أنثى تائهة
وأنا في طريقي إلى الأمل تعثرت ومالت أضلعي على الحجارة، أدركت في لحظة أنني في الطريق، خفت أن يراني أحد فوقفت من جديد وسرعان ما تعثرت مرة أخرى، فعندما أسندت كفي لأقف أدميتها من كثرة الزجاج المترامي، وقفت مرة أخرى وإذا بأوهام ضاحكة تمر بجانبي ففزعت، تساءلت ما بال الصورة غير واضحة في عيني؟! أدركت أن عيني لم يصبها أذى ولكن نزف الجراح أعياني، أو هكذا يبدو لي، سمعت صراخًا من بعيد ينادي ”إنه خلفك“، فركضت حتى تعبت قدماي فوقفت لأستريح وألتقط أنفاسي هنيئة، رفعت بصري فرأيت السماء صافية ودعوت الله أن ينير طريقي لأعود لموطني
ساد الظلام زوايا دربي وكلما مشيت زاد سواده، أغمضت عينيّ وناجيت الله: ”دلني يا رب“، رميت بنفسي المتعبة فوق مساحة خضراء لعل الصباح يدنو ويقترب، شممت العشب الندي حتى غلبني النعاس وسرعان ما أفزعني صوت الذئاب الجائعة، ركضت مرة أخرى فاحتميت بكهف قريب وليتني لم أفعل، فقد كان ملاذًا لتلك الذئاب ومسكنًا، شعرت بأنيابها تأكل معصمي فصرخت وقاومت حتى استطعت الخروج من جديد، ولكن نزف الجراحات أثقلني فأصبحت أترنح وأعود أصلب طولي تارة أخرى، ودموعي منهمرة، صرخت: ”أنا أستطيع وسأصل، كان الله في عوني“
اهتديت لباب في دربي أعجبتني تفاصيله فلم يكن كأي باب، وقد سمعت خلف الباب موسيقى فقلت في نفسي الحمد لله يبدو أنني وصلت، فتحته على الرغم من كثرة الجراح والضعف الجارف في أركان جسدي، ولكني لم أر سوى عجوزًا تحمل في يديها مذياعًا يصدر ذلك الصوت، وما إن رأتني حتى تحولت إلى رماد أعمى بصري وأعادني إلى كل الطرق مرة أخرى، ولكن هذه المرة أنا أعرف كافة الطرق التي مررت بها، سأتعلم وأتجنب كل ما يجرحني، فهل تظن أنني سأعود إلى كل تلك العراقيل مرة أخرى؟!
أعدك بأنني سأعود لموطني، انتظر فقط وسترى.