آخر تحديث: 29 / 1 / 2025م - 10:51 م

كيف تبدأ بتطوير ذاتك

تطوير الذات رحلة شاقة وممتعة ولكنها في نفس الوقت محورية في حياة كل فرد يطمح لتحقيق أهدافه وبناء مستقبله، أما لماذا شائقة فلأنها تتطلب الخروج من منطقة الراحة إلى التحدي ومن الاستقرار إلى التغيير، كما قد يواجه الشخص أوقاتا من الإحباط أو البطء في تحقيق النتائج المرجوة والمستهدفة، أما لماذا ممتعة؟ فلأنها تمنح الإنسان شعورا بالإنجاز وشعورا بالرضا نتيجة للنجاح في تجاوز الصعوبات، أما عن لماذا هي محورية فيمكن تلخيصها في النقاط الأساسية.

أولا: لأنها ضرورة حياتية: ولذلك ينبغي عليك مراقبة أفكارك وعواطفك وفهم مشاعرك بشكل عميق لأن هذا سيمكنك من التمييز بين الهوية الحقيقية لك «القيم والمبادئ والمعتقدات التي تشكل شخصيتك» وما تعكسه تجاربك الشخصية أي «الانطباعات أو التصورات التي تشكلت نتيجة التجارب والخبرات التي مررت بها» فقد تكون إيجابية أو سلبية، وتؤثر على طريقة رؤيتك لنفسك وللآخرين، وعليك أن تنظر إلى نفسك بعين الناقد المتفحص لتفهم من أنت حقا بعيدا عن تأثير التجارب أو الخبرات.

ثانيا: لأنها الوقود الذي يشعل شرارة التغيير: فيحرك فيك الطاقة الداخلية ويحفزك على اتخاذ الخطوات نحو الأفضل، فكما يحتاج المحرك إلى الوقود ليعمل، تحتاج الذات والعقل والروح إلى التعلم المستمر واكتساب المهارات لتحقيق النمو والتقدم.

ثالثا: لأنها تطلق الإمكانيات الكامنة في الذات: فكثير من الناس يمتلكون قدرات كبيرة لكنها تظل خاملة دون محفز، وتطوير الذات يعمل كوقود يحفز هذه القدرات لتصبح واقعا ملموسا.

رابعا: لأنها مصدر للثقة والإلهام: حيث تعكس القوة التي يمتلكها الإنسان عندما يلتزم بتحسين نفسه وصقل مهاراته على الآخرين من حوله.

خامسا: لأنها أداة فعالة تساعدك على تطوير ذاتك بوعي ومنهجية مستدامة، فرحلة التطوير الذاتي مليئة بالتحديات ولكنها أيضا تحمل معها الكثير من الفرص، وعليك أن تكون جاهزا لتغيير روتينك وتوسيع آفاقك مستعينا بإيمانك بنفسك وبأهمية دورك في العالم.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو

لماذا الخوف والتردد؟

الحقيقة كثيرا ما نسمع من بعض الناس يشكون من الروتين والملل والإحباط وغير ذلك من الحالات النفسية التي تؤثر سلبا على حياتهم اليومية وهي غالبا ما تكون نتيجة لعدة عوامل منها عدم وجود أهداف واضحة أو غياب التخطيط السليم أو افتقارهم للتجديد والتغيير في أنشطتهم اليومية، وخاصة أيام العطل أو الدراسة أو خلال مرحلة التقاعد، ثم يقولون نريد أن نغير حياتنا، ولكن هل التغيير يأتي من دون إرادة أو رؤية أو خطة، ولذلك يقول الدكتور طارق سويدان " أن نسبة من يقومون بالتغيير هم 3% فقط، أما 97% فهم من أهل الشكاية

وكما يقول السيد حسين نجيب محمد في كتابه ”كيف تغير حياتك“ في إحصائية أجريت في جامعة ”بيل“ الأمريكية أن أقل من ثلاثة بالمائة في العالم هم فعلا الذين يعيشون حياتهم باتزان وسعادة، أما النسبة الباقية فهم يتمنون ذلك قولا لا فعلا.

ولذلك يمكن أن نقول بأنه نتيجة طبيعية عندما يواجه الأشخاص أو المؤسسات مواقف جديدة أو غير معروفة، وخاصة عندما تكون هذه المواقف مرتبطة بتغيير جذري، وبحسب ما توصل إليه علماء الأعصاب فإن مركز الخوف في الدماغ المعروف باسم ”اللوزة الدماغية“ ينشط عند الشعور بالخطر حيث يعمل على تحليل التهديدات المحيطة بالجسم وإطلاق استجابات فورية تهدف إلى حماية الإنسان مثل زيادة معدل ضربات القلب أو تحفيز إفراز هرمونات التوتر كالأدرينالين؛ مما يعيق القدرة على التفكير الإبداعي واتخاذ القرارات المدروسة، وهذا يعني أن الخوف أو التوتر يمكن أن يؤدي إلى سلوكيات سلبية تضعف القدرة على التكيف مع التغيير، ولكن يمكن التغلب على هذا الخوف من خلال اتباع الاستراتيجيات التالية:

أولا: التعرف على المخاوف وتقيمها بموضوعية بدلا من السماح لها بالتأثير بشكل سلبي والعمل على مواجهتها بجرأة بدلا من الهروب منها.

ثانيا: التركيز على الفوائد المحتملة التي قد تترتب على التغيير واستيعاب أن المخاطر جزء طبيعي من العملية التغيرية بدلا من التركيز على النتائج السلبية النهائية فقط.

ثالثا: ميل البعض من الناس إلى حب المحافظة على الأمور المألوفة، والتمسك بالعادات والتقاليد التي تعود عليها، والارتباط بالمصالح والمكاسب الشخصية التي قد تتأثر بعملية التغيير مثل الخوف من فقدان السلطة أو النفوذ أو إلحاق خسارة مالية أو معنوية به، فضلا عن الأسباب النفسية والتنظيمية والاقتصادية والفكرية ومقاومة المحيطين من الأهل والأصدقاء أو الزملاء الذين يفضلون الحفاظ على الوضع القائم.

كيف نبدأ بتغير أنفسنا

قد يتوهم البعض من الناس بأنهم لا يستطيعون أن يغيروا من عاداتهم أو تقاليدهم أو أفكارهم أو قناعاتهم متذرعين بأن هذه الأمور قد أصبحت جزءا من هويتهم وشخصيتهم أو بأنها متأصلة فيهم بشكل لا يمكن تغييره، ولكن الحقيقة هي أن الإنسان قادر على التطور والتغيير متى ما توفر لديه العزم والإرادة، فالتغيير ليس مستحيلا وليس سهلا، ولكنه عملية تبدأ بخطوات محددة، ورؤية واضحة من خلال.

أولا: الاعتراف بالحاجة للتغيير

عندما ندرك أن الوضع الحالي لم يعد يلبي تطلعاتنا أو يواكب تحديات العصر، فإننا نضع أقدامنا على أولى درجات التحول نحو الأفضل، وهذا الاعتراف هو علامة نضج ووعي بل وهو المحرك الأساسي لتحويل الأفكار إلى إنجازات والأحلام إلى واقع، وليس حالة ضعف كما يظن البعض.

ثانيا: تحديد الهدف بوضوح

كما أنه لا يمكن لسفينة أن تصل إلى وجهتها، دون أن تحدد ميناء الوصول كذلك لا يمكن للإنسان أن يحقق أحلامه وتطلعاته، دون أن يحدد بدقة ما يسعى إليه، فالحياة بلا هدف واضح هي كرحلة بلا خريطة، مليئة بالتشتت والضياع، ولذلك يمكن لخطوة بسيطة كوضوح الهدف أن تعيد تشكيل حياتك، وتضعك على الطريق الصحيح.

ثالثا: الإيمان بالقدرة على التغيير

إنه الشعور الداخلي الذي يمنحنا الأمل في مواجهة المستحيل، ويزرع في قلوبنا اليقين بأننا قادرون على تحسين أنفسنا وتغيير واقعنا مهما كانت التحديات، فكل إنجاز عظيم بدأ بإيمان بسيط بأن التغيير ممكن، وأن الظروف لا يمكن أن تحدد مصيرنا، بل إرادتنا وعزيمتنا هي التي تصنع الفارق.

رابعا: التعلم المستمر

لم يعد التعلم المستمر مجرد مفهوم نظري أو خيار جانبي يمكن تجاهله أو تأجيله، بل أصبح أشبه بنهر لا يتوقف عن الجريان أو البوصلة التي تقود الإنسان لمواجهة التغيرات، وتجاوز العقبات وصناعة الفرص. ومن أشهر الأمثلة على ذلك قصة رجل الأعمال السعودي سليمان الراجحي الرجل الذي بدأ حياته من الصفر، وعمل في مهن متعددة قبل أن يؤسس مصرف الراجحي ليصبح من أكبر المصارف الإسلامية في العالم.

خامسا: التحلي بالصبر والإصرار

الصبر هو الرفيق الذي يهدئ العواصف التي تكمن في داخلنا، ويمنحنا الوقت لرؤية الحلول بوضوح بينما الإصرار هو القوة الدافعة التي ترفض الاستسلام، وتحول الأحلام إلى حقائق، فكما أن الجبال لا تنحت إلا بقطرات من الماء تستمر بلا ككل، وكذلك أحلامنا تتحقق بالصبر والإصرار المتواصلين.

وفي الختام نذكرك أيها القارئ العزيز أن تطوير الذات، والسعي نحو تحقيق الطموحات هو قرار مصيري يحدد مسار حياتك، ويشكل مستقبلك، بل هو رحلة تبدأ من داخلك بالإرادة والعزيمة، فكل إنجاز عظيم يبدأ بفكرة، وكل تغيير إيجابي يبدأ بخطوة، لا تنتظر الظروف المثالية أو التشجيع الخارجي، بل كن أنت الدافع والمحرك لنفسك

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
ابو حيدر
[ القطيف ]: 17 / 1 / 2025م - 4:20 م
لابد أن يعرف الجميع سر توفيق الله للراجحي (حتى يستفيد من اراد ذالك) وهو دعمه السخي للمحتاجين ويكفي انه اوقف مزرعة تحوي اكثر من ثلاثة الالف نخلة لوجه الله والتي منها ياكل المحتاج من داخل المملكة وخارجه من سنوات طويلة وحتى الآن !
المهم هنا أن مسالة الخوف مسالة ضرورية للتطوير وليست عقبة (في الأساس) مثلها مثل النار التي نحتاجها للطبخ والتدفئة والتعقيم والحماية الا اننا لو لم نتحكم فيها قد تحرقنا وتحرق الاخضر واليابس ؛
والخوف كذالك له اولويات وحدود ومن لا يخاف الله لا يعبده ؛ ومن لا يخاف العقاب يسيء الادب ؛ ومن لا يخاف الجوع والفقر لا يعمل ؛ ومن لا يخاف المرض لا يسلم ومن لا يخاف العقاب يخالف القانون ويؤذي المخلوقات الأخرى !
الا أن هناك أمور خارج الارادة قد تسبب الخوف المدمر والتي تحتاج إلى ذكر الله وهذه النقطة بالذات يستحي البعض من ذكرها ولكنهم (البعض) يرجعون لله عند الشدة ؛ حيث أن النبي (ص) من وصاياه الى الأمام علي (ع) هو الذكر والدعاء في وقت الرخاء وقبل الشدة ؛؛ ونحن مثل الذي لا يفحص حتى يتمكن منه المرض !
تحياتي الحارة لكم .