تضحك الدنيا
متى آخر مرة ضحكت لك الدنيا؟ وهل سمعت صوت تلك الضحكة؟ شخصيًا، يأسرني الضحك والمرح وأعتبره من روافد الإبداع في الحياة. في كتابه عن الضحك، يشير بروفين إلى أن أفلاطون وأرسطو وهوبز وكانط اعتبروا الضحك ظاهرة مزدوجة، تجمع بين الفرح والقوة الخبيثة. بينما رأى برغسون الضحك كظاهرة اجتماعية، اعتبر فرويد أن له تأثيرًا تطهيريًا، ومع ذلك، افتقر هؤلاء المنظرون إلى أسس تجريبية تدعم أفكارهم. سعى بروفين إلى استخدام أسلوب وصفي طبيعي لدراسة الضحك، لكنه وجد أن الملاحظات في المختبر تعيق فهمه.
لذا، قرر دراسة الضحك العفوي في الحياة اليومية، مستلهمًا من طرق ملاحظة الحيوانات التي اتبعتها العالمة جين غودال، بدأ بروفين بمراقبة وتسجيل الضحك في المحادثات، موثقًا 1200 حالة ضحك، حيث يتبع الضحك عادةً الكلام خلال ثانية.
وجد أن وجود جمهور ضروري للضحك، ويتطلب الحد الأدنى من العناصر متحدثًا ومستمعًا، ومن المثير للاهتمام أنه اكتشف أن المتحدثين يضحكون أكثر من المستمعين، وكان الضحك يتبع الإيقاع الطبيعي للمحادثة، وغالبًا ما يظهر بعد الجمل الكاملة وتغيرات في الصوت، على الرغم من ذلك، كان أقل من ربع التعليقات التي تسبق الضحك فكاهية، يعتقد بروفين أن الضحك يعمل على مزامنة أدمغة الضاحكين والمستمعين ويكون بمثابة إشارة للمناطق اللغوية في الدماغ. كما لاحظ فروقات بين الجنسين، حيث تضحك النساء أكثر من الرجال، بينما ينجذب الرجال لضحكات النساء.
استنتج أن النساء يضحكن لجذب الرجال، وهو ما يعتبره مشبوهًا. تشير ملاحظاته إلى أن الرتبة الاجتماعية تؤثر على أنماط الضحك في بيئات العمل، حيث يستطيع الرؤساء استدراج الضحكات من مرؤوسيهم، مما يشير إلى أن الضحك قد يكون استجابة للهيمنة. توصل بروفين أيضًا إلى أن الضحك يخضع لسيطرة واعية ضعيفة، وأن الضحك الأكثر واقعية يُستثار عبر آليات غير واعية. بعد ذلك، بدأ بروفين في تحليل الخصائص الصوتية للضحك، فوجد أن“نوتات الضحك”تتكون من مقاطع تشبه حروف العلة بتردد منخفض وإشارات تتخللها تشبه التنهدات.
كما أشار إلى أن القردة العليا لديها أصوات مشابهة لضحكات صغار الشمبانزي، ولكن قدرتهم على إنتاج هذه الأصوات محدودة، تناول بروفين أيضًا الدغدغة كعامل في تطوير الروابط الاجتماعية وعلاقة العدوى في الضحك، مشيرًا إلى أمثلة مثل“جنون البيتلز”والضحك المقدس في الطوائف الكاريزمية.
أخيرًا، يقول كيركغارد:”الرد التكتيكي الذكي الوحيد على رعب الحياة هو الضحك بكل تحدٍ وجرأة“.