آخر تحديث: 29 / 1 / 2025م - 10:51 م

صناعة الثقافة

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال

الثقافة هي حاضنة النشاط الإبداعي ونتاجه سواء أكان مادياً أو غير مادي، ويشمل جملة من المسارات لكلٍ منها نشاط وسلسلة إبداع تماهيها سلسلة قيمة اقتصادية. وتساهم الثقافة كنشاط بأكثر من 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفقاً لإحصاءات اليونيسكو، إذ أن الثقافة محرك اقتصادي متعدد التأثير؛ فهناك الصناعات الثقافيّة والإبداعيّة «الأفلام، الموسيقى، الفنّ، التصميم، الأزياء، إلخ» التي تولد قيمة مضافة للاقتصاد، وتوفّرُ الوظائف، تُعزّزُ الابتكار، وتجذبُ الاستثمارات، وتدعم الصادرات. وهناك تأثيرات متعددة تشمل السياحة بقصد التعرف على التراث الثقافي والمهرجانات والمعالم الفنيّة التي هي من المحفزات الرئيسيّة للسياحة الدوليّة. ولا يقتصر التعدي على السياحة بل يشمل التأثير أنماط الاستهلاك وتعزيز العلامة التجارية الوطنية والإبداع والابتكار.

وفي هذا السياق فثمة من يعتقد أن الفرص الواعدة في السعودية تكمن فقط في السلع الملموسة تصنيعاً واستيراداً وتصديراً، لكن حقيقة الأمر أن السعودية تزخر بكنوز تختزن فرصاً نادرةً ذات ميزة مطلقة، فكل بقعة لديها مخزون ثقافي لا مثيل له، كونه ينطوي على شواهد تاريخية وإرث حضاري مادي وغير مادي متفرد.

كنتُ في زيارة إلى منطقة ‎نجران خلال اليومين الماضيين، فوجدت ثراءً حضارياً وثقافياً ملفتاً، لفت نظري موقع“حِمى”معبر القوافل جنوب جزيرة العرب في غابر الأزمان، وموقع الأخدود واللوح الذي حفر فيه الملك“ذو نواس”متباهياً بالحريق وبغنائمهِ.

ووجدت أن الاستراتيجية الوطنية للثقافة أخذت تحرك القطاع الثقافي تحركاً نوعياً، فالاستراتيجية - كما أعلن - تعتمد على 3 أهداف رئيسية: تعزيز حضور الثقافة في المجتمع، لتصبح نمط حياة، وتطوير المواقع الثقافية، واستثمارها كمحرك للنمو الاقتصادي الوطني، وخلق فرص للتبادل الثقافي الدولي.

وفي هذا النسق سجلت اليونيسكو المواقع السعودية التالية:

- الحِجر «مدائن صالح»

- حي الطريف

- جدة التاريخية

- الفنون الصخرية في جبة والشويمس

- واحة الأحساء

- منطقة حِمى الثقافية

- محمية عروق بني معارض

السؤال الحائر في ذهني: ومع وجود الصندوق الثقافي «ببرامجه: التمويل الثقافي، الاستثمار، الحوافز، الاستشارات، القسائم، بناء القدرات»، ما الاستثمارات التي ضخها القطاع الخاص لتوظيف الفرص الثقافية؟ بالتأكيد ثمة استثمارات، لكن مقصد السؤال: هل هي كافية لتحقيق التطلعات؟ ولتحويل المكنوز الثقافي إلى فعل اقتصادي مستدام؟

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى