آخر تحديث: 19 / 1 / 2025م - 11:22 ص

الحدائق العامة في سطور

رائد بن محمد آل شهاب

اليوم، نعتبر الحدائق العامة شيئًا طبيعياً ومتأصلاً في البيئة الحضرية، لكن هذا لم يكن الحال دائماً. كان هناك وقت حيث كان العيش في مدينة كبيرة يعني بالنسبة للعديد من سكانها، عدم القدرة على الوصول إلى منطقة مشجرة أو خضراء.

كانت المساحات الخضراء موجودة في المدن منذ العصور القديمة، في المقام الأول كحدائق خاصة في القصور والمنازل الفخمة، كرمز للقوة والمكانة. كانت الخطوات الأولى التي اتخذت لتقريب المناطق ذات المناظر الطبيعية من المواطنين تتألف من فتح حدائق القصر الواسعة هذه للجمهور. كان بإمكان جميع سكان مدريد الذهاب إلى حديقة بوين ريتيرو للاستخدام الترفيهي منذ منتصف القرن الثامن عشر، وهي مبادرة دعمها الملك المستنير تشارلز الثالث. ومع ذلك كانت هذه حالات معزولة، واستمرت العديد من المدن في الافتقار إلى المساحات الخضراء للترفيه العام.

كانت الثورة الصناعية والحركات الجماعية للسكان نحو المناطق الحضرية تعني أن الملايين من الناس في العديد من المدن لم يتمكنوا من الوصول إلى الطبيعة، أو إلى ملاذ هادئ بعيدة عن بيئة ملوثة ومضطربة ورمادية في كثير من الأحيان.

بحلول منتصف القرن التاسع عشر، كانت الثورة الصناعية قد اخترقت المدن الكبرى في أوروبا وأميركا الشمالية، وكانت الظروف المعيشية لشرائح كبيرة من السكان الذين هاجروا من المناطق الريفية إلى المدن الكبرى للعمل في المصانع سيئة للغاية. ولم يكن لدى الغالبية العظمى من سكان هذه المدن المتنامية إمكانية الوصول إلى المناطق الطبيعية. حتى إن بعض المدن في الولايات المتحدة كانت لديها حدائق خاصة تم بناؤها لهذا الغرض ومتاحة للجمهور مقابل رسوم للأشخاص الذين يرغبون في الاستمتاع بمساحة خضراء ومناظر طبيعية وهادئة لبضع ساعات. ومع ذلك، لم يكن بوسع سوى عدد قليل من المواطنين تحمل تكاليفها.

ظهرت مدرسة فكرية تُعرف باسم ”النظافة الاجتماعية“، على هذه الخلفية ندد خبراء النظافة علناً بالوضع الذي تفاقم على مر السنين. ولمعالجة هذا الوضع، أشعلوا نقاشاً عاماً حول الظروف المعيشية وصحة السكان، وحاولوا إطلاق مبادرات واسعة النطاق في المناطق الحضرية. تم إنشاء أول الحدائق العامة الحديثة في المملكة المتحدة في منتصف القرن التاسع عشر لتوفير بيئة من شأنها أن تخفف من هذه العيوب بالنسبة للغالبية العظمى من الناس، وتساعد على تحسين صحتهم البدنية والعقلية.

زعم منتقدو هذا العنصر الحضري الجديد أن الناس لم يكونوا مستعدين لتقدير ورعاية شيء ثمين وحساس مثل أحواض الزهور، وأن الحدائق الجديدة سوف تُدمر وتُخرب في غضون أيام قليلة. ومع ذلك، أثبتت التجارب الأولى خطأهم، فقد قدر المواطنون هذه العناصر الجديدة، واحترموها باعتبارها تراثاً مشتركًا، وكانت حالات التخريب نادرة.

تعتبر حديقة بيركنهيد ”Birkenhead Park“ في ليفربول أول حديقة تم بناؤها خصيصاً للاستخدام العام. أنشأها المهندس المعماري جوزيف باكستون في عام 1847. انتشر هذا الاتجاه قريباً جداً إلى مدن مثل باريس ونيويورك. في باريس، أمر نابليون الثالث بافتتاح وتجديد الحدائق الملكية، بما في ذلك حديقة بوا دو بولون وحديقة بوا دو فينسين، في طرفي المدينة المتقابلين.

ومن هذا المنطلق، قد تلاحظ حدائق تأسست منذ ثلاث وأربعة قرون، مثل حديقة بوسطن كومن ”Boston Common“ والتي تأسست عام 1634 وهي أقدم حديقة عامة في الولايات المتحدة، وغيرها العديد من الحدائق بالولايات الأخرى. ولكن كما هو معلوم أن الولايات المتحدة قارة جديدة بالنسبة إلى أوروبا. فكما أعتقد، كان الاستخدام الأولي لحديقة بوسطن عندما تم شراء مساحة الحديقة البالغة 44 فدانًا في البداية من قبل المستعمرين البيوريتانيين الذين كانوا بحاجة إلى مرعى مشترك للأبقار. على مر السنين، تم استخدام حديقة بوسطن كومن أيضًا للتدريب العسكري والجمعيات البلدية والإعدام العلني بالقرب من شجرة الدردار. لعبت الحديقة دوراً محورياً خلال الحرب الثورية، حيث كانت بمثابة موقع لحشد الميليشيات الاستعمارية ومعسكراً لاحقًا للجنود البريطانيين.

وهذا يأخذنا إلى شخصية سبق تفكيره عصره في ذاك الزمن، سبقوني الكثيرون عن ذكر بصمات هذا الرجل الفريد من نوعه. الحاج. عبدالله بن سلمان علي الشماسي ”رحمه الله“ تولى رئاسة بلدية سيهات عام 1930، أي قبل توحيد المملكة العربية السعودية بعامين. وهذا يشير على أنه أول رئيس بلدية على مستوى البلاد.

ومن ضمن إنجازاته في البلدية، عمل على شق طريق سيهات الرئيسي الذي يربطها بالقطيف ”الذي يعرف حالياً بطريق الملك عبدالعزيز“ وتركيب أعمدة إنارة لأول مرة. والعديد من الإنجازات المشرفة والتي ذكرت تحت مقال ”عبدالله الشماسي، النزيه الذي أحب سيهات ووضع قواعد تطويرها“ بتاريخ الثاني من ديسمبر 2021 بصحيفة صبرة الإلكترونية.

وما أثار تفكيري حبة للزراعة وتأسيس منتزه سيهات العام التي فاق تأسيسها النصف قرن، التي يجمع الكثيرون بأنها من الحدائق القيادية على مستوى البلاد، حقيقة شي مذهل للعقل، أن يفكر شخص بتأسيس حديقة فاقت عمرها خمسين عاماً ويحمل أفكار تطويرية ويسلك إبداعات بدأت مسبقاً في دول متقدمة.

كنت أمارس هواية المشي بها قبل انتقالي إلى حي آخر، وخلال ثلاثة عقود أرى وأسمع فعاليات مستمرة واحدة تلو الأخرى، بدأت أتساءل مع نفسي حديقة بمساحة 45,000 ألف متر مربع، من هو الذي فكر بها. قبل عدة سنوات ذكر الوالد ”حفظه الله“ قال: رحمة الله على مؤسس هذا المعلم الجميل. وقبل يومين فقط علمت من دخل سباق مع الزمن.

في الوقت الحاضر، هناك حراك ونشاطات كثيرة في مجال المحافظة على البيئة وتطويرها، من بينها مشروع رائع، إنشاء منتزه المانجروف في مدينة سيهات، ومن المفترض الشروع بالعمل في الربع الأول من العام الحالي. نتطلع إلى المزيد والمزيد من المشروعات الصحية والبيئية كالتشجير المستمر وخلق مسطحات خضراء وبحيرات صناعية للتغلب على ظاهرة التصحر والغزو العمراني الهائل. مع مرور عقارب الساعة، ونحن نعيش العصر الحديث، ستتغير أشياء عديدة بالمدن التقليدية إلى مدن ذكية تحمل خواص مختلفة.

فالطبيعة رمز الحياة، وأنا سعيد جداً أنا أهدي كتاب ”الاتجاه السياحي“ إلى الأستاذ. سعيد بن منصور الشماسي ”أبو ميثم“، أحد أحفاد المغفور له.

الشي الملفت هنا في هذا الإهداء الثالث، بدأ بشخصية من القطيف ومن ثم سيهات، واستقر الآن بالقطيف، نعم مع الحاج المغفور له الذي أحب مدينة سيهات، ووضع قواعد تطويرها.

نسأل العلي القدير الرحمة والمغفرة في هذه السنة الجديدة 2025، ويسود الأمن والرخاء بالعالم خاصة الأمة الإسلامية، وأن يرحم والدينا ووالديكم ويحسن خاتمتنا.



How the First Public Parks were Created? Quoted by Madrid Nuevo Norte *

What are American’s Oldest Public Parks? Quoted by Jersey Griggs - Daily Passport*