آدم.. الاسم والرمز
لم يمر بي «آدم» ضمن أسماء الطلاب في المرحلة الثانوية على مدى سنين طويلة، غير أني رأيته منتشرا حينما عملت مكلفا بالمدارس الابتدائية في الآونة الأخيرة، فهو يتصدر قوائم الأسماء في فصول عدة.
ولكل مجتمع اختياراته الخاصة التي تميزه عن غيره، فما هو معروف هنا فهو مجهول هناك. لقد كان هذا الاسم نادرا في جيلي ومحيطي، لئلا أقول إنه معدوم.
ومع حركة الزمن وتموجاته أحب الجيل الجديد هذه التسمية انشدادا للأصل الإنساني أبي البشر، ورغم ترسخها في الوجدان قرآنيا، إلا أنها جاءت - فيما أرى - نتيجة الانفتاح على الثقافات العالمية، والاندغام مع لحظة العولمة، فالمبتعثون مثلا وجدوا هذا الاسم شائعا في أماكن دراستهم؛ لوجوده في لغات عديدة وفي الكتب المقدسة، أو لأن كثيرا من المشاهير عرفوا به، فكأنما استحضاره جاء صورة من تجليات عودة إلى الذات، لكن من خلال الآخرين.
إن شيئا من التأمل يجعلنا نعرف كيف تتشكل الظاهرة المجتمعية أصلا وتقليدا، وكيف تتكون ذائقة الناس في عاداتهم وسلوكهم.
تفاصيل متشعبة أوردها أهل اللغة حول هذا العلم المذكر فبعضهم يرى أن نبي الله آدم - - سمي بهذا؛ لأن الله خلقه من أديم الأرض أي سطحها. وفي قول آخر أنه مشتق من الأُدمة أي السمرة، وهذا المعنى متعلق بالبشر، أما في الحيوانات، فعكسه تماما فالناقة الأدماء هي شديدة البياض.
واختلف أيضا في سبب منعه من الصرف، فهناك فريق يعتبره اسما أعجميا مثل: إبراهيم ويعقوب ويوسف، وآخرون يعتبرونه علما عربيا على وزن الفعل. وتتعدد المعاني من هذا الجذر اللغوي كالجلد والتراب والمحبة والاتفاق، ويكفينا على أية حال أن معناه العام هو الإنسان لكل الشعوب والقبائل.
الشاعر محمد الماغوط تطرق إلى إشكالية الهوية في أحد نصوصه: ”سأنجب طفلا أسميه آدم، لأن الأسامي في زماننا تهمة.“ معبرا عن الأيدلوجيا أنها تتحكم في الإنسان عبر الأحكام المسبقة والتصنيفات الضيقة، فكأنه أراد صياغة جديدة للعالم فاختار العام المشترك لكل الإنسانية.