آخر تحديث: 22 / 1 / 2025م - 9:52 م

كيف يكون لنا كأس عالم شخصي؟

الدكتور مصطفى المزعل * صحيفة مال الاقتصادية

احتفلت مملكتنا الحبيبة على مختلف الأصعدة بالإعلان الرسمي من قبل الفيفا لاستضافة المملكة لكأس العالم 2034، وهو حدث استثنائي بكل المقاييس، عقب ذلك حديث عن المشاريع القادمة والتحديات التي يجب مجابهتها استعداداً لهذا الاستحقاق العالمي، حيث نتحدث هنا عن استضافة أكبر حدث عالمي، لم يأتِ إلا نتيجة همة عالية، وطموح شامخ.

يتطلب حدث مثل استضافة كأس العالم، استعدادات ضخمة في العديد من الجوانب، ابتداء من تطوير البنية التحتية المرتبطة بالطرقات، وزيادة الطاقة الاستيعابية لمرافق الضيافة، وبناء المدن الرياضية، والملاعب المناسبة، وتهيئة وسائل النقل العام، والاتصالات، ناهيك عن تهيئة الكوادر البشرية المنظمة لهذا الحدث على مستوى القيادات، والإداريين، والإعلاميين، بالإضافة للاستعداد المباشر للحدث الرئيس، عبر إعداد منتخب بمستوى الحدث، يليق بالبلد المضيف ويمثله خير تمثيل، حيث أن ذلك بحد ذاته مسار خاص، ومشروع ضخم يتطلب العمل على تهيئة جيل من اللاعبين المميزين في لعبة كرة القدم.

عديدة هي المنافع والمكاسب التي من الممكن أن تجنيها المملكة نتيجة الاستعداد لاستضافة هذا الحدث العالمي، فبعد عشر سنوات من الآن، وعقب استضافة نسخة عام 2034، سنكون أمام مكتسبات وإنجازات متراكمة إثر البناء والتطوير المكثّف على مختلف الأصعدة.

على المستوى الشخصي، من الضروري أن يكون لكل منا كأس عالم خاص به، كما يعبّر الدكتور محمد الحاجي ضمن حديث له حول استضافة المملكة لكأس العالم، استحسنت كثيراً هذا التشبيه المحفّز، فمعنى أن يكون لكل منا كأس عالم شخصي قادم، هو أن نطمح لغاية كبرى قادمة تحفزنا على العمل والاستعداد، أن نبدأ والغاية في أذهاننا كما يلخّص ستيفن كوفي «Steven Covey» في العادة الثانية ضمن كتابه الشهير“العادات السبع للناس الأكثر فعالية”.

أن يكون لكل منا كأس عالم شخصي قادم، هو أن يطمح كل إنسان لغاية عليا ما في المستقبل البعيد، فقد يرى نفسه في منصب مرموق، أو مرتبة علمية معينة، أو حال صحي، أو اجتماعي معين، حيث تحفّزه هذه الغاية أيًّا كانت للسعي والعمل نحوها، فلو طمح طبيب لأن يكون مقدماً لبرنامج طبي تلفزيوني خلال خمس سنوات، ووضع ذلك هدفاً له بكل جدية، فسيعمل جاهداً على إعداد نفسه، وتمكنّه من المواضيع الطبية التي يهدف لمناقشتها عبر الممارسة والقراءة والتدريب اللازم، وسيطوّر من مهارات الخطابة لديه، ليتمكن من إيصال معلوماته وأفكاره بأفضل صورة ممكنة، وسيبني علاقات مع الوسط الإعلامي تمكنه من الوصول والظهور على القناة التلفزيونية المناسبة.

أن تبدأ والغاية في ذهنك، يعني أن تضع هدفا بعيد المدى، وكلما كان الهدف طموحاً، وكنت به شغوفاً، ارتفعت احتمالات التزامك بالسعي نحوه رغم كل الصعاب والعقبات، وبناء على دراسة في هذا السياق للباحث في علم النفس إدوين لوك «Edwin Locke» وهو أحد أبرز الباحثين في مواضيع تحديد الأهداف وارتباط ذلك بالأداء الشخصي، فقد لوحظ أن الأشخاص الذين وضعوا أهداف طموحة ومتقدمة، كان أداؤهم أعلى ممّن وضعوا لأنفسهم أهداف متوسطة المستوى، مصداقاً لقول المتنبي:“وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام”.

دكتوراه الإدارة الهندسية التكنولوجية