آخر تحديث: 7 / 11 / 2024م - 12:07 ص

ومضات معرفية من كتاب الذكاء الاصطناعي يحتاجك.. كيف يمكننا تغيير مستقبل الذكاء الاصطناعي وإنقاذ مستقبلنا

عبد الله العوامي * مقال مترجم بتصرف
  • تاريخ نشر الترجمة: 4 نوفمبر 2024 م
  • تاريخ إصدار الكتاب للغلاف المقوى: 12 مارس 2024 م
  • مؤلف الكتاب: السيدة فيريتي هاردينج Verity Harding, نبذة مختصرة عن سيرتها الذاتية تجدها في الصفحة الأخيرة.
  • المصدر: منصة الوميض التجارية Blinkist لتلخيص الكتب.
  • اسم الكتاب باللغة الإنجليزية:
  • AI Needs You: How We Can Change AI’s Future and Save Our Own

تنصل:

الترجمة هنا لا تعكس بالضرورة تأييدًا أو رفضًا لمحتوى المادة المترجمة، بل تهدف إلى نشر المعرفة وتوسيع فهم وجهات النظر المختلفة. وقد تتضمن بعض المعلومات جوانب لا تتماشى مع بعض المعتقدات أو التوجهات. هذه الترجمة ليست دقيقة تماما ولكنها تُعد محاولة جادة لنقل الفكرة الرئيسة للنص مع الحفاظ على السياق العام. من أهداف الترجمة المساهمة في توسيع آفاق التفكير ونقل الأبحاث والرؤى المتنوعة في مجالات مختلفة مثل الصحة والتقنية والاقتصاد وغيرها، مما يتيح للأفراد الوصول إلى المعلومات بلغاتهم، ويعزز التفاهم بين الثقافات ويفتح المجال لتبادل الأفكار والاستفادة منها أو نقدها بموضوعية.

تعريف مختصر للكتاب من شركة أمازون Amazon:

يعتبر هذا الكتاب بمثابة: بيان إنساني لعصر الذكاء الاصطناعي. ربما يكون الذكاء الاصطناعي هو التكنولوجيا الأكثر تحولاً في عصرنا الحاضر. ومع نمو قوة الذكاء الاصطناعي، تزداد الحاجة إلى معرفة ما هي هذه التكنولوجيا حقًا ومن هي الجهة التي تستخدمها؟ ويزعم هذا الكتاب: ”الذكاء الاصطناعي يحتاجك“ أنه من الأهمية بمكان أن يتولى المجتمع زمام المبادرة في الإجابة على هذا السؤال العاجل لكي يضمن وفاء الذكاء الاصطناعي بوعده.

تستخلص مؤلفة الكتاب السيدة فيريتي هاردينج Verity Harding دروسًا ملهمة من تاريخ ثلاث ثورات تكنولوجية في القرن العشرين - سباق الفضاء، والتخصيب في المختبر، والإنترنت - لتمكين كل منا من الانضمام للحوار حول الذكاء الاصطناعي ومستقبله المحتمل. ومن خلال مشاركة وجهة نظرها كخبيرة رائدة في مجال التكنولوجيا والسياسة، ترفض السرد السائد، الذي يقارن ظهور الذكاء الاصطناعي بظهور القنبلة الذرية. يشير التاريخ إلى الطريقة للوصول إلى مستقبل يمكن تحقيقه من خلال توجه القيم التي تحددها الديمقراطية فيها الذكاء الاصطناعي ليكون سلميًا في نواياه؛ وتقبل القيود؛ وخدمة الهدف، وليس الربح؛ وأن يكون متجذرًا بقوة في الثقة المجتمعية.

إن كتاب ”الذكاء الاصطناعي يحتاجك“ يمنحنا الأمل في أننا، نحن عموم الجمهور، قادرون على غرس الذكاء الاصطناعي في نفوسنا بقصد عميق يعكس أفضل قيمنا ومثلنا ومصالحنا، ويخدم المصلحة العامة. إن الذكاء الاصطناعي سوف يخترق حياتنا بطرق لا يمكن التنبؤ بها، ولكن من الواضح أن شكل مستقبل الذكاء الاصطناعي - ومستقبلنا - لا يمكن أن يُترك فقط لأولئك الذين يبنونه. الأمر متروك لنا لتوجيه هذه التكنولوجيا بعيدًا عن أسوأ مخاوفنا ونحو مستقبل يمكننا الوثوق والإيمان به.

المحتوى التالي هو من تلخيص منصة الوميض Blinkist. وهو مكون من مقدمة وخاتمة بالإضافة إلى 5 ومضات معرفية، وتعتبر كل ومضة تلخيصا لفصل كامل من الكتاب:

المقدمة - قوة الذكاء الاصطناعي في تحويل البشرية، ولماذا يلعب كل فرد منا دورًا في تشكيل مستقبله:

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد مادة للخيال العلمي. بل إنه موجود بالفعل، ويتطور بسرعة، ويعيد تشكيل عالمنا بطرق خفية وعميقة. فمن الخوارزميات التي تنظم خلاصات وسائل التواصل الاجتماعي إلى روبوتات الدردشة الآلية التي تجيب على استفسارات خدمة العملاء، أصبح الذكاء الاصطناعي بالفعل جزءًا من نسيج حياتنا اليومية. وهذه ليست سوى البداية.

عندما تصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي أكثر تطورا، فإنها تمتلك القدرة على إحداث ثورة في الرعاية الصحية، وتسريع الاكتشافات العلمية، ومعالجة التحديات العالمية ومنها العاجلة مثل تغير المناخ. ولكن مع توفر هذه القوة العظيمة تأتي المسؤولية العظيمة أيضا - فالقرارات التي نتخذها اليوم بشأن تطوير الذكاء الاصطناعي سوف تشكل مستقبل البشرية.

لقد حان الوقت لنا جميعا للتفاعل مع هذه التكنولوجيا التحويلية، لفهم إمكانياتها ومخاطرها، والمشاركة في توجيه مسارها.

ومضة رقم 1 - الذكاء الاصطناعي والجانب المظلم:

مدينة سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، التي تُعرف على نطاق واسع بأنها مركز لشركات التكنولوجيا الكبرى، تعمل كاستعارة حية للطبيعة المزدوجة للذكاء الاصطناعي. تخيل نفسك تمشي في شوارع المدينة. تنظر في الأعلى، وتشاهد ناطحات سحاب أنيقة تضم الرواد من عمالقة التكنولوجيا في مجال الذكاء الاصطناعي. تمثل هذه الأبراج اللامعة الإمكانات المذهلة للذكاء الاصطناعي - القدرة على حل المشكلات المعقدة، وإحداث ثورة في الصناعات، وجميعها تتخطى حدود المعرفة البشرية.

ولكن عندما تنظر إلى الأسفل، ترى واقعًا مختلفًا. فالمواطنون المشردون ينامون في مداخل المباني، وتلحظ الإدمان يسيطر على الكثير منهم، ويشهد الفقر وأزمة الإسكان كأمرين واضحين للعيان. ويعكس هذا التناقض الصارخ الجانب المظلم للذكاء الاصطناعي: الإمكانات الهائلة لهذه التكنولوجيا الثورية لتضخيم التفاوتات القائمة والعيوب المجتمعية.

وبعبارة أخرى، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعكس تطلعاتنا البشرية وعيوبنا. وكما تجسد مدينة سان فرانسيسكو الإبداع والنضال جنباً إلى جنب، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى إدامة التحيزات وتفاقم المشاكل الاجتماعية إذا لم نكن حذرين.

ولنتأمل هنا كيف تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي بالفعل في تشكيل تجربتك على شبكة الإنترنت. فهي تتولى تنظيم موجزات وملخصات وسائل التواصل الاجتماعية التي تتصفحها، وتوصي بالمنتجات، بل وتؤثر حتى على الأخبار التي تراها. ورغم أن هذا التخصيص قد يكون ملائماً، فإنه يخلق أيضاً غرفا ذات صدى مؤثر، مما يعزز المعتقدات القائمة ويعمق الانقسامات المجتمعية.

في سوق العمل، تعد أدوات التوظيف التقنية والمدعومة بالذكاء الاصطناعي بمخرجات جديرة وفاعلة. ومع ذلك، إذا تم تدريبها على بيانات تاريخية متحيزة، فقد تؤدي هذه الأنظمة إلى إدامة التمييز، وتفضيل المرشحين الذين يناسبون القوالب التقليدية وتجاهل المواهب المتنوعة.

وتُظهِر تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية ازدواجية مماثلة. إذ يمكنه تحليل الصور الطبية بدقة لا تصدق، وهو ما قد يؤدي إلى إنقاذ الأرواح. ولكن إذا كانت بيانات التدريب التي تلقتها الخوارزميات تفتقر إلى التنوع، فقد تكون هذه الأنظمة أقل فعالية بالنسبة للمجموعات غير الممثلة أو تمثيلها ناقصا، وهو ما يؤدي إلى اتساع الفجوات الصحية.

وتزعم المؤلفة أن الاعتراف بهذا الجانب المظلم أمر بالغ الأهمية. ومن خلال الاعتراف بإمكانية الذكاء الاصطناعي في تصوير وتضخيم العيوب البشرية، يمكننا العمل على مواجهة هذه الاتجاهات. وهذا يعني أننا بحاجة إلى تنويع الفئات التي تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي، والتدقيق بعناية في بيانات التدريب بحثًا عن التحيزات، والقيام بتنفيذ مبادئ وإرشادات أخلاقية قوية.

ولكن المسؤولية لا تقع على عاتق شركات التكنولوجيا وحدها فقط. فمع تزايد تكامل الذكاء الاصطناعي مع حياتك اليومية، يصبح لديك أنت دورا تلعبه أيضًا. ومن خلال البقاء على اطلاع دائم، ومساءلة أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتفاعل معها، والدعوة إلى التنمية المسؤولة، يمكنك المساعدة في تشكيل مستقبل يعمل فيه الذكاء الاصطناعي أدوارا ملموسة في تعزيز أفضل صفاتنا، وليس أسوأها.

إن التقدم غالبا ما يأتي مصحوبا بتحديات معقدة. وكما تكافح مدينة سان فرانسيسكو من أجل تحقيق التوازن بين الابتكار والمسؤولية الاجتماعية، يتعين على مجتمع الذكاء الاصطناعي أن يسعى جاهدا لتسخير الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها هذه التكنولوجيا للعمل بجدية في التخفيف من مخاطرها.

ومضة رقم 2 - مستقبل واعد ومحفوف بالمخاطر:

لقد قطع الذكاء الاصطناعي شوطًا طويلاً منذ نشأته. فما بدا ذات يوم وكأنه خيال علمي أصبح الآن جزءًا لا يتجزأ من حياتك اليومية. فمن لحظة استيقاظك والتحقق من هاتفك الذكي إلى بث فيلم في وقت متأخر من الليل وقبل النوم، يعمل الذكاء الاصطناعي وراء الكواليس، ويشكل تجاربك.

إن ثورة الذكاء الاصطناعي لا تتعلق بتوفير الراحة لنا فحسب، بل إنها تعمل على تحويل صناعات بأكملها وتخطي حدود الاكتشاف العلمي. خذ مشروع الجينوم البشري كمثال. في حين استغرق تسلسل الجينوم البشري الأول أكثر من عقد من الزمن، فإن الأدوات التقنية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي يمكنها الآن القيام بذلك في غضون ساعات. تعمل هذه القفزة على تسريع البحث الطبي، مما قد يؤدي إلى اختراقات في الطب الشخصي وعلاج الأمراض.

في مجال الزراعة، يساعد الذكاء الاصطناعي المزارعين على تحسين إنتاجية المحاصيل والحد من استخدام المياه. تخيل طائرات بدون طيار تحلق فوق الحقول، باستخدام الرؤية الحاسوبية لتحديد تفشي الآفات والإصابة بها، أو مناطق إجهاد المحاصيل. تسمح هذه التكنولوجيا بتدخلات دقيقة، مما يساعد في زيادة إنتاج الغذاء مع تقليل التأثير البيئي في نفس الوقت.

إن علم المناخ هو مجال آخر يصنع فيه الذكاء الاصطناعي ضجة كبرى. فمن خلال تحليل كميات هائلة من البيانات من الأقمار الصناعية ومحطات الأرصاد الجوية وأجهزة استشعار المحيطات، يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي التنبؤ بأنماط الطقس واتجاهات المناخ بدقة غير مسبوقة. وهذه المعلومات ضرورية لتطوير استراتيجيات للتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه.

حتى في المجالات الإبداعية، يتخطى الذكاء الاصطناعي الحدود. ربما شاهدت أعمالاً فنية تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي أو سمعت موسيقى تم تأليفها بمساعدة الخوارزميات. ورغم أن هذه الأدوات لن تحل محل الإبداع البشري، إلا أنها تفتح آفاقاً جديدة للتعبير والتعاون بين البشر والآلات.

ومع ذلك، تحذر المؤلفة من التعامل مع الذكاء الاصطناعي من خلال نظارات وردية اللون. فلكل تقدم مثير، هناك مخاطر محتملة يجب مراعاتها. فقد تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي على إدامة التحيزات، وانتهاك الخصوصية، واستخدامها للمراقبة والتلاعب. وتزعم المؤلفة أن المنظور المتوازن ضروري أثناء تعاملنا وتنقلنا عبر هذه الثورة التكنولوجية.

إن هذا التوازن يتطلب منا الاعتراف بالإمكانات الهائلة التي يتمتع بها الذكاء الاصطناعي مع مراعاة حدود إمكانياته ومخاطره. وهذا يعني الاحتفال والثناء بالكفاءة التي يحققها الذكاء الاصطناعي في أداء مهام مميزة مثل ترجمة اللغات أو التشخيص الطبي، مع رفع الصوت عبر التساؤل والتشكيك في الوقت نفسه عن الآثار المترتبة في اتخاذ القرارات التي يقودها الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل العدالة الجنائية أو الإقراض المالي.

وتؤكد المؤلفة السيدة هاردينج أنك ليس بحاجة إلى أن تكون خبيرًا في التكنولوجيا للتعامل مع هذه القضايا. وعندما يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر انتشارا في حياتك، فإن وجهة نظرك وخبراتك لها قيمة كبرى في تشكيل تطوره. وسواء كنت مدرسًا أو ممرضًا أو فنانًا أو مالكًا لشركة صغيرة، فإن رؤيتك يمكن أن تساعد في ضمان تلبية الذكاء الاصطناعي لاحتياجات المجتمعات المتنوعة.

ومضة رقم 3 - التعلم من التاريخ ومثال التلقيح الصناعي:

إن ثورة الذكاء الاصطناعي ليست التقدم العلمي الوحيد الذي أثار جدلاً أخلاقياً وحتى في التاريخ الحديث. ولنتأمل أوجه التشابه الملحوظة بين الذكاء الاصطناعي وتطور التلقيح الصناعي في المختبرات، وهو ما يسلط الضوء على الكيفية التي يتعامل بها المجتمع مع التقدم العلمي الرائد.

أحدثت تقنية التلقيح الصناعي، التي استُخدمت بنجاح لأول مرة في عام 1978 م، ثورة في مجال الطب التناسلي. وفجأة، أصبح لدى الأزواج الذين يعانون من العقم خيار جديد قوي لمساعدتهم في الحمل. ولكن هذا الاختراق لم يلق ترحيباً عالمياً في وقته. فقد أثار مناقشات مكثفة حول أخلاقيات المهنة في خلق الحياة بالمختبرات، وحالة الأجنة، وحدود التدخل البشري في الإنجاب والتكاثر.

ربما تتذكر الجدل الدائر حول الطفلة لويز براون Louise Brown, أول طفلة اختبار أنابيب. فقد احتُفل بولادتها باعتبارها معجزة وانتقدت باعتبارها غير طبيعية. هل يبدو هذا الأمر مألوفًا؟ إنه يعكس العديد من ردود الفعل التي نراها اليوم تجاه التقدم المحرز في مجال الذكاء الاصطناعي.

وكما تحدت تقنية التلقيح الصناعي المفاهيم التقليدية للحمل والأسرة، فإن الذكاء الاصطناعي يتخطى حدود ما يعنيه أن تكون ذكيا ومبدعا وحتى إنسانيا. وتثير كلتا التقنيتين أسئلة عميقة حول طبيعة الحياة والوعي.

ولقد تعاملت المجتمعات المختلفة مع تنظيم التلقيح الصناعي بطرق مختلفة إلى حد كبير. فقد تبنت بعض البلدان هذا التنظيم بسرعة، في حين فرضت بلدان أخرى قيوداً صارمة أو حظراً صريحاً. ويعكس هذا الاستجابات المتنوعة الاختلافات الثقافية والدينية والأخلاقية وهو نفس النمط الذي نشهده يتكرر حاليا مع ثورة الذكاء الاصطناعي.

ولنتأمل هنا كيف تطورت تقنية التلقيح الصناعي على مر العقود. ففي البداية كانت تستخدم في المقام الأول لعلاج العقم، ولكنها أصبحت الآن جزءاً من مشهد أوسع من التقنيات الإنجابية المساعدة. وهي تستخدم في الفحص الجيني، مما يسمح للوالدين بتجنب نقل بعض الأمراض الوراثية. ويستخدم الآباء والأمهات العازبون وغيرهم تقنية التلقيح الصناعي لبناء الأسر. وقد دفعت هذه التطورات المجتمع باستمرار إلى إعادة النظر في أطره الأخلاقية وتكييفها.

وعلى نحو مماثل، من المرجح أن يتطور الذكاء الاصطناعي بطرق لا يمكننا التنبؤ بها بالكامل، وهو ما يتطلب التأمل الأخلاقي المستمر والتكيف معها. وكما انتقلت تقنية التلقيح الصناعي من ابتكار مثير للجدل إلى إجراء طبي مقبول على نطاق واسع، فقد يسلك الذكاء الاصطناعي مسارًا من القبول التدريجي والتطوير المتواصل.

إن مثال التلقيح الاصطناعي يوضح أهمية المشاركة العامة للجمهور في تشكيل التقدم التكنولوجي. فقد لعب علماء الأخلاق وصناع السياسات وعامة الناس أدواراً في تحديد كيفية استخدام التلقيح الاصطناعي وتنظيمه. وقد ساعد هذا النهج الشامل في بناء الثقة وضمان تطوير التكنولوجيا على نحو يتماشى مع القيم المجتمعية.

عندما تفكر في مستقبل الذكاء الاصطناعي، فكر في الدروس المستفادة من التلقيح الاصطناعي. كيف قد يتحدى الذكاء الاصطناعي فهمك الحالي للذكاء، والإبداع، أو اتخاذ القرار؟ ما هي الاعتبارات الأخلاقية التي ينبغي أن توجه تطويره؟ كيف يمكننا ضمان توزيع فوائد الذكاء الاصطناعي بشكل عادل بين أفراد المجتمع؟

من خلال التعامل مع هذه الأسئلة الآن، يمكنك المساعدة في توجيه تطوير الذكاء الاصطناعي في اتجاه إيجابي. وكما وجد المجتمع طرقًا لتسخير فوائد التلقيح الاصطناعي مع معالجة المخاوف الأخلاقية، لدينا الفرصة للقيام بالشيء نفسه مع الذكاء الاصطناعي. صوتك ورؤيتك أمران حاسمان في هذه الحوار المستمر حول مستقبل التكنولوجيا والإنسانية.

ومضة رقم 4 - الذكاء الاصطناعي ودولة المراقبة:

تخيل للحظة أنك تسير في أحد شوارع المدينة، ربما في لندن أو نيويورك أو بكين. تتعقب الكاميرات تحركاتك، ويحدد برنامج التعرف على الوجه هويتك، وتتنبأ الخوارزميات بسلوكك. هذا ليس خيالًا علميًا - أنه يحدث بالفعل في العديد من أنحاء العالم. يتمتع الذكاء الاصطناعي بقدرات مراقبة فائقة، مما يجعل من الممكن مراقبة أعداد هائلة من السكان لحظة بلحظة.

في بعض الأنظمة، يمكن أن تصبح هذه التقنيات أدوات للقمع. ويمكن للحكومات استخدام الذكاء الاصطناعي لتعقب المعارضين، وقمع حرية التعبير، وفرض التوافق الاجتماعي. تقوم الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي بتحديد وتعيين درجات الائتمان الاجتماعي للمواطنين، مما يؤثر على قدرتهم على الوصول إلى الخدمات والفرص بناءً على سلوكهم وارتباطاتهم الشخصية.

ولكن المراقبة لا تقتصر فقط على الدول الاستبدادية. ففي المجتمعات الرأسمالية، تستغل الشركات تقنيات مماثلة لأغراض مختلفة. ففي كل مرة تتصفح فيها شبكة الإنترنت، أو تستخدم تطبيقًا على الهاتف الذكي، أو تقوم بعملية شراء، فإنك تولد بيانات. وتحلل أنظمة الذكاء الاصطناعي هذه المعلومات للتنبؤ بتفضيلاتك، واستهدافك بالإعلانات، والتأثير على قراراتك.

قد تبدو هذه المراقبة التي تقوم بها الشركات أقل تهديدا، ولكنها تثير مجموعة من المخاوف الأخلاقية. فبياناتك الشخصية تصبح سلعة ثمينة، غالبا ما يتم شراؤها وبيعها دون موافقتك الصريحة. ويمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي أن تعزز تحيزاتك، وتتلاعب باختياراتك، وتخلق غرف صدى رقمية تشكل نظرتك للعالم.

تكمن قوة المراقبة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في قدرتها على معالجة كميات هائلة من البيانات وتحديد الأنماط التي قد يغفلها البشر. وقد يكون لهذا تطبيقات إيجابيات مختلفة، مثل الكشف عن الاحتيال المالي أو التنبؤ بالمخاطر الصحية. ولكن هذه القوة تفرض أيضًا تحديات غير مسبوقة على الخصوصية والاستقلالية الفردية.

إن الخطاب العام القوي والتنظيم المستنير أمران ضروريان لمعالجة هذه التحديات. وكما يصارع المجتمع مع التداعيات الأخلاقية لتكنولوجيات تحويلية أخرى، يتعين علينا الآن أن نواجه تعقيدات المراقبة باستخدام الذكاء الاصطناعي.

لديك دور تلعبه في هذا الحوار. من خلال البقاء على اطلاع بكيفية جمع بياناتك واستخدامها، يمكنك اتخاذ خيارات أكثر وعيًا بشأن بصمتك الرقمية. إن دعم التقنيات التي تركز على الخصوصية والدعوة إلى قوانين أقوى لحماية البيانات هي طرق يمكنك من خلالها المساعدة في تشكيل مستقبل مراقبة الذكاء الاصطناعي.

ومن الأهمية بمكان إيجاد التوازن بين فوائد تقنيات الذكاء الاصطناعي وحماية الحقوق الفردية. وقد يتضمن هذا وضع حدود واضحة لجمع البيانات، وضمان الشفافية في عمليات اتخاذ القرارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وإنشاء آليات المساءلة لكل من يتحكم بهذه التقنيات.

ومضة رقم 5 - تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي:

لكي يعكس الذكاء الاصطناعي أفضل ما يمكنه للبشرية، بدلا من الأسوأ، يجب أن يشمل الحوار عموم الجمهور. وفي حين يؤكد الصحفيون والخبراء أن حفنة قليلة فقط من الخبراء يفهمون حقًا الآثار المترتبة على ذلك، تؤكد المؤلفة السيدة هاردينج أن تجاربك اليومية مع الذكاء الاصطناعي كنز كبير ولا يقدر بثمن، حتى لو لم تكن خبيرًا في التكنولوجيا.

تخيل سائق توصيل يتفاعل مع أنظمة التوجيه المدعومة بالذكاء الاصطناعي يوميًا. إن رؤيته حول كيفية تأثير هذه الخوارزميات على عمله لا تقل أهمية عن رؤية المطورين الذين ابتكروها. وعلى نحو مماثل، توفر تجاربك مع روبوتات الدردشة الآلية أو التعرف على الوجه أو أنظمة اتخاذ القرار الآلية وجهات نظر فريدة من نوعها يمكن أن تفيد تطوير الذكاء الاصطناعي.

وقد بدأت بعض البلدان بالفعل في الاستفادة من هذه الحكمة الجماعية. ففي المملكة المتحدة، شاركت مجموعة من المواطنين من خلفيات مختلفة في دراسة حول توقعات الذكاء الاصطناعي. وساعدت آراؤهم بشأن الشفافية والإنصاف في تشكيل سياسات الحكومة. ويعكس هذا النهج العملية الشاملة التي وجهت تنظيم التلقيح الاصطناعي قبل عقود من الزمان، مما يثبت أن القضايا التكنولوجية المعقدة يمكن أن تستفيد من مدخلات عموم الجماهير المتنوعة.

كما بدأت شركات التكنولوجيا تدرك قيمة المشاركة العامة. تخيل منتدى مجتمعي يناقش فيه السكان المحليون الآثار المترتبة على نظام إدارة حركة المرور الجديد الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي. قد تؤدي مخاوفهم بشأن الخصوصية والتنفيذ العادل إلى تحسينات مهمة قبل نشر النظام.

إذن، كيف يمكنك المشاركة؟ ابدأ بالبقاء مطلعًا. تابع أخبار الذكاء الاصطناعي كما تفعل مع أي موضوع مهم آخر. لا تقلق إذا لم تتمكن من فهم كل التفاصيل الفنية - ركز على فهم التأثيرات المجتمعية المحتملة.

ولنتأمل هنا قصة السيد أليكس Alex, الذي لاحظ أن أداة تقنية للتوظيف مدعومة بالذكاء الاصطناعي بدت وكأنها تحابي بعض المرشحين بشكل غير عادل. ومن خلال مشاركة ملاحظاته مع الممثلين المحليين والانضمام إلى المناقشات حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ساهم السيد أليكس في حوار أوسع نطاقا حول التحيز الخوارزمي.

يمكنك أيضًا إحداث فرق من خلال اختياراتك اليومية. فعندما تقوم بتنزيل تطبيق أو الاشتراك في خدمة، خذ لحظة لمراجعة كيفية استخدام بياناتك. وللعلم أن قراراتك ترسل إشارات مباشرة إلى الشركات حول الممارسات المقبولة وغير المقبولة.

يمكن أن تتخذ المشاركة أشكالاً عديدة. فقد تنضم إلى مجموعة أخلاقيات تقنية محلية، أو تشارك في استشارة حكومية، أو ببساطة تشارك تجاربك في مجال الذكاء الاصطناعي مع الأصدقاء والعائلة. ويساعد كل نقاش أو حوار في بناء جمهور أكثر اطلاعًا.

وكما تشكلت الثورة الصناعية من خلال الخطاب العام والعمليات الإجرائية الديمقراطية، فإن ثورة الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى مساهمتكم لضمان توافقها مع القيم المجتمعية. ومن خلال المشاركة الفعّالة في هذه المناقشات والحوارات، فإنكم تساعدون في إنشاء أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعود بالنفع على الجميع، وليس فقط على قِلة مختارة. وقد تساهم مشاركتكم اليوم في تشكيل عالم الغد الذي يقوده الذكاء الاصطناعي بطرق عميقة وإيجابية.

الملخص النهائي:

يعمل الذكاء الاصطناعي على تحويل عالمنا بسرعة، حيث يوفر إمكانيات هائلة للتقدم في مجالات مختلفة مثل الرعاية الصحية وعلوم المناخ، وفي الوقت ذاته يطرح مخاطر متعددة مثل انتهاك الخصوصية وتضخيم التحيزات. وكما هو الحال في الثورات التكنولوجية السابقة، فإن مشاركة الجمهور في النقاش أمر بالغ الأهمية من أجل توجيه البوصلة لتطوير الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع القيم المجتمعية والاعتبارات الأخلاقية. كل شخص، بغض النظر عن مستوى خبرته التقنية، يمتلك رؤى قيمة يمكن أن يضيفها إلى الحوار حول الذكاء الاصطناعي بناءً على تجربته اليومية مع التكنولوجيا. من خلال البقاء على اطلاع، والمشاركة في النقاشات والحوارات العامة، واتخاذ قرارات واعية بشأن استخدام البيانات، يمكن للأفراد أن يلعبوا دورًا كبيرًا في ضمان استفادة المجتمع ككل من الذكاء الاصطناعي بدلاً من تفاقم التفاوتات القائمة.

نبذة مختصرة عن المؤلفة:

السيدة فيريتي هاردينج Verity Harding شخصية بارزة في مجال سياسات وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وهي معترف بها كواحدة من أكثر 100 شخصية تأثيرًا في مجال الذكاء الاصطناعي وفقًا لمجلة تايم TIME. وهي تشغل حاليًا منصب مدير مشروع الذكاء الاصطناعي والجغرافيا السياسية في معهد بينيت للسياسة العامة بجامعة كامبريدج University of Cambridge’s Bennett Institute for Public Policy, وهي مؤسسة شركة Formation Advisory, وهي شركة استشارية تركز على مستقبل التكنولوجيا والمجتمع. تنبع خبرة السيدة هاردينج من خبرتها كرئيسة عالمية للسياسات في شركة جوجل قسم العقل العميق Google DeepMind ودورها السابق كمستشارة سياسية لنائب رئيس الوزراء البريطاني.

هذا المحتوى متوفر في مدونة فضاءات العوامي على الرابط التالي:

https://awamispaces.net/archives/1182