مترو الرياض.. حياك الله
حسب ما وصل من أخبار ستفتح ثلاثة خطوط من خطوط مترو الرياض يوم الأربعاء 27 نوفمبر مع الاشارة إلى انه لم تثبت هذه المعلومات رسميا حتى الان،، وأن أسعار التذاكر والباقات المخفضة لركاب المترو ستعلن قريباً. هذا خبر مُفرح لسكان العاصمة وزائريها، فهي بشرى سارة للتخفيف من ازدحام شوارع العاصمة مترامية الأطراف بالسيارات الخاصة.
الخبر محل الكثير من السعادة، فتجربتي الشخصية للتكيف مع الزحام هي أني ومنذ نوفمبر الماضي «أي لمدة عام بالتمام» اتخذتُ قراراً - ومطمئن أني لست الوحيد - بأن أعتمد للتنقل في الرياض على التطبيقات مثل أوبر وبولت، ولم يكن الدافع الأساس توفير المال بل حفاظاً على الوقت وعلى سلامة الأعصاب، ونتيجة لذلك القرار كم من اجتماع انجزته وسط الزحمة“وأنا متكي”، وكم من تقرير قرأته أو أنجزته وسط الزحمة وكابتن أوبر يناور بالسيارة. كانت تجربةً إيجابية إلى الحد البعيد، وأراها أفضل من الحل المعتاد «سائق خاص توظفه وسيارة خاصة ومصروف بنزين وصيانة دورية واصلاحات وتغيير كفرات ولا أنسى تكلفة التأمين الشامل ومدفوعات المخالفات المرورية»، وبالنتيجة، أشجع من يستطيع التخلي عن سيارته/ا ويبحث عن حل بديل، بما في ذلك الاصرار على العمل عن بعد، فالوقت ثمين ولابد من الحفاظ عليه وتجنب إهداره بشتى الوسائل والطرق، كما أن الوقت الضائع يمكن للفرد منا استثماره في تعزيز جودة الحياة صحياً «أن تتريض» وأسرياً واجتماعياً «صلة الرحم والتواصل مع الأصدقاء وأن تحتسي قهوتك بهدوء».
الآن وتشغيل المترو على بُعد أيام عددها أقل من أصابع اليد الواحدة، لدي سؤالان، الأول: هل يحتاج كلٌ منا لحملة اقناع حتى يتخلى عن سيارته/ا ويستخدم المترو أم أن كل منا سيتدافع مع الأخرين لتجربة ركوب المترو بدافع ذاتي دون الحاجة لمحفز؟ الاجابة - من وجهة نظري - هي نعم قاطعة أننا نحتاج حملة اقناع. وثمة تفصيل:
- أتمنى أن يكون هناك حملة تبدأ قبل يوم الأربعاء «27 نوفمبر» بوقتٍ كافٍ. وليس القصد من الحملة إيضاحات - تشغيلية - حول استخدام الركاب للمترو، فذلك لابد أنه قد أخذ في الحسبان وجاهز منذ أسابيع، وهو ليس التحدي، بل الهدف من الحملة محل الحديث هو اقناع أعرض شريحة من السكان الاقبال سريعاً خوض تجربة ركوب المترو سريعاً، والتأكد من أن تلك التجربة انسيابية وإيجابية. القصد هو“التشجيع والتحفيز”. والامر فيه تحدي منبعه تعلق كل منا بسيارته الخاصة التي توفر له خصوصية وراحة، والتي وفر من أجل شرائها أموالاً واقترض تمويلاً وكل يوم هات يا غسيل وتلميع!!
- بيان اكتمال الخدمة من نقطة الانطلاق «المنزل مثلاً» إلى نقطة المقصد «المكتب»، وهذه بحاجة إلى تطبيق يفصل لك «أنت شخصياً، بنفس طريقة“خرائط جوجل”المسار ويبين لك كذلك الوسائل المتاحة لك للانتقال من نقطة انطلاقك إلى نقطة مقصدك، ومن بينها وسيلة المترو ووسيلة باصات النقل العام الخ، وبذلك تستطيع أن تقرر.
السؤال الثاني: ما الممارس لخفض تكلفة تجربة ركوب المترو، وكيف نجعل الكفة تميل لصالح المسارعة في استخدام وسائل النقل العام اجمالاً بما في ذلك المترو؟
- تتفاوت الأساليب والمبادرات التنفيذية التي اتخذتها المدن لدفع سكانها لاستخدام المترو، ويبرز من بين تلك التجارب سنغافورة ودبي وباريس. وأقدمها وأثراها تجربة باريس، أخذاً في الاعتبار مستوى الممارسة وتنوع توجهات المبادرات والتي كثيراً تكون مصحوبة بفعاليات، وكذلك الأمر بالنسبة لمترو دبي.
- وللحديث عن تعرفة الركوب «tariff» فقد جربت عديد من المدن - وليس كل المدن - مجانية وسائل النقل العام، غالبا كبرامج تشجيع على خوض تجربة الركوب ولفترات محددة. فيما يلي بعض الأمثلة البارزة:
- سنغافورة: في يونيو 2024 دعت العموم لتجربة خط جديد للمترو والتعرف على محطاته الأربع مجاناً لفترة زمنية محددة، وضمن حزمة من الفعاليات بما في ذلك - على سبيل المثال - الفرصة للفوز بجائزة عند لعب لعبة فديو «بإسم خط المترو».
- عدد من المدن الأمريكية، مثل لوس أنجلوس تتيح مجانية استخدام المترو لأيام محددة لترويج استخدام خطوط جديدة، ويكون ذلك مصحوباً بفعاليات احتفالية وعروض ترفيهية وترويجية بالشراكة مع القطاع الخاص.
- لوكسمبورغ: في عام 2020، قررت إتاحة وسائل نقل عام مجانية على الصعيد الوطني، تهدف هذه الخطوة الجريئة إلى تقليل الازدحام المروري وتحسين جودة الهواء وتعزيز التنقل المستدام.
- تالين عاصمة إستونيا: تتمتع تالين بوسائل نقل عام مجانية للمقيمين منذ عام 2013. كان لهذه المبادرة تأثير ملموس في زيادة عدد الركاب وتقليل الازدحام المروري.
- هاسيلت، بلجيكا: تتمتع هذه المدينة بوسائل نقل عام مجانية منذ عام 1997. تم ربط هذه الخطوة بزيادة عدد الركاب وتقليل الازدحام المروري وتحسين جودة الهواء.
- دونكيرك، فرنسا: تقدم هذه المدينة الساحلية خدمات حافلات مجانية للجميع منذ عام 2018.
- أفستا، السويد: تقدم هذه المدينة خدمات حافلات مجانية منذ عام 2012.
لابد من الاستدراك بالقول أن المدن الأوربية المشار إليها أعلاه صغيرة مقارنة بالرياض، ولكن تبقى نقطة أنه لابد من التفكير في مبادرات تحفيزية تشمل عناصر عدة بما في ذلك شق التكلفة المالية، ولاسيما للفئات الأقل دخلاً والأكثر احتياجاً لاستخدام وسائل النقل العام. وليس من شكل أن افتتاح مترو الرياض حدث جوهري جدير بأن يحظى بإقبال واسع لتعظيم الأثر الاجتماعي - البيئي - الاقتصادي لمشروع هو من بين أكبر مشاريع المترو المستجدة في العالم.