المرأة السعودية والمواطنة الفاعلة لعالية فريد
«قراءة سوسيولوجية»
«لا تهيجوا النساء بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم فإنهن ضعيفات القوى والأنفس والعقول»
الامام علي بن ابي طالب .. نهج البلاغة
إن ما وصلت اليه المرأة اليوم في مملكتنا الحبيبة، لم يكن ليكون لولا تلك الجهود التي
والمفترض أن يأخذ نسقاً هادئاً يتناول جميع التغيرات الحاصلة على وضعية المرأة في بلادنا
ان خلف المكاسب التي تحققت على صعيد حقوق المرأة والطفل في بلادنا جهود كبيرة بدلها مخلصون من هذه البلاد العظيمة، سواء كانوا من النساء، أو كانوا من الرجال وبعضهم أودي وبعضهم ورجم بالحجارة، من قبل متشددين ومعارضين لحركة تعليم المرأة بعد ان قادوا حمله إصلاح لهذا الوطن ومطالبة كبيرة، وملحه في سبيل إفساح المجال للإعتراف بحقوق المرأة في التعليم والعمل ترجع هذه الجهود إلى أعوام سحيقة منذ بدايات التعليم فيما يسمى بعصر الكتاتيب قبل توحيد المملكة العربية السعودية عام 1379 هـ حيث صدرت الإرادة الملكية بافتتاح مدارس لتعليم البنات في المملكة، ولم يتحقق ذلك الا بعد ضغط ومطالبات ملحة منذ عام 1345 هـ 1926 م عندما أصدر الكاتب «محمد حسن عواد» كتابه الشهير «خواطر مصرحة» مخصصاً فيها مقال عن المرأة بعنوان «كيف تكونين؟؟» مطالباً بتعليمها ثم بدأت الدعوات الأخرى المطالبة بذلك في الصحافة منذ عام 1351 وهكذا. يمكنكم مراجعه كتاب:
«القشعمي، محمد بن عبد الرزاق - المرأة في المملكة العربية السعودية كيف كانت وكيف أصبحت» ص 26، ط 1,1436 هـ 2015 م، دار المفردات للنشر، الرياض المملكة العربية السعودية.
والكاتبة عالية فريد لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة التي تكتب عن أوضاع المرأة في المملكة العربية السعودية غير أن ما يميز كتابة الكاتبة عالية الفريد هي أنها ناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل وهذا الحديث عن كتابها له اهميته
الكتاب الذي بين يدي بعنوان «المرأة السعودية والمواطنة الفاعلة قراءة في تحولات المجتمع» يقع في 350 صفحة مقسم على سته أجزاء، إضافة إلى المقدمة والفهرس، صادر عن دار الانتشار العربي الطبعة الأولى 2025 م الشارقة، الامارات العربية المتحدة.
وقبل ان نستعرض ما ناقشته الكاتبة في الأجزاء الستة نطل اطلاله سريعة على المقدمة التي كتبها الدكتور عبد الحسين شعبان «عضو اتحاد الكتاب العرب»، الذي كان مقره في دمشق الجمهورية العربية السورية، والذي يحمل «كما يقول الكاتب عن نفسه» هم التعرف على مشاعر المرأة في السعودية والتغيرات الحادثة على وضعها جاء ذلك في مقدمته للكتاب:
«ولم تكتف فريد بالترحيب بالخطوات الإيجابية، بل اخذت على عاتقها أيضاً تقديم مروحة واسعة وفرشاة عريضة من المقترحات المستمدة من فهمها الحقوقي، إضافة إلى رؤيتها الإيجابية لأهمية ودور العلاقة السليمة بين المثقف والدولة، ومثل هذه العلاقة كلما اتسمت بالثقة، فإن أصحاب القرار وأصحاب الرأي سيسهمون على نحو متفاعل ومتميز في دعم عملية التنمية ومتابعة تنفيذ مفرداتها، وفتح آفاق جديدة لها والوقوف ضد القوى الخارجية على اختلاف أهدافها ومطامعها التي تريد فرض اجندتها، وذلك بالسعي لإحداث تصدعات واختراقات من شأنها إلحاق الضرر بالمملكة وشعبها ومستقبلها.»
«آل فريد، عالية - المرأة السعودية والمواطنة الفاعلة، قراءة في تحولات المجتمع، دار الانتشار العربي، الشارقة - الامارات العربية المتحدة.» ص 8
لقد شعرت بالسعادة لصدور هذا الكتاب للكاتبة عالية آل فريد فالكتابة لدى الكاتبة عالية ليس بالأمر المستصعب. وذلك راجع لأمرين هامين
أولهما: ان الكاتبة فريد قد بدأت الكتابة والاعلام منذ زمن طويل.
ثانيا: لأن الكتابة عندها ليست ترفاً فكرياً بقدر ما هو نتاج مجموعة من الاهتمامات، فهي تكتب ما تمارسه وتناقشه وتكابده بشكل يومي فهي إضافة إلى ما تمارسه من العمل مع النساء وتوعيتهن فهي تدير مركزاً لذوي الاحتياجات الخاصة، لذلك خرجت مواضيعها موزعة على هذه الاهتمامات والكتاب في معظمه مجموعة من المقالات التي كتبتها ونشرتها الكاتبة في السنوات الأخيرة.
ومع تعاطفي معها ككاتبة ومثقفة من هذه البلاد اتمنى منها زيادة الاهتمام في الرجوع إلى المصادر والتوثيق بشكل أكبر مع ان جزءً من هذه المقالات يحمل الإحالات إلى المصادرألا انها تحتاج إلى تدقيق وزيادة، فلا يكفي ذكر المصدر، إنما ماذا استقيت من المصادر، ومن أي صفحة ايضا.
ننتظر ونرى «ان شاء الله» منها وأمثالها من الكاتبات المزيد من الكتابات بالنظر إلى عطش العالم العربي للاطلاع على مخرجات التنمية في بلادنا، ونتاجات المرأة «بشكل خاص» في المملكة العربية السعودية.
تحت هذا العنوان ناقشت الكاتبة عالية فريد مجموعة من العناوين الهامة مثل «المرأة السعودية ورؤية 2030 م، المرأة السعودية وتحديات التمكين، حقوق المرأة السعودية من المستحيل إلى الممكن، في يومها العالمي: هكذا تتقدم المرأة، أول سفيرة سعودية.. بوابة العصر الذهبي للمرأة، رحله نحو المستقبل.. تقودها المرأة السعودية، المرأة السعودية وتطلعات التنمية، المرأة ونظام مكافحه التحرش، تمكين المرأة السعودية.. اول الغيث قطرة، تحي’ للمرأة في الثامن من مارس، المرأة العربية إضاءة مشرقة، العصر الجديد للمرأة السعودية، المرأة والمشاركة في الانتخابات البلدية، المرأة والانتخابات المنافسة الشريفة أولاً، الانتخابات البلدية ومؤسسات المجتمع المدني، المرأة في مجلس الشورى، المرأة والمشاركة المنطلقات والتحديات
وتحت عنوان «المرأة والتمكين المنطلقات والتحديات» تحدثت الكاتبة عن المعوقات العامة التي تعترض طريق المرأة ومشاركتها الفعالة في غالبية المجتمعات فهي متنوعة وعديدة «معوقات سياسية ناتجه عن ضعف البنية السياسية احياناً نتيجة لحداثة الدولة، معوقات اقتصادية، مثل تزايد نسبة البطالة المتفشية بين النساء، معوقات اجتماعية ثقافية، ومعوقات نفسية، ومعوقات قانونية، وضعف التخطيط الاستراتيجي، وضعف العمل على ايجاد مراكز ابحاث ودراسات متخصصة حول واقع المرأة السعودية لتوثيقها واعتمادها وجمعها في وثيقة وطنيه واحدة.»
راجع: «آل فريد، عالية - المرأة السعودية والمواطنة الفاعلة، قراءة في تحولات المجتمع، المصدر.» الصفحات من 103-110.
وتحت عنوان الوطن والمواطنة الفاعلة ناقشت الكاتبة مجموعة من المواضيع منها:
في اليوم الوطني حب الوطن يجمعنا، اليوم الوطني السعودي والمواطنة الواعدة، تطلعات مشروعه في يوم الوطن، التعايش السلمي واستقرار المجتمع، قضية الهوية ومستقبل المواطنة، التسامح طريق المستقبل للأمة والوطن، اليوم الوطني دعوة للتسامح، عندما تتضاعف الثقة وتكبر الآمال.
وتحت عنوان «اليوم الوطني السعودي والمواطنة الواعدة» ذكرت الكاتبة ان من المهم جدا ان يكون هناك توافقاً وطنياً في البلاد، ولتحقيق هذا التوافق هناك مجموعة من المرتكزات الرئيسية اشارت اليها الكاتبة مثل الحفاظ على الوحدة الوطنية ومقوماتها، المساواة والمواطنة وتحقيق رفاهيه المواطن، العمل على تحقيق التنمية المستدامة والشاملة، محاربة الفساد بحماية مصالح الوطن، المصالحة والتقارب بين كافه المكونات الاجتماعية في البلاد، العمل على حوار وطني جاد يجمع مختلف مراكز القوى السعودية.
راجع: «آل فريد، عالية - المرأة السعودية والمواطنة الفاعلة، قراءة في تحولات المجتمع، المصدر.» الصفحات من 117-123.
اما في الجزء الثالث قضايا اجتماعية ناقشت الكاتبة «آل فريد» مجموعة من القضايا منها الانحراف الزواجي مشكله تهدد الأسر، العنف الاسري الهواجس والتطلعات، العنف ضد الأطفال أسبابه وأشكاله، المرأة ومتطلبات سوق العمل، المرأة والعمل التطوعي، العنف ضد المرأة، حقوق الإنسان بين التشريع والتنفيذ، لجان المناصحه ومكافحه الارهاب، الشرطة المجتمعية والصورة الإيجابية، دروس علمنا إياها كورونا، ما بعد كورونا وكيف نودع سنه 2020 م، العوامي احب وطنه وهام ولعاً بالقطيف، علي المصطفى فنان ووطن.
وتحت عنوان المرأة والعمل التطوعي ناقشت الكاتبة واحدة من منجزات اللجنة النسائية الثقافية في جمعية صفوى والتي كانت الكاتبة واحده من عضواتها تقول الكاتبة:
«ان العمل في اللجنة الثقافية النسائية بجمعية صفوى كانت مصدر اشعاع في المجتمع بأنشطتها المنبثقة منها وفق مقررات الجمعية ومنهجها وأهم هذه الأنشطة كانت ما يلي:
رعاية الفقراء والمحتاجين، الاهتمام بكفالة الارامل والايتام، العمل على احياء المناسبات الدينية والثقافية، اعداد دروس ومحاضرات تثقيفية صحية، دينية، أسرية واجتماعية، تأسيس مكتبه تهتم بثقافة المرأة، تصميم مجلات حائطية، اقامه معارض خاصة بإنتاج المرأة من أعمال يدوية وفنون مهاراتية، اقامه لجان تدريبيه مهنيه وغيرها الكثير.»
راجع: «آل فريد، عالية - المرأة السعودية والمواطنة الفاعلة، قراءة في تحولات المجتمع، المصدر.» الصفحات من 197-210.
في الجزء الرابع الذي عنونته الكاتبة بمسمى شؤون عربية ناقشت الكاتبة مجموعة من العناوين منها: 70 عاماً في البحث عن السلام، الربيع العربي وأزمات المنطقة، صرخات اللاجئين في العالم هل نسمعها؟
تحت عنوان قضايا حقوقية، ناقشت الكاتبة «آل فريد» مجموعة من المواضيع وهي:
حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة، معاناة ذوي الاعاقة وحقوقهم، الأسرة ودورها في حماية الطفل المعاق، اليوم العالمي لمتلازمة داون، مسؤوليتنا واليوم العالمي للتوعية بالتوحد، ذوو الاحتياجات الخاصة وأزمة كورونا، تمكين ذوي الاعاقة والنهوض بالتنمية، حقوق الإنسان ومنتدى الثلاثاء الثقافي.
وفي الجزء الأخير من الكتاب بعنوان متفرقات قانونية ناقشت الكاتبة: حقوق المرأة العاملة في ظل نظام العمل بالمملكة العربية السعودية، حقوق المعاق، حقوق السجناء والسجينات، نظام الحماية من الايذاء.
وتحت عنوان «حقوق المعاق» أوردت الكاتبة بعض حقوق «المسن المعاق» قائلة:
«من حقك كمعوق مسن أن يتم توعية الأسرة والمجتمع باحتياجاتك، من حقك التدريب وتأهيل الكوادر البشرية العاملة معك في المؤسسات والمنازل، من حقك ان تعد الأبحاث والدراسات حول الشيخوخة والاعاقة بما يخدم حالتك وحالة المسنين الآخرين المعوقين، من حقك ان توفر لك الرعاية الصحية الشاملة، وأن يعاد تأهيلك وفق برامج خاصة، من حقك ان تؤمن لك المعينات والأجهزة التعويضية، من حقك الوقاية من مخاطر العزلة بشتى الوسائل»
راجع: «آل فريد، عالية - المرأة السعودية والمواطنة الفاعلة، قراءة في تحولات المجتمع، المصدر.» ص 322.
والان وبعد ان اكملت هذه القراءة اعترف بالتقصير كون عدد صفحات الكتاب كثيرة والمواضيع متشعبة، والمجال لا يتسع للتطويل أرجو ان اكون قدمت للقارئ الكريم تنوعاً عن محتوى هذا الكتاب والمواضيع التي تطرقت اليه الكاتبة، هذه المواضيع كل واحد منها يستحق افراده في كتاب. فمن حقوق المرأة، وتغيرات اوضاعها والمشاكل والمصاعب المصاحبة لهذا التغيير، إلى الأوضاع الاجتماعية المتعلقة بالأسرة والاطفال، إلى الجوانب القانونية والحقوقية للمرأة والطفل، وقضايا المعاق في البلاد، كلها مواضيع وجيهة وجديرة بالنقاش والمحاورة، عسى الله ان يقيض لها من يتصدى للكتابة عنها من كاتباتنا العزيزات في هذه البلاد وتناولها بالتفصيل.