آخر تحديث: 19 / 1 / 2025م - 12:15 م

المشاكل المالية بين الزوجين

هاشم الصاخن *

لن أتحدث هنا عن أسباب الطلاق الشائعة في عصرنا الحالي، أو الخلافات الزوجية المتعلقة بالأبناء، أو حتى الإحصاءات المتزايدة لنسب الطلاق، والتي أصبحت موضوعا دائما للنقاش بين الكتاب ولجان الإصلاح والخبراء ورجال الدين الذين يسعون جاهدين لتقليصها، وما أود التركيز عليه في هذا المقال هو جانب آخر، قد يغفل عنه البعض على الرغم من تأثيره الكبير على العلاقات الزوجية؛ وهو المشاكل المالية بين الزوجين؛ والتي تبدأ غالبا مثل مسائل بسيطة تتعلق بالمصروفات أو القرارات المالية، وقد تتحول إلى أزمات حقيقية تهدد استقرار الحياة الزوجية، وربما تصل في بعض الحالات إلى الطلاق.

لكل أسرة نظام مالي خاص بها، وعادة ما يكون الزوج هو المسؤول الأول عن إدارة هذا النظام، كونه المعيل الرئيسي للأسرة وفقا للشرع والعرف، ويقع على عاتقه توفير متطلبات الحياة الأساسية مثل المسكن، والطعام، والشراب، والملبس، وحتى لو كانت الزوجة تمتلك مصادر دخل أو ثروة خاصة، يبقى الزوج هو المسؤول الرئيسي عن احتياجات الأسرة، وهذا الدور يتطلب من الزوج أن يدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وأن يتعامل معها بحكمة، ومن هنا فإن النقاشات العقيمة حول من يتحمل عبء الإنفاق لن تفيد العلاقة الزوجية، بل ستزيد التوتر؛ والسبب في ذلك أن هذه المسؤولية ليست فقط التزاما شرعيا، بل جوهر دوره في قيادة الأسرة.

إن العلاقة الزوجية أسمى من أن تختزل في حسابات مالية أو معادلات اقتصادية؛ فهي رابطة إنسانية تقوم على الحب، والاحترام، والتعاون، ومع ذلك قد تفتح الضغوط المالية بابا للخلافات التي تعكر صفو الحياة الزوجية؛ لذلك، من الضروري أن يدرك الطرفان أن الزواج ليس شراكة تجارية أو علاقة قائمة على تبادل المصالح، ولا يمكن تشبيهه بعلاقة بائع وزبون، بل هو تضحية متبادلة وعطاء مستمر.

ولإيصال الفكرة بشكل أفضل، دعونا نطرح بعض الأسئلة الجوهرية، ونستعرض إجاباتها التي تسلط الضوء على أبعاد هذه القضية بشكل أكثر عمقا ووضوحا.

• ما هي الحاجات الأساسية التي يجب أن يوفرها الزوج؟

الزوج ملزم شرعا وعرفا بتوفير الحاجات الأساسية مثل المنزل، والأكل، والشراب، والملبس؛ وهذه الاحتياجات هي الأساس لضمان حياة كريمة ومستقرة للأسرة.

• هل يقتصر دور الزوج على الأساسيات؟

دوره الأساسي هو تأمين الضروريات، وأما الكماليات، فهي تعتمد على قدرته المالية وظروف الأسرة، وتقديم الكماليات يعزز روح العطاء، لكن عدم توفيرها لا يعد تقصيرا إذا كانت الظروف لا تسمح بذلك.

• ماذا لو لم يتمكن الزوج من توفير التكنولوجيا أو وسائل الترفيه؟

عدم القدرة على توفير هذه الكماليات لا يعتبر تقصيرا إذا كانت إمكانياته المادية لا تسمح بذلك، والأهم هو التفاهم وترتيب الأولويات وفقا للإمكانات المتاحة.

• كيف يمكن تحقيق التوازن بين الاحتياجات والميزانية؟

يتحقق التوازن من خلال الحوار المفتوح والتفاهم المتبادل بين الزوجين، والاحترام المتبادل وتقدير ظروف الآخر أساسيان لتجنب الاتهامات بالتقصير، ويبقى التخطيط المالي الجيد هو المفتاح لإيجاد حلول تناسب احتياجات الأسرة وإمكاناتها.

• ما هو دور الزوجة في المساهمة المالية إذا كانت موظفة؟

الزوجة غير ملزمة شرعا بالمساهمة المالية، لكن مشاركتها تعتبر دعما كبيرا للأسرة، خاصة إذا كانت الظروف المادية صعبة، وهذا التعاون يدعم الشراكة الزوجية، ويخلق جوا من التفاهم والانسجام الذي ينعكس إيجابيا على الأبناء.

في آخر المطاف... إن المشاكل المالية اختبار حقيقي لمدى قوة العلاقة الزوجية وعمق التفاهم بين الزوجين، والمال وسيلة لتحقيق الاستقرار وليس غاية بحد ذاته؛ لذلك، فإن الشفافية، والحوار المفتوح، والتعاون هي أسس النجاح في تجاوز هذه المشاكل؛ لذا، اجعلوا الاحترام والتقدير المتبادل فوق كل خلاف، وتذكروا أن التفاهم والتضحية هما مفتاح بناء حياة زوجية سعيدة ومستقرة، تنعكس إيجابياتها على الأبناء ومستقبل الأسرة بأكملها.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
لقمان الحكيم
[ القديح ]: 5 / 1 / 2025م - 5:02 م
صحيح ان الزوجة غير ملزمة "فقهيا" بالمساهمة المالية في المنزل ، و لكن هل هي ايضا غير ملزمة "اخلاقيا"؟...

لماذا دائما نحث الزوج على التضحية و ايثار زوجته و ابنائه في كل شيء ، بينما نعزز في الزوجة روح الأنانية المقيتة بالقول انها غير ملزمة شرعا و كان ذلك مبرر لها ... ثم ما ذنب هذا الزوج الذي اغرق زوجته بالاموال و الهدايا من اول ايام الخطوبة و الزواج و استمر على ذلك طوال الوقت، و عندما احوجته الظروف للمساعدة المالية ، ادارت له الزوجة ظهرها بحجة انها "غير ملزمة" ..!!!

و اذا كان الانسان لا يعرف معدن صديقه الا عند الضيق، فيا ترى ما هو معدن هذه الزوجة التي دخلت الحياة الزوجية لتأخذ فقط دون ان تعطي؟ ..
سيهات