاح. ومن أبرز المواد التي يتم الترويج لها خلال هذه الفترات مادة الأمفيتامين، المعروفة تجاريًا بأسماء مثل ”أديرال“ أو ”ريتالين“، وهي أدوية مخصصة طبيًا لعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه «ADHD»، لكنها تُباع بشكل غير نظامي بين الطلبة على أنها منشطات للذاكرة والتركيز. والحقيقة أن استخدامها دون إشراف طبي يعرض الشخص لمضاعفات خطيرة، منها الإدمان، واضطراب النوم، والقلق، والتشنجات العصبية.

وهذه الحيلة الخبيثة قد توقع بالشاب أو الشابة في فخ الإدمان من أول تجربة، حيث تبدأ القصة من قرص أو مشروب ينشط الذهن، لتنتهي بإدمان ينهك الجسد والعقل ويقود إلى مصير مظلم.

ولم تتوقف هذه الأساليب الخادعة عند حدود الدراسة أو الترفيه، بل امتدت إلى الصالات الرياضية، حيث يستهدف بعض المروجين روّاد النوادي من الشباب والفتيات، ويوهمونهم بمواد على أنها ”مكملات غذائية“ أو ”محفزات لزيادة الكتلة العضلية أو النشاط“، بينما هي في حقيقتها مواد مخدرة تسبب الإدمان أو تلف الأعصاب أو الهلوسة، ويقعون في شراكها بسبب الثقة العمياء بمن يُظهر صورة ”المدرب“ أو ”الخبير“. وهنا تبرز ضرورة التوعية، والتأكد من مصادر أي مادة يتم تناولها أو استخدامها في هذه البيئات.

وفي هذا السياق، فإن طلب الزبائن من مقدم الطعم بالتأكد أمامهم ليست واقعية أو عملية، نظرًا لأن غالبية المقاهي والمطاعم تقوم بتحضير المشروبات والأطعمة داخل المطابخ أو خلف الكاونترات بعيدًا عن أنظار الزبائن. لذا، فإن الحذر الواجب لا يكون بمراقبة التحضير، بل باختيار الأماكن الموثوقة، والامتناع عن تناول أي مشروب أو منتج لم يُطلب بشكل مباشر، أو قُدم من شخص مجهول أو خارج إطار الطلب الرسمي.

وقد حذّرت الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية من هذه الظواهر، وأكدت أن كل من يُروج أو يستخدم هذه المواد يُعد مخالفًا للأنظمة، ويعرض نفسه للمساءلة الجنائية، وقد سخّرت الدولة أجهزتها الأمنية والرقابية لكشف المتورطين فيها، حمايةً للمجتمع وشبابه. وقد جاء في قوله تعالى: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة [البقرة: 195]، تحذير صريح من كل ما يُعرّض النفس للهلاك، سواء عن جهل أو تهاون.

وفي المقابل، فإن الحفاظ على الجسد والعقل من أعظم النعم التي ينبغي شكر الله عليها. كما جاء في قوله تعالى: ﴿ثم لتسألن يومئذ عن النعيم [التكاثر: 8]، وإن من أولى صور النعيم نعمة الوعي والعقل السليم، وهما رأس مال الإنسان في دينه ودنياه.

ختامًا، فإننا نهيب بكل شابة وشاب أن يكونوا حصنًا لأنفسهم ولمن حولهم، فلا يستسلموا للفضول القاتل أو الثقة العمياء. واعلموا أن الوعي هو الدرع الأول، وأن الوقاية لا تعني الشك، بل تعني الحذر، فأنتم أمانة في أعناقنا، ومستقبل هذا الوطن المزدهر، تحت ظل قيادة جعلت من محاربة المخدرات أولوية وطنية، حفظًا للكرامة، وصونًا للقيم، وبناءً لمجتمع نقي ونبيل

عضو مجلس المنطقة الشرقية ورجل أعمال