آخر تحديث: 27 / 12 / 2024م - 1:40 ص

الناجح والمتربصون له

هاشم الصاخن *

النَّجاحُ هو تحقيقُ الأهدافِ والطُّموحاتِ في الحياةِ، سواء على المستوى الشَّخصي أو المجتمعي، وهو ثمرةُ العملِ الجادِّ والمثابرة، ويتطلبُ النَّجاحُ تفانيًا وجهدًا كبيرًا، بينما يأتي الفشل نتيجة لعمل غير متقن أو سوءِ تقدير، وبينَ النَّجاحِ والفشلِ علاقة وثيقة؛ فكلٌّ منهما يعكسُ نوعيةَ الجهدِ المبذولِ ومدى التَّفاني في السَّعي نحوَ الهدف.

وبما أنَّ هناكَ نجاحٌ، فبالتأكيدٍ هناكَ متربصونَ بالنَّاجحينِ، والسَّبب والدَّافع في ذلكَ قد يكونُ الحسدَ أو الغيرةَ أو النَّقصَ أو العجزَ الفكري، فهذه كلُّها أسباب تكون موجهة ضدَّ النَّاجح بشكل غيرِ عادل أو غير منطقي، على الرَّغم من أنَّ نجاحَ هذا الشَّخص قد لا يكون مرتبطًا بالفاشل، لا من قريبٍ ولا من بعيد، ومع ذلكَ، يظنُّ هؤلاء المتربصونَ أنَّ نجاحَ الآخرينَ يقللُ من قيمتِهم أو يسلِّط الضَّوءَ على تقصيرهم، وقد يشعرونَ أنَّ التَّفوقَ الذي يحققُهُ الآخرونَ يعكسُ نقصًا في قدراتِهم الشَّخصية أو يبرزُ عجزَهم عن تحقيقِ ما حققه النَّاجحون، مع أنَّ النَّجاحَ لا يرتبط بشكل مباشر بالفشلِ أو العجزِ، إلَّا أنَّ بعضَ الأفراد يختارونَ التَّفاعلَ مع هذا التَّفوق بشكل سلبي، مما يعكسُ ضعفًا في قدرتِهم على قبولِ نجاحات الآخرينَ والتَّركيزِ على تحسينِ أنفسِهم؛ لذلكَ نجدُ الفاشلينَ يبررونَ فشلَهم مقابل هذا النَّاجح من خلالِ وضعِ أكاذيب أمامَ المجتمعِ، محاولينَ في سعيهِم لتقليلِ قيمةِ النَّجاحِ تصويرَ هذا النَّجاح على أنَّه كذب وافتراء أو تزوير للحقائق؛ والسِّرُّ في استخدامِ هذه الأساليب لتشويهِ صورةِ النَّاجحين وتحويلِ الأنظار عن الجهدِ الحقيقي والتَّفاني الذي بذلوه لتحقيقِ أهدافهِم ولكن، في النِّهاية، يبقى النَّجاحُ حقيقة لا يمكن إنكارها مهما حاولَ البعضُ التَّقليل من شأنها أو التشكيك فيها.

وبالطَّبع، نجدُ ما تمَّ ذكره أعلاه موجودًا بيننا في مختلفِ الأوساطِ، سواءٌ داخل الأسرةِ أو في الأوساط المجتمعية بين الأفراد والجماعات، وفي الأوساط الدِّينية، والأطباء، والاقتصاديين، والأكاديميين، والرياضيين، وكتَّاب الرَّأي وغيرهم؛ فهذهِ الحالةُ ليست وليدةَ اليوم، بل هي ظاهرة أزلية بدأت منذ خلقَ اللهُ سبحانه وتعالى أبانا آدم عليه السَّلام، إلى أن قتل قابيل أخاه هابيل ، ونحن لا زلنا نعيش هذه الحالة الأزلية.

إذاً، كيف يمكننا أن ننهضَ ونتزكى من هذا المرض الذي ابتُلينا به؟

الطَّريق يكمنُ في الوعي الدَّاخلي، والتَّركيز على تحسينِ أنفسِنا، وتقبلِ نجاحات الآخرينَ دونَ حسد أو تشويه.

يجب أن نسعى لتحفيزِ أنفسِنا بالعملِ الجادِّ والصِّدق، وأن نغرسَ في قلوبِنا قيمةَ التَّعاون والتَّقدير بدلًا من التَّنافس السَّلبي الذي يؤدِّي إلى التَّدمير.

سيهات