آخر تحديث: 26 / 12 / 2024م - 1:42 م

مترو الرياض.. خطوة حضارية

دكتورة لمياء عبدالمحسن البراهيم * صحيفة اليوم

يمثل مترو الرياض علامة فارقة في تاريخ النقل العام بالمملكة العربية السعودية، حيث يجسد رؤية طموحة لحل مشكلات الازدحام المروري وتحسين جودة الحياة في العاصمة.

انطلقت فكرة المشروع برؤية استراتيجية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - حينما كان أميرًا لمنطقة الرياض، ليكون وسيلة نقل حضارية تلبي تطلعات النمو السكاني المتزايد. ومع رؤية المملكة 2030، حظي المشروع باهتمام بالغ، حيث تم تطبيق أعلى معايير الجودة والسلامة تحت متابعة دقيقة لضمان تحقيق نتائج تليق بتطلعات القيادة والمواطنين.

لكن نجاح مترو الرياض لا يقتصر على تشغيله فحسب، بل يتطلب تكامل الخدمات المرتبطة به، وهو ما يجعل استحضار تجارب النقل الجماعي في المملكة أمرًا ضروريًا. ولعل أبرز مثال على نجاح النقل العام يمكن أن يُستمد من المنطقة الشرقية، حيث شكّلت باصات شركة أرامكو السعودية تجربة رائدة في تنظيم النقل الجماعي. فعلى مدار عقود، كانت باصات أرامكو نموذجًا يحتذى به من حيث الكفاءة والوصول، إذ غطت مختلف القرى والأحياء وسهلت وصول الموظفين إلى أعمالهم بدقة وانضباط وكذلك عوائلهم للخدمات الطبية.

وبالإضافة إلى باصات أرامكو، عُرفت المنطقة الشرقية باستخدام النقل الجماعي بشكل واسع، سواء عبر الحافلات العامة أو باصات كليات البنات، التي وفرت وسيلة نقل آمنة وفعالة للطالبات، ما ساهم في تعزيز ثقافة الاعتماد على وسائل النقل الجماعي كخيار عملي واقتصادي. هذه التجارب أثبتت أن توفير وسائل نقل مريحة ومنتظمة لا يحل فقط مشكلات التنقل، بل يغير من سلوك الأفراد تجاه وسائل النقل العام.

لضمان نجاح مترو الرياض، يصبح من الضروري استكمال هذا المشروع بخدمات الباصات الترددية التي تخدم الأحياء السكنية والمواقع البعيدة عن محطات المترو. يمكن لهذه الباصات أن تُدار بتنسيق مع الجهات الوظيفية مثل الشركات الكبرى والوزارات والهيئات، والمستشفيات، والجامعات، والأسواق المركزية، بحيث توفر نقاط تجمع محددة وتضمن التكامل بين المترو والنقل البري. ولزيادة جاذبية هذه الخدمة، يمكن دمج تكلفة استخدام الباصات مع تذكرة المترو الشهرية، مما يسهل على المستخدمين الانتقال بين وسائل النقل المختلفة بسلاسة.

تكامل وسائل النقل العامة ليس فقط ضرورة لتخفيف الازدحام وتقليل الانبعاثات الكربونية، بل يمثل نقلة نوعية في تعزيز ثقافة النقل الجماعي في المملكة. ومع استلهام نجاحات المنطقة الشرقية وتجربة أرامكو، يمكن أن يصبح مترو الرياض نموذجًا رياديًا للنقل المستدام في المملكة، ورافدًا لتحسين حياة المواطنين وتحقيق أهداف رؤية 2030.

استشارية طب أسرة
مستشار الجودة وسلامة المرضى
مستشار التخطيط والتميز المؤسسي
كاتبة رأي