آخر تحديث: 8 / 9 / 2024م - 12:11 ص

التيارات الإسلامية وأزمة الهوية

حسن آل جميعان * صحيفة الشرق

ناقش الكاتب محمد العربي أزمة الهوية أو سؤال الهوية لدى التيارات الإسلامية في بحث له بعنوان «الإسلاميون والهوية والدولة.. إفلاس الأيديولوجيا». وتأتي أزمة الهوية لدى الجماعات الإسلامية كردة فعل لما يستجلبوه من أحداث تاريخية يشعرون بأنها سبب في ابتعاد الناس أو المسلمين عن الإسلام بسبب الغزو الثقافي أو العسكري بعد نهايات القرن التاسع عشر الميلادي، حيث يقول الكاتب: «كان الإسلام السياسي رد فعل على هذه الأزمة شأنه شأن تيارات أخرى رأت أن الأمر يتعلق بهوية هذه المجتمعات التي يجب الحفاظ عليها إزاء الآخر الغرب الذي أصبح غازياً ولم يكتف بغزوه، بل راح يعيد تشكيل هذه المجتمعات على مثاله وهو ما يعني وضعها على مسار يشكل انقطاعاً مع تراثها العميق والممتد، أي هويتها الممتدة والثابتة، ومن هنا رأت هذه التيارات أن أزمتها هي مع الحداثة الغربية التي دمجت المجتمعات العربية في إطارها».

يتضح من ذلك أن التيارات الإسلامية نشأت في ظل أزمة تم ترجمتها في خطابها على أنها أزمة تتعلق بالهوية حتى تتمكن من التأثير والتغلغل في الأوساط المجتمعية التي سوف تكون في المستقبل الحاضنة لها ومصدر شرعيتها وقوتها ورصيدها البشري الذي تحارب به وتدافع عن ذاتها، وهذا لا يكون إلا بخلق أزمات متكررة ولها أثر وجودي، وهذا لا يتحقق إلا بالتمسك بالهوية الدينية التي ينتمي لها الناس في تلك المجتمعات، وهنا بالطبع المجتمعات المسلمة التي تتخذ من الإسلام ديناً لها، وبالتالي، كما يشير العربي، «كانت الفرصة الذهبية لتيار الهوية أن يعيد طرح سؤال الهوية باعتباره أيضاً الإجابة عن أزمته الوجودية بالتمسك بهويته الدينية باعتباره سبيل النجاة، ومن ثم سبيل الاستقواء ومواجهة الآخر».

وعلى ذلك نجد أن التيارات الدينية ترفض الاختلاف والتعدد لغرض تطبيق الأيديولوجيا التي تتبناها وتسعى إلى فرضها وتطبيقها على الأرض «سؤال الهوية»، وبالتالي هذه الجوهرانية، أي وجودها يجب ألا يتغير، ومع الزمن تتحول هذه الجوهرانية إلى هوية متخيلة ووجود أسطوري ممتد كما يوضح الكاتب محمد العربي. وهذا ما يفسر فشل التيارات الدينية أو الإسلامية عندما مسكت زمام السلطة وشؤون الدولة والمجتمع. وهناك سبب آخر وهو التفسيرات البسيطة للمشكلات العميقة في المجتمعات الإسلامية وربطها «بأزمة الهوية» وهذا لا ينتج حلاً بل يعقد المشكلة لأن الهوية أو سؤالها هو جزء من المشكلة وهناك مشكلات وأزمات تحتاج إلى حل حتى تتمكن المجتمعات العربية والإسلامية إلى الاتجاه نحو مجتمع متطور قادر على المنافسة والتقدم.