نجاحك يبدأ الآن
هناك من يعتقد أن النجاح يعتمد على الحظ أو الظروف أو الدعم أو الصدفة أو… إلى ما هنالك ولكن الحقيقة أن هذه الأفكار أو الادعاءات أو التفسيرات قد تكون مجرد أوهام أو أعذار أو تبريرات واهية يختبئ خلفها من لا يريد تحمل المسؤولية، أو قد تكون مستندة إلى فهم ناقص أو تحليل محدود للمعطيات، ولذا ينبغي إعادة النظر فيها بعين النقد والتحليل المدروس، بعيدًا عن التأثيرات العاطفية أو الأحكام المسبقة، في حين أن النجاح هو قرار واع، وخطة مدروسة وجهد مستمر، وليس ما تفرضه الظروف، أو الصدفة أو الحظ أو ما هنالك، وأن كل خطوة تخطوها اليوم مهما كانت صغيرة، فإنها تشكل حجر الأساس لنجاحك، وتضعك على الطريق الصحيح، فالرحلات الطويلة تبدأ دائمًا بخطوة واحدة، وبصفتي دارسا، ومهتما بالعلوم الإدارية، وأحد ممارسيها، أشدد وأؤكد بقوة على أن النجاح لا يتحقق أو يبنى على ما ذكر؛ ولهذا دعني أطرح عليك الأسئلة التالي: وهو
لماذا البعض من الناس يصنع التاريخ، بينما يكتفي الآخرون بمشاهدته؟!
ولماذا ينجح البعض في تحويل أحلامهم إلى واقع، بينما تتلاشى أحلام الآخرين في زحام الأعذار؟!
ولماذا يجد البعض الفرصة في كل تحد، بينما لا يرى الآخرون سوى الأعذار والتبرير؟!
وهل يا ترى أنت الشخص المستعد لتكون من الذين يغيرون قواعد اللعبة، أو من الذين يكتبون التاريخ بدلا من قراءته، أو من الذين يصنعون المستقبل بدلا من انتظاره؟!
وهل تمتلك الإرادة لتترك بصمتك، وتحقق الفرق الذي يلهم الأجيال القادمة، وتفتح آفاقا جديدة للمستقبل؟!
لقد جاء اختياري للموضوع؛ نظرا لأبعاده الواسعة التي تمس جوانب الحياة المختلفة، ورغبتي في تسليط الضوء على الأسس والمحركات التي تقود إلى تحقيق النجاح كوسيلة لدفع عجلة التقدم، واستكشاف تأثيراتها الإيجابية على حياة الأفراد والمجتمع هذا أولا.
ثانيًا: قناعتي الراسخة بأن البحث في هذا الموضوع، رغم كثرة الكتب من شأنه أن يضيف فائدة وقيمة للأشخاص الحالمين، والراغبين بتحقيق النجاح في حياتهم العلمية والعملية.
ثالثًا: بعث رسالة أبوية مفادها أن النجاح ليس حكرا على أحد، بل هو نتيجة لمزيج من الجهد والتخطيط، والتعلم المستمر، وأنه يمكن لأي شخص أن ينجح إذا ما التزم بالسعي المستمر، وتحلى بروح التحدي، والإصرار، والتفاؤل وعمل بحكمة وشغف، واستفاد من الفرص التي تمر في طريقة، مؤمنًا بأن الإرادة القوية تصنع المستحيل، وتحول الأحلام إلى واقع ملموس.
يقول الدكتور إبراهيم حمد القعيد في كتابه ”العادات العشر للشخصية الناجحة“ أن النجاح ليس فقط مجموعة من المفاهيم والمبادئ والمقولات التي نتعلمها أو نسمعها من الآخرين، بل هو عملية مستمرة من التجارب الإنسانية، والخبرات المتراكمة، والمهارات المتأصلة على فترة طويلة من الزمن، النجاح هو ”كفاح الشخصية الإنسانية، وتعاملها الفعال مع معطيات الزمان والمكان في ضوء الإمكانات والقدرات المتاحة، النجاح هو“ التعود على الحياة بطريقة معينة ومواجهة المشكلات بطريقة فاعلة مع الناس، ومتميزة مع الوقت، ومع المهنة أو العمل أو الوظيفة، وانضباط، ورؤية مدروسة ”النجاح هو“ مجموعة من العادات وبقدر ما يبني الإنسان هذه العادات، ويطورها في شخصيته، ويستثمرها في عمله، وفي حياته الخاصة والعامة يكون نجاحه، وتحدد مكانته الاجتماعية، ومستواه الوظيفي.
الناجحون هم من يعتقدون أن النجاح اختيار وليس صدفة، هم الذين يضعون أحلامهم موضع التنفيذ، هم الذين لا ينتظرون الظروف المثالية أو المناسبة، هم الذين يتحلون بالإيجابية في التفكير، والانضباط في العمل، والقدرة على إدارة الوقت بفعالية، والتحلي بالصبر والإصرار والالتزام بالقيم والمبادئ، هم الذين يؤمنون بأن النجاح ليس غاية يصلون إليها، بل رحلة مستمرة مليئة بالتطور، والتعلم، والإبداع، وهم الذين يتركون أثرا لا يمحى بأفعالهم وأقوالهم ويجعلون من نجاحهم وسيلة لإلهام الآخرين، هم الذين يصنعون التغيير، والظروف، والتاريخ والنجاح.
يمكن أن نقول إن النجاح السطحي هو النجاح المبني على المكاسب السريعة، والمظاهر الخارجية مثل ”الشهرة أو المال أو... ما هنالك دون الاهتمام الحقيقي بالقيم أو التأثير بعيد المدى أو المرتبط بشكل حقيقي برغبات الفرد وقيمه الشخصية على سبيل المثال“ الشخص الذي يطمح لشراء سيارة فاخرة فقط وفقط ليلفت الأنظار ويظهر بأنه ناجح أو... ”دون أن يكون لديه مصدر دخل مستقر، أو خطة واضحة لتحمل تكاليف السيارة أو صيانتها، بينما النجاح الحقيقي يتميز بأنه مبني على الرؤية الواضحة، والقيم الراسخة، ويهدف إلى تحقيق إنجازات ذات معنى، وقيمة للمجتمع والفرد مثل“ الشخص الذي يطمح لتأسيس شركة تقدم حلولًا تقنية، ومبتكرة لمشاكل تواجه في قطاع التجارة مع التركيز على الابتكار والتنمية المستدامة.
النجاح كما ذكرنا ليس سحرا أو سرا، بل هو ثمرة لعادات يومية يصنع بها الأفراد الأكثر تأثيرًا حياتهم، فهؤلاء الأشخاص لا ينتظرون الفرص بل يخلقونها، ولا يقفون عند حدود الممكن بل يتجاوزونها، لأنهم يدركون، ويؤمنون بأن القوة الحقيقية تكمن في استثمار اللحظة، والعمل المستمر لتحقيق الأفضل، فتراهم يتقنون فن إدارة الوقت، ويضعون الأهداف بوضوح وتخطيط محكم، ويواجهون التحديات بشجاعة وإصرار، وبإرادة لا تعرف المستحيل أو التراجع، وإذا كنت ممن يبحث عن سر النجاح أو القدوة أو التميز أو التفوق أو الإلهام لتحقيق الإنجاز أو... فتعالى معي نتبنى هذه العادات التي تبناها الناس الأكثر فعالية في هذه الحياة وهي كالتالي:
1- الاعتماد على الذات: فهو عنوان العظماء، وسر النجاح الذي يغير حياة الإنسان من التبعية إلى الريادة، أنه القوة الدافعة التي تجعل الفرد سيد نفسه، وسيد قراراته، ومالكًا لمصيره وقادرا على تحقيق طموحاته بعيدًا عن الاتكال على الآخرين في وسط العالم المليء بالتحديات والصعوبات، أنه أكثر من مجرد عادة أو مهارة أنه أسلوب حياة يفتح للفرد أبواب النجاح والتميز كالتخطيط الشخصي لتحقيق الأهداف، وإدارة الموارد بحكمة، والعمل على حل المشكلات الشخصية دون انتظار المساعدة، وتحمل المسؤولية في مواجهة التحديات، والتطوير الذاتي والمعرفي، حتى في إصلاح الأعطال البسيطة في المنزل وما إلى هنالك.
2- البدء بالقرار والنجاح في الذهن: لماذا ”البدء بالقرار والنجاح في الذهن“ يصنع النجاح؟ لأنها قاعدة ذهبية، ومبدأ من مبادئ التخطيط الشخصي والاستراتيجي، ولطالما صنعت قصص النجاح العظيمة، ووقفت خلف أعظم الإنجازات في التاريخ، فالبدء بالقرار والنجاح في الذهن يعني وضع رؤية واضحة للمستقبل لما تريد تحقيقه، حيث تصبح هذه الرؤية بمثابة خارطة طريق أو بمثابة البوصلة التي توجه خطواتك نحو أهدافك بثبات ووعي
3- الأولويات أولا أو الأهم أولا: ففي عصرنا الحالي أصبح التشتت سيد المشهد، حيث يقفز أمامنا في كل لحظة إشعارات الهواتف الذكية، ورسائل البريد الإلكتروني، والمكالمات المفاجئة وغيرها من المشتتات الرقمية التي لا تنتهي، وتضاف إلى ذلك ضغوطات الحياة اليومية التي تتراكم مع مرور الوقت لتشكل عبئا إضافيًا على الفرد، مما تجعل التركيز والإنجاز تحديا حقيقيًا وتعرضه للتوتر والقلق، ومع هذا الانفجار المعلوماتي، والارتباط المستمر والمتواصل بالتكنولوجيا، أصبحت قدرتنا على الاستمرار في المهام أو حتى في تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، ومن هنا تأتي أهمية تحديد الأولويات أو الأهم أولا، لأنها بمثابة النظام العملي الذي يقود الإنسان إلى عادات يومية فعالة، تجعله يستطيع تجاوز فوضى التشتت، وبناء حياة مثمرة تقوم على الإنجاز والاتزان، وتحقيق النجاح بمعناه العميق والدائم، وعليه يمكن القول ”بأن التشتت هو العدو الأول للنجاح، ولكنه ليس أقوى من العادات الصحيحة التي تجعل ترتيب الأولويات جزءًا من حياتنا اليومية“ ولنتذكر دائمًا أن الإنجاز العظيم يبدأ بخطوة واحدة وهي ”الأهم أولا“.
4- الشحن والتجديد المستمر للذات: وهو سر التميز في عالم لا مكان فيه للثابتين في أماكنهم، أنه الفارق بين من يعيش حياته كمتفرج، وبين من يكون البطل في قصته الخاصة، فالإنسان يقف أمام خيارين إما البقاء حيث هو أو السعي نحو التجديد المستمر للذات، فالخيار الأول يضعك في دائرة الجمود حيث تتكرر الأيام دون معنى أو تتكرر الأخطاء وتتقلص الفرص، بينما الخيار الثاني يمنحك الفرصة لاكتشاف العوالم الجديدة من النجاح والتطور، فالذات البشرية أشبه بشجرة تحتاج إلى الرعاية، والتجديد المستمر لتنمو وتثمر، أو أشبه بالبطارية التي تشحن مرارا وتكرارًا لتمد الأجهزة بالحياة والطاقة، فتخيل إنسانًا يفعل الشيء ذاته مع نفسه شاحنا ذاته بالمعرفة، وبالتجارب الجديدة، وبالتطور المستمر، فإن هذا الإنسان وبدون شك سيتحول إلى طاقة لا تنضب، وإلى مصدر إلهام، وإبداع مستمر قادر على تحقيق الإنجازات، وتجاوز التحديات مهما عظمت، ولذلك فإن النجاح مهارة، وسلوك، وهو مثل البذرة التي تحتاج إلى رعاية وصبر لتزهر وتثمر أو كالنهر الذي يتدفق بانتظام ليصل إلى هدفه، أو كالنبتة التي تنمو بتوازن بين الجذور الراسخة، والرعاية المستمرة، أو كالشعلة التي تحتاج إلى الوقود المستدام لتبقى مضيئة في وجه التحديات.
1- لأن النجاح هو الطريق الذي يمنح لحياتنا قيمة ومعنى، وهو الوسيلة التي نعبر بها عن شغفنا وطموحاتنا ونثبت بأننا قادرون على صنع أثر في هذا العالم.
2- لأن النجاح هو الحياة، وهو القوة التي تدفعنا لتجاوز العراقيل والعقبات، ويحقق أحلامنا، ويترك بصمات لا تنسى في عالم مليء بالتحديات والصعوبات ومثال على ذلك قصص رواد الأعمال الذين انطلقوا من الصفر وحققوا إنجازات غيرت وجه العالم، ”كشركة آبل“ التي أسسها ستيف جوبز من الصفر.
3- لأن النجاح ليس رفاهية، بل هو واجب إنساني لتحقيق الذات، والمشاركة الفاعلة في بناء المستقبل الأكثر ازدهارًا، وابتكارًا، وكمثال على ذلك الأطباء في مواجهة الأوبئة، فقد أثبت الأطباء، والعاملون في المجال الصحي خلال جائحة كورونا، أن النجاح ليس رفاهية، بل واجبًا إنسانيًا، فلم يكن نجاحهم في التشخيص، والعلاج، وابتكار اللقاحات خيارًا للتميز الشخصي أو النجاح الفردي، بل مسؤولية أخلاقية، وإنسانية، لإنقاذ أرواح الملايين من الناس وحماية البشرية من الكارثة الوبائية
4- لأن النجاح هو المحرك الأساسي لتحقيق الذات، والتميز في الحياة، وكمثال على ذلك الناشطة العالمية الباكستانية ”ملالا يوسفزاي“ في مجال حقوق التعليم، والسيد ”إيلون ماسك ”رائد الأعمال والمبتكر في مجالات التكنولوجيا والطاقة، والرئيس الأفريقي ”نيلسون مانديلا“ وغيرهم من الأمثلة الحية التي تشير إلى أن النجاح هو المحرك الأساسي لتحقيق الذات والتميز في الحياة، وهناك الكثير والكثير.
وفي الختام: تذكر أيها القارئ الفاضل ”أن النجاح ليس مجرد محطة تصل إليها أو حلما ينتظر أو مجرد فكرة نمر بها، أو غاية نتأملها، بل هو رحلة تبدأ بلحظة قرار، لتحويل الأحلام أو التمنيات إلى واقع“.