العادات والأعراف: تأثيرها على الزواج وضرورة التغيير
لكل مجتمع عادات وأعراف يتصالح معها الناس، سواء كانت تلك العادات سيئة أو إيجابية. العادات تبدأ باستحسان الناس لها، وتتكرر عند مختلفهم حتى تصبح عرفاً يصعب التخلص منه. في بعض الأحيان، تساعد ظروف معينة على تكوّن ذلك العرف ونموّه، أو بمعنى أصح، هي تجارب تتكرر وتتحول إلى سلوكيات مألوفة، ويبدأ الأفراد في تقبلها باعتبارها طبيعية وصحيحة.
على سبيل المثال، عادة الضيافة في بعض المجتمعات نشأت من الحاجة إلى تعزيز الثقة والتعاون بين الناس. وقس على ذلك. كما أن التأثير الثقافي والديني له دور كبير في تحديد العادات والأعراف، مثل عادات الأعراس وما يصاحبها من مظاهر الضيافة.
ما أريد تسليط الضوء عليه في مقالي هذا هو بعض العادات التي تسللت إلينا من حيث لا ندري في مجتمعنا، ومنها ما يجري في مراسيم الزواجات، التي باتت مكلفة لكثير من الناس. بل إن هذه العادات، إذا ترسخت، قد تعطل كثيراً من الشباب عن الإقدام على الزواج.
في السابق، كان عقد القران يقتصر على عائلة العريس وعائلة العروس وبعض أفراد العائلة، لكنه اليوم أصبح حاله كحال ليلة الزفاف، يُصرف عليه الكثير من المال للضيافة ودعوات الحضور. وما إن يتخلف أحد عن حضور هذا العقد، يُعاتَب عليه من قبل الداعي. كما أصبح عقد القران مناسبة للتباهي بين الناس بأسلوب الضيافة ومكانها.
في مجتمعنا، توجد عادة مع الأسف تمنع الزوج من التعرف على زوجته إلا بعد عقد القران. وتُعد هذه الفترة فرصة للتفاهم بينهما على تكوين أسرة. إذا استقام التفاهم، نحمد الله على ذلك. لكن في بعض الأحيان، أو في كثير منها، يحدث الانفصال في هذه الفترة، سواء من الزوج أو الزوجة، لعدم التوافق
تكمن المشكلة في الخسائر التي تقع على الطرفين بعد عقد القران. وقد تكون المشكلة أقل تعقيداً لو حدث الانفصال قبل عقد القران، مقارنة بما يحدث لاحقاً، خاصة إذا كان هناك أبناء قد يصبحون ضحية زواج لم يتحقق فيه التوافق.
لا بد لنا من تغيير بعض العادات. منها أن يتم التفاهم بين الطرفين قبل عقد القران، من خلال الاتصال الهاتفي أو اللقاءات المختصرة تحت نظر العائلتين. وبعد الاختيار، يمكن السماح بمكالمات أو لقاءات مختصرة في المنزل، مما يساعد على التوافق وتقليل احتمالية الانفصال.
كما ينبغي التخلص من عادة الضيافة المرهقة في مناسبات الزواج، واختصارها قدر الإمكان. لو تأملنا المجتمعات الأخرى، نجد أن الزواجات مختصرة غالباً بحضور عائلي وعدد محدود من الأصدقاء.
لو تحقق ذلك، لقلّت التكاليف، وشجع الشباب على الإقدام على الزواج، ورفع الحرج عن كثير ممن لم يستطيعوا الحضور بسبب التكاليف أو الالتزامات.
العادات والأعراف ليست ثابتة، بل يمكن أن تتغير نتيجة إصرار الناس على تعديلها. التغيير قد يبدأ بفرد يتبعه آخر، ومن ثم تتكوّن عادة جديدة وعرف جديد.
ختاماً، إن العمل على تغيير العادات السلبية يبدأ من وعي المجتمع بأضرارها، واستبدالها بعادات أكثر إيجابية ومرونة، بما يحقق مصلحة الأفراد والمجتمع ككل.