في هذا الزمن.. هل ترى الأمهات صعوبة في التربية
في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للطفل، التقينا بعدد من الأمهات وطرحنا سؤال واحد عليهن ”هل ترين تربية الأبناء صعبة في هذا الزمن“
وأجمعت الأمهات على صعوبة التربية، متهمين وسائل التواصل الاجتماعي وكثرة المسؤوليات بأنها من أشد المعوقات.
تتنهد بقوة زينب القديحي وهي أم لطفلين أطفال قائلة ”التربية تحتاج لهدوء البال وهو أكثر شي تفتقده الأمهات من وجهة نظري، أعاهد نفسي يوميا قبل النوم أن أكون هادئة ولا أفقد أعصابي، ولكن هذه الوعود تتبخر صباحا مع أول موقف بين الأطفال“.
وتضيف وهي تشير لجدول مهامها المزخرف، وظيفة الأم هي الوظيفة في العالم التي لا يوجد فيها راتب ولا استقالة ولا إجازة بل عمل لـ 24 ساعة متواصلة، فالأم قبل أن تكون أم زوجة وعليها واجبات زوجية لا نهاية لها، بالإضافة إلى انها أبنة لوالدين ينتظران برها بهما ورعايتهما ولو بالسؤال اليومي.
القديحي جامعية تخصص محاسبة رفضت عددا من الوظائف واختارت أن الأمومة وظيفتها قائلة: هل عدد ساعات اليوم لدى الموظفة أكثر من 24 ساعة كيف تستطيع التوفيق بين البيت والعمل والتربية.
وترى ”أ، م“ أن الوالدين هم من يتحملون ”صعوبة التربية“ منوهة بأن ”الأب الصامت“ هو أكبر معوقات التربية فهناك الكثير ممن يكون حاضرًا في بيته ولكنه لا يلعب دوره الأساسي يرتدي طاقية الإخفاء ويختفي تحت هاتفه النقال ووسائل التواصل.
وتشير ”أ، م“ وهي موظفة بأحدى المستشفيات الحكومية إلى دور الأب الرئيسي في تربية الأبناء وتطوّرهم النفسي والفكري، ويكون ذلك من خلال حضوره المعنوي القوي في وعي الأبناء وفي لاوعيهم على حد سواء، مشددة على أن هذا الحضور يشكّل مصدرًا للسعادة وشعورًا بالأمان والثقة بالنفس والعكس كذلك فغياب دور الأب ينعكس على شخصية الأطفال.
بينما ترى غدير المسيري أن رحلة تربية الأبناء من وجهة نظرها رحلة لتهذيب النفس والتقرب لله واختبار لصبر الإنسان ومحاولة إيجاد أسس متينه لا تتزعزع عند ابنائنا عندما يواجهون المجتمع بمختلف الطبقات والفئات.
وتضيف المسيري وهي معلمة لغة إشارة في أحدى المدارس الحكومية: في يومنا الحالي تكمن الصعوبة في تعدد وتنوع المعتقدات والمبادئ المستحدثة فجارك في الحي، صديقك في المدرسة، بل وحتى في أهلك المقربون تجد تلك الأفكار ووأسس تربوية مختلفة تماما عن التي تتبناها أو دخيلة حتى على مجتمعنا بسبب الانفتاح الواسع وتنوع الأعراق ”تجد الأم فلبينية أو سورية أو أمريكية أو أب من جنسية مختلفة“
المسيري وهي أم لثلاثة أطفال، تصمت لحظات ثم تضيف: كأم أجد صعوبة في زرع قيم أؤمن بها، في كل يوم يطرح سؤال من أحد أطفالي لماذا نتحجب وهناك كبار لا يلتزمون بالحجاب، لما لا يسمح لي بالتحدث مع أصدقاء على أجهزة ألعاب الفيديو سواء بنات أم أولاد.. وغيرها من عشرات الاستفسارات.
وبحزم تؤكد على ضرورة الوعي للإجابة على هذا النوع من الأسئلة ومناقشة الأبناء بالفكر الصحيح بدون شوائب وكيفية ربط وجود الله في حياتهم وتأثير ذلك في ضبط سلوكهم.
من جهتها تقول إيمان البناي الأمومة تلك التي اعتقدنا أنها سهلة جدا وجميلة بقدر أمنياتنا ونحن ذوات ال 3 سنوات، وبعد ذلك كبرنا جدًا كأحلامنا وأصبحنا أمهات حقيقيات لنكتشف أن رحلة ”وهنا على وهن“ تتعدى التسعة أشهر لتمتد عمرا من الحب والعطاء والسعادة والتعليم والاحتواء ووضع القوانين والرعاية والاهتمام ونحن في أرجوحتي الحزم واللين تأخذنا الحياة تارة للأمام وأخرى تعيدنا للخلف.
وتضيف البناي وهم أم لثلاثة أطفال ونحن بين تربية أبائنا وبين العناوين الجاذبة تحت عنوان التربية الحديثة بين القبول والرفض أصوات شتى، مشددة على أن المسؤولية عظمن بعد تحول العالم الكبير لقرية صغيرة فلم يقتصر الخطر على خروج الأولاد خارج المنزل فأصبح الداخل أوسع مساحة وأكبر أفكار من كل حدب وصوب.
وتضيف البناي وهي مهتمة بشؤون التربية نعيش في وقت تتداخل فيه أفكار وهويات وديانات ومعتقدات بحيث أصبح الداخل والخارج خطر، مشيرة إلى أن التربية أصعب من أي وقت مضى وإذا لم يحظى الأبناء بتكاتف أسري قوي بين الأم والأب فستكثر الاختراقات مما يصعب الأمر على من حمل على عاتقه هم التربية وقرر أن يقوم بدورين بدلاً عن واحد وهذا الثقل يزداد ويصعب ويزداد صعوبة كلما كبر الأبناء.
تشرد البناي للحظات وهي تقول أؤمن أن سلاح الأم الأول في التربية هو الدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء إنك لاتهدي من أحببت لكن الله يهدي من يشاء ”أولادنا في حفظ الله ونسأل لهم الهداية والصلاح والعون لنا والقوة لتربيتهم“
من جهته يرى المرشد الاسري شفيق آل سيف أن مسألة تربية الأطفال من الأمور الصعبة والشائكة والتي تحمل عناءً كبيراً على الوالدين، منوها بأن أهم الأسباب وسائل التواصل الاجتماعي للوالدين والتي أحدثت انشغال كبير وتفكك أسري حتى وهم يعيشون تحت سقف واحد.
ويضيف بنبرة حادة بأن وسائل التواصل أخذت الوقت من الطفل أيضا وعرفته على سلوكيات وعادات غير صالحة للتربية، والأدهى من ذلك الفساد الأخلاقي وهيجان الغريزة الجنسية المبكرة لما يشاهدونه.
ويشدد ال سيف على أن التربية تحتاج لوعي ومعرفة بشخصية الطفل ومدى تفكيره والتقلبات المزاجية للبعض ونقاط القوة والضعف بالإضافة إلى اتفاق الوالدين في طريقة سليمة بعيدة عن العنف أو اللين أو الدلال المفرط وأن تكون الأسرة هي خير قدوة في الأخلاق العالية والصفات الكريمة والهدوء والصبر.
ويضيف أن تولي مسؤولية التربية للعاملة أو الحضانة بسبب انشغال الأم من الأسباب التي أدت لصعوبة التربية فلا يحصل الطفل على ساعة من الجلوس مع أمه وهذا شي مؤثر بالإضافة إلى انشغال الأب لفترات طويلة خارج المنزل.
ويستغرب ال سيف من لجوء بعض العائلات لتذليل العقبات التي تعيق التربية إلى إيقاف الإنجاب والاكتفاء بطفل واحد أو اثنين، مشددا على ضرورة النظر للمعوقات والتحديات التي نعيشها وأن نجعلها قواعد ذهبية وسلم نرتقي عليه ليوصلنا إلى التربية السليمة وإلى مجتمع صالح، فالصعوبات والمعاناة لن نتخلص منها ولكن مع استخدام الطريق الأمثل والأسلوب الديني والعلمي والسلوكي سيقلل من تلك الصعوبات.