الثبات على الولاية
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة: آية 55].
نِعم وبركات ولاية أهل البيت والارتباط بهم لا تعد ولا تحصى، والانتساب لهم باباً من أبواب الفلاح في الدارين، الفرح لفرحهم والحزن لمصابهم، وهذه الأيام موضع حزن ليس قبله حزن إلا انتقال الرسول ﷺ للرفيق الأعلى، وليس بعده حزن أوجع الأمة، شهادة الإمام علي
هدم لركن من أركان الدين وكماله بولايته تمام الأعمال.
قال رسول الله ﷺ: «إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه».
أصبح كل قيل: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.
في هذه الليالي الحزينة من عمر الإنسانية يفقد العالم نعم الولي الشمس المشرقة والقمر المنير والنجم الثاقب الدال على الهدى المنجي من الردى يعسوب الدين حجة الله العظمى وخليفة الرسول ﷺ المطهر من الزلل المبرأ من العيوب قسيم الجنة والنار.
هذه القامة العظيمة أفلح من بكى وحزن على هذه الفاجعة، ونجى من تمسك به، وخاب وخسر من ترك ولايته والتمسك بحبله.
لم يمت حين ضربه أشقى الأشقياء، بل مات قاتله، وهزم مؤمراته وانبثق الإمام علي إلى أفق أبعد من القداسة واتساع مبادئه وحاجة الإنسانية لعدالته ومبادئه، رغم محاولات طمس مكانته ومحاربة أفكاره وتحريف تاريخه المشرف، برز بين كل تلك الحروب والمؤمرات والتزييف قائدا محنكا رفد العالم بفكره حتى قيام الساعة، واليوم النجف الأشرف مدينة الإمام علي
كمركز عالمي لعلوم أهل البيت
، تحت ظل المراجع العظام، وعلى رأسهم آية الله العظمى السيد الجليل والقمة العلمية العالية علي الحسيني السيستاني حفظه الله، وأمد في عمره الشريف لحفظ تراث أهل البيت
وبث روح السلام ليس في العراق بل العالم، رغم الضغوطات والإرهاب والمنافقين، ويأبى الله إلا أن يتم نوره.
كلمات من الصادق الأمين رسول رب العالمين لا تقبل التأويل والخيار إنها الخيار بين الجنة والنار بين قبول الأعمال أو ردها، بها اكتمل الدين.
الولاية رفضها إبليس اللعين، فخسر وأبعد عن الجنة، وأخلد في النار، إنه لم يكن له خيار أو قرار في أمر إلهي به قوام الحياة على أسس ربانية خالصة وفريضة واجب العمل بها به تصح الأعمال.
فالولاية لم يتشرف بها نبي الله إبراهيم إلا بعد ابتلاءات صبر عليها وتحمل مشاقها، وكذلك الإمام علي
، عاش حياة كلها ابتلاءات وحروب ومكائد فظفر بالولاية كتتويج رباني يبقى معه حتى تقوم الساعة.
في هذه الليالي الحزينة يجتمع الموالون لتقديم التعازي في ولي الأمة، رافعين أكفهم عاليا أن يتقبل عملهم في هذه الليالي المباركة لنيل الأجر والثواب في الدنيا، والشفاعة في يوم لا ينفع مال ولا بنون بدون ولاية الإمام علي .
الحمد والشكر على نعمة الولاية والثبات عليها وعظم الله أجور المحبين في هذا المصاب الجلل واليوم الحزين على قلب الرسول ﷺ، على فقيد الإنسانية رزقنا الله في الدنيا زيارته، وفي الآخرة شفاعته ببركة الصلاة على محمد وآل محمد.