العيد عيدين
أمنية الكل يتمناها لغائبه الذي يظل حاضرًا في كل مناسبة تمر عليه.
غائبنا لم يرحل كما ترحل الأرواح إلى عالمها اللا محدود، غائبنا باعدته الأزمنة والدهور، لكننا نشم ريحه في كل حين وإن باعدته عنا المسافات من أفعالنا وأعمالنا، فيعقوب شم ريح قميص يوسف منذ أسبوع، من خروج القافلة، ونحن نشم ريح غائبنا أيضًا منذ أسبوع بعد أن شملنا برعايته وحبه وحنانه في ليلة هي خير من ألف شهر وطلب لنا السلامة والرحمة والعفو والمغفرة.
ونحن نودع الشهر الفضيل أعاده الله على غائبنا وعلينا بالصحة والسلامة، ونستقبل العيد السعيد، بعد موسم من التجديد الروحي والقلبي الذي خرجنا به من ضيافة كريمة لرب كريم منّ علينا بكماله وتمامه. اكتسينا بحلة من الطهارة والنور لاستئناف العمل.
لكن مع هذا النقاء تظل هناك زاوية مكسورة في قلوبنا يكسوها الحنين والشوق، حيث يسكن فيها من نحبهم رغم الغياب والبعد، طيفهم يبقى عالقًا في أذهاننا، ومع هبوب نسائم العيد التي تحمل معها نبضات الحنين والشوق الذي توشح بالأمنيات، نبحث عنهم في من حب، فلهفة القلوب إليهم لا تهدأ، وكيف تهدأ وهم في مكنونها.
لحبيب قلوبنا الغائب الحاضر نبعث رسالة تهنئة مطرزةً بأكاليل الأمل والشوق تتردد في نبضات قلوبنا قبل شفاهنا لتلامس قلبك. قد لا تمتد الأيدي للمصافحة والسلام ولا تتعانق الأجسام، لكن تتلاقى القلوب في فضاءات لا تحدها المسافات، وقد لا تلتقي العيون بالعيون، لكن الأرواح تدل طريقها إلى من تحب. وتبقى في هيام من تحب وتعشق وإن طالت ليالي الانتظار، فهي تتهاوى في صفحات الشوق إليك لتزهر حبًا يضيء ليالينا المظلمة. نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات مطرزة بمشاعر الصدق لتكون هذه التهنئة مرآة صادقة لأمنياتنا العميقة، وأن يكون هذا العيد نافذة أمل، ورسالة سلام للعالم والإنسانية، ورسالة محبة وإخاء، وبشارة للقاء قريب.
في هذا العيد يظل نبض الدعاء يتجلى في زوايا قلوبنا ويترجم مشاعرنا وأحاسيسنا نحو حبيب قلوبنا، فنهمس له في كل لحظة ”كل عام وأنت نبضًا لا يغيب وفرحًا مؤجلاً لا بد أن يعود ليملأ دنيانا فرجًا وعدلًا، فأعيادنا لا تكتمل إلا بلقائك“.