كنبش القبر
وهل الإنسان يعيش فترة زمنية عندها تتوقف عقارب الساعة، فيأخذ عليه ما يأخذ ويكون رهين هذه المدة، ويصدر فيه حكماً مصدقاً من الفكر الرجعي.
نحن لا ننفي بأن الإنسان كتلة من التاريخ لكل مرحلة فهرسة خاصة به تليها المرحلة الأخرى، ولكن هذا لا يخولنا بأن نطلق اتهامات مستقبلية غير مقرونة بالأدلة الواضحة بمجرد أن له تاريخاً مسبقاً في سن معين من حياته.
الإنسان يتغير من مرحلة لمرحلة حسب الظروف والمكان والعمر والمحيط وعوامل أخرى.
نجده في أيام المراهقة شخص يتفرد بشخصيته وعنفوانيته ومشاكسته ووووووو، ليثبت ما يثبت وينفي ما ينفي، وهذا أمر طبيعي لحدٍ ما.
وقد يتجاوز البعض الحد الطبيعي، وعندما يتقدم في العمر يدرك ما قام به، فيرجع إلى رشده وصوابه.
وكل ما تقدم في العمر يتجاوز المرء عدة أمور يكون فيها أكثر نضجاً ومرونة وعقلاً وتصرفا وحكمة وتسامح.
الفكرة التي أود أن أشير إليها بعد هذه المقدمة هناك فئة من البشر أمرهم عجيب وفكرهم غريب كأنهم خلقوا من كوكب آخر أو منذُ ولادتهم خرجوا من بطون أمهاتهم معصومين عن الخطأ، شغلهم الشاغل التفحص في تاريخ الناس وماضيهم وإصدار أحكام تعسفية عليهم ونشر مساوئهم بين أفراد مجتمعهم هؤلاء لا يدركون بأنهم يفعلون فعلاً شنيعاً كمثل نبش القبر بدون سبب أو علة شرعية.
شغلهم الشاغل تشويه سمعة الآخرين بمجرد ما لديهم من معلومات عفى عليها التاريخ، وأصبحت رماداً منسيا.
هل الإنسان وليد الماضي أم وليد اليوم.
هل الإنسان بمجرد يخطئ في ماضيه وكأنما ختم على جبهته حتى مماته.
هل الإنسان لا يعفى من الماضي.
الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه:
• ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: آية 222].
• ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ [النساء: آية 149].
• ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: آية 98].
• ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: آية 70].
وهناك الكثير من الآيات الشريفة تدل على أن الله سبحانه وتعالى غفور رحيم، ولكن للأسف بعض البشر شغلهم الشاغل وهمهم القاتل ينبشون القبور ليأكلوا لحم أخيهم ميتاً.