أيقونة جمال
تمتلك القدرة على تقييم المشاهدات اليومية وأيضا الشخصيات التي تمر عليك، أنت ذو فراسة، فما أكثر تلك المشاهد والشخصيات والمواقف المرتبطة بها، فمنها ما يكون عابرًا ولا يستوقفك ربما لانشغالك بأمور أكثر أهمية، ولكن عندما تتكرر تلك المشاهد من نفس الشخصيات ذاتها هنا يكون الأمر مُلفتًا للانتباه فيبدأ التحليل لتلك المشاهد، وتشتغل عندك الفراسة.
السعادة مسألة نسبية وإن كانت مطلبًا نسعى إليه جميعًا، تظل هناك الكثير من النواقص التي لا تتحقق معها السعادة.
خاصة الذين يتطلعون إلى السعادة من ناحية الماديات في اعتقادهم أنها غاية ووسيلة يلهثون وراءها كالظمآن الذي يجري وراء السراب يقترب منه فلا يجده.
من الشخصيات المحيرة شخص ناجح يمتلك كل مقومات السعادة حتى لو كان ذلك ظاهريًا، بمعنى ما يظهره للآخرين، فالمواقف تظهر ما تخفيه أوعية القلوب.
فراشة جميلة زاهية الألوان خفيفة الظل متألقة، لو ظلت على طبيعتها لكانت أيقونة من أيقونات الجمال.
تحاول دائمًا أن تجتذب إليها الآخرين بالمبالغة الزائدة في تقديم الهدايا للالتفات إليها طلبًا للإطراء وفرض وجودها في المحيط الاجتماعي والتأكيد على حضورها، فالتقدير للذات وتقدير الآخرين مرتبط في نظرها بين تلقي الإعجاب والتقدير وبين منح الهدايا التي هي بمثابة مفاتيح لقبول الآخرين لها وتزيد هذه الحالة المتلازمة لسلوكها إذا وجدت من ينافسها وتحولت الأضواء إلى تلك الشخصية المنافسة لها لذا فهي تلجأ إلى الإفراط في تقديم الهدايا وهذا لا يشمل الناحية المادية فحسب بل أيضا تبالغ في التودد للآخرين، مما يدل أنها وصلت إلى فقد الثقة بالنفس والخوف من التهميش.
فهذا النموذج من الشخصيات الموجودة والحاضرة بيننا قد وصلت إلى حالة من الهشاشة النفسية مما يعني أنها ترى أن العطاء المادي الذي تقدمه جسر يُصلها إلى قلوب الآخرين، وإن قيمتها ستظل فيما تقدمه من الهدايا، فهي قد حجمت وحصرت مجهودها بقيمة مادية.
الهدايا في غير محلها رشوة مبطنة، فخلف هذه الهدايا عالم يعج بالقلق والضعف والفراغ الداخلي.
لكن في المقابل قد تغفل هذه الشخصية إن العلاقة مع الآخرين لا تُبنى على الأشياء المادية التي لا تعمر علاقة، فالإعجاب والانبهار يكون لحظيًا، كمن يبني قصورًا من الرمال على الشاطئ لا تلبث الأمواج أن تهدمها.
التهادي مبدأ جميل بين البشر، أوصى به الإسلام لنشر المحبة والمودة ”تهادوا تحابوا“ لكن لا يخرج من كونه التفاتة جميلة تسعد بها الآخرين.
وإن الظهور وشّد الانتباه كشخصيات بارزة يكون بما نقدمه لمجتمعنا وللآخرين في حساب بغير مقابل إلا من الاحترام والتقدير.