تراثنا لن ينقرض بمرور الأيام
التراث القطيفي عامة والسيهاتي خاصة يزخر بالكثير من الإبداع، حيث يقال الحاجة أم الاختراع. وفي زمن الأجداد والآباء قادتهم متطلبات الحياة واحتياجاتها إلى الكثير من الإنجازات حسب إمكاناتهم المتواضعة، ولو تطرقنا إلى ما طوعوه من المهن التي يحتاج إليها الإنسان في ذلك العصر لوجدنا الكثير منها ما زال بعضا منها يعاصر الزمن من جيل إلى جيل كتراث حضاري شامخ ببصماته الخالدة على كافة المستويات على الصعيد المهني والحرفي والتشغيلي.
ومن تلك التي ما زالت مستمرة حتى وقتنا الحاضر بأنواع متعددة كمهنة الخبازة اليدوية التي قام بها أصحاب الخبرة، وتنوعت مخبوزاتها وتشكيلاتها «كالخبز العادي اللذيذ أو خبز الجبن أو خبز الخمير وخبز التمر... إلخ»، بالإضافة إلى مهن أخرى كالبحارة لصيد السمك وما يتبعها من أدوات لا زالت بصماتها تنعكس على واقعنا المعاش وهي ما تسمى في ذلك الوقت باللغة الدارجة باللنشات والجراجير والشباك، تتبعها مهنة الجزافين التي تتاجر في أنواع كثيرة من الأسماك المتنوعة.
ثم ننتقل إلى مهنة الفلاحة والزراعة آنذاك لوجدنا أن ما يستعمل حتى وقتنا الحاضر هو نفس بعض الأدوات الزراعية قديما كالمحش والصخين والمسمى بالعمود الأسود وعيون الماء الارتوازية وما تبدله وتنتجه أيدي المزارعين والفلاحين من محاصيل زراعية تنقلها عربات نقل محلية الصنع تجرها الدواب الحيوانية إلى الأسواق لتباع.
ولو عرجنا إلى جانب آخر من التراث، فتلك البيوت الطينية التي ما زالت في بعض المناطق القديمة من محافظة القطيف بالعموم وسيهات بالخصوص التي تمثل رمزا خالدا في سجل ذاكرة التاريخ وما كانت تحتويه من التخطيط وهيئة البناء وما كان يستعمل في بنائها وتشييدها من الحجر والطين البحري والأدوات التي تستخدم عند إنشائها من قبل بنائيها كالقبان والجفير والمساحة والخيوط لترتيب البناء بما يشبه الهندسة البدائية، وما كانت تحتويه من غرف صغيرة وبها بعض الرواشن «النوافد» واليلسات كحمامات مصغرة ومربعة يجتمع فيها أهل البيت، ومرازيم لمياه الأمطار ومكان مصغر يستعمل كالمطبخ، والذي يعج بأشهى المأكولات كالخبيص والساقو والهريس والبلاليط... إلخ وخاصة في شهر رمضان المبارك.
ثم نتكلم بنبذة بسيطة عن الأحياء الشعبية التي تكتظ بالرواد من الأجداد والآباء والشبيبة وما يدور فيها من سوالف ومناقشات ودية وطريفة، وهذا غيض من فيض لعلنا نوفق في المستقبل القريب لنتحدث عن أمور أخرى لها علاقة بتراثنا الذي نعتز ونفتخر به أمام الأجيال في قادم الأيام...
والله الموفق.