آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 1:42 م

دع الكتب تمضي

يوسف أحمد الحسن * مجلة اليمامة

أُطلقتْ، قبل سنوات عديدة، مبادرة عالمية تقوم على فكرة أن يضع الناس الكتب التي لا يحتاجون إليها على رفوف «أو طاولات أو غيرها، صممت لهذا الغرض» في أماكن عامة لكي يأخذها آخرون فيقرؤوها ثم يعيدون تدويرها ثانية لكي يقرأها آخرون غيرهم. وقد تكون هذه الأماكن مقاهي أو مطاعم أو حدائق عامة أو حتى مطارات ومحطات قطار.

وهناك مؤسسات تطوعية مهتمة بهذه التوجه، الذي يطلق عليه «BookCrossing»؛ أي عُبور الكتب «أو الكتب تعبُر»، وتستهدف جعل العالم بأكمله مكتبة مفتوحة لمن يشاء أن يقرأ. كما يمكن عد هذه المبادرة بمنزلة نادٍ عالمي للكتاب يستهدف التشجيع على تدويره وتحويل الأمر إلى متعة اكتشاف لعالمه في أماكن غير متوقعة.

وقد أُسس موقع بنفس الاسم لهذا الغرض، يقوم مستخدموه بإنشاء حساب وتسجيل الكتب التي ينوون إطلاقها للتبادل، ويعطى كل كتاب مشارك في المشروع رمزًا، بحيث يمكن تتبع رحلته بين مستخدميه في أنحاء العالم، وفي كل محطة يصلها يمكن كتابة تعليقات حوله في الموقع.

وقد بدأت هذه المبادرة في مارس 2001 بواسطة رون هورن بيكر، وتعاون معه آخرون لتصميم الموقع وتأسيسه، وسرعان ما توسعت شعبيتها في أنحاء العالم ليصل عدد المسجلين في الموقع اليوم إلى مليون ونصف المليون شخص في أكثر من 130 دولة.

وفي عام 2004 أضيفت كلمة «BookCrossing» إلى قاموس أكسفورد، وفي عام 2007 كانت سنغافورة أول دولة تحدد 2000 موقع لتبادل الكتب من قبل مكتبتها الوطنية. بعدها تم تحديد يوم عالمي لتبادل الكتب في 21 أبريل 2014. ويقام حاليًّا مؤتمر سنوي عالمي لهذا الغرض يتغير موقعه كل عام ويتجمع فيه محبو هذا التوجه، علاوة على المؤتمرات والتجمعات المحلية.

وتتخذ فكرة تبادل الكتب بالطبع أشكالًا أخرى خلاف ما ذكرنا، مثل مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي أو قوائم بريدية أو أندية وجمعيات محلية في كل بلد.

وككل المبادرات والمشاريع فهناك من انتقدها لكونها تقلل من مبيعات الكتب الجديدة، ومن ثم تقلل من أرباح الكُتّاب ودور النشر، لكن مؤيِّديها يدافعون عنها بأنها تخلق قراء جددًا ما كان لهم أن يصبحوا كذلك لولا هذه المبادرة، وهؤلاء بدورهم سوف يبادرون إلى شراء كتب جديدة لأنفسهم وأخرى من أجل مبادلتها مع الآخرين، ومن ثَم فإنه ربما لا يكون هناك خوف من حصول كساد في سوق الكتب الجديدة بسببها. كذلك فإن المبادرة تشجع الناس على مزيد من القراءة؛ لكونها لا تكلفهم مالًا، وفي الوقت ذاته لا تنتهك حقوق الملكية الفكرية للمؤلفين، ولا تحتاج إلى إذن منهم لتبادل الكتب التي قد ترمى أو تبقى حبيسة الأرفف للأبد. وأخيرا كتب أحد ملاّك المكتبات على باب مكتبته:

أُقلب كُتباً طالما قد جمعتها - وأفنيت فيها العينَ والعينَ واليدا

وأعلم حقاً أنني لستُ باقياً - فيا ليت شعري من يُقلبها غدا

*الكتاب ليس فقط صديقًا بل يصنع لكَ أصدقاء. هنري ميللر