أبناؤنا بين مطرقة القلق وسندان الاختبارات
اقتربت اختبارات نهاية الفصل الدراسي الأول للعام 1446 هجرية، وهي فترة قد يراها البعض عصيبة، أما الفئة الأخرى ربما ينظرون لها من إطار مختلف تماما عما يراه الطرف الأول، وما بين هذا وذاك تكمن أهداف ومطالب متشابهة فيما يراد الوصول إليه من مطالب ومعطيات مشتركة مهمة للغاية لطلابنا - فتية وفتيات - تلامس في نهاية تلك الفترة الزمنية المحددة ما يطمحون له من نتائج مبهرة وأكثر جودة لنكون بعد ذلك على موعد مرتقب نُؤسسُ من خلاله لهؤلاء الناشئة قاعدة تكوين الذات مع بداية التحصيل العلمي الجامعي لنستعد بعدها لتعميق فكرنا وتعزيز ذواتنا بما يلزم من تعليم متقن يكون مقدمة لإنجازات مثمرة وأعظم تميزا.
وكما أوضحت العديد من الأبحاث التربوية التي تطرقت لهذا المحور أنّ دور الأسرة بشكل أساسي يتركز في تهيئة الأمر لدخول هذا المعترك واجتيازه بشكل هادئ وسلس يلبي الطموح ويتمثل ذلك من خلال الدور المنوط بالأبوين في المساعدة على النمو العقلي والجسدي في المراحل المبكرة من حياة أطفالنا باعتبارهما البيئة الأساسية التي ترعى ذلك الصغير منذ نعومة أظفاره حتى يحقق ذلك الشبل العديد من الخبرات المكتسبة والسلوكيات المختلفة التي تؤثر في تبلور شخصيته ونموه النفسي والعاطفي منذ بداية مسيرة تلك الحياة المليئة بالكثير من الصعوبات المتشابكة بعضها ببعض حتى يكبر ويترعرع ومِن ثم ينتقل لبيئة ثانية لا مناص منها وهي المدرسة التي سينخرط ويتفاعل فيها مع ما تحويه من سلوكيات مختلفة من الأفعال المتباينة بحكم الكم الكبير من الأقران والزملاء وكل له مزاج مغاير عن بني أقرانه.
وخلال العملية التعليمية يأخذ الطفل بتقبل الواقع الجديد حتى تبدأ عملية الاندماج شيئا فشيئا وتصبح تلك الفترة وكأنها واقع فرض نفسه بشكل طبيعي حتى تقبل فترة الامتحانات وهي من الفترات غير المحببة لدى الأبناء حيث يبتلى بعضهم بالأرق والتوتر والاضطراب النفسي؛ لذلك نؤكد هنا على دور الأهالي في تهيئة المناخ الملائم والبيئة المريحة المناسبة حيث ينصح بتوفير مكان محدد للمراجعة والاستذكار ويكون خاليا من الضوضاء والإزعاج وتجنب العوامل التي تساعد على تشتيت الانتباه وعدم التركيز، وكذلك الابتعاد عن أجواء اللامبالاة وكل ما يتعلق بهذا الشأن كما يرجى أيضا من أرباب الأسر آباء وأمهات زرع الثقة العالية تجاه الأبناء من خلال تحفيزهم وتشجيعهم على الوصول للتفوق والإبداع، وتجنب افتعال كل ما من شأنه خلق للمشاكل الأسرية في هذا الوقت الذي هو في غاية الأهمية والإقلاع عن كل المسببات لأجواء الأزمات والمهاترات وما يصاحبه من آثار غير صحية لأبنائنا الأعزاء كالخوف والتفكير السلبي الذي ربما يأخذهم بعيدا عن متطلبات ما تقتضيه المصلحة الضرورية والمتعلقة بطبيعة تلك الحقبة الراهنة من حياة ومستقبل ذلك النشء الصاعد من شباب وشابات الوطن.
عزيزي الأب أختي الفاضلة تجدر الإشارة هنا إلى أهمية الاختبارات باعتبار تلك الخطوة هي بمثابة مؤشر غاية في الأهمية من خلاله نستطيع الوقوف على تطوير وبناء الذات كمفتاح لتوسعة الآفاق في وقتنا المُعاش حيث تعتبر الاختبارات وسيلة من وسائل الاستثمار في تطوير مهاراتنا وصقل معرفتنا وزيادة ثقافتنا وهي الخطوة الأساس نحو تحقيق ما نسعى للوصول إليه من الارتقاء بطلابنا نحو الأفضل بشكل مستديم.
كما تعتبر العملية التعليمية بمثابة حركة متجددة ومتنوعة الأبعاد وتؤثر بصورة إيجابية تجاه جوانب متطلباتنا الشخصية والحياتية كما تساعد أيضا على تحسين الوضع العام لطلاب العلوم والمعارف ورفع مستوى النمو لقدراتنا الإدراكية على المدى البعيد من خلال تأطير الأهداف وصقل الأفكار الإستراتيجية والمضي قدما نحو تحقيق المراد بخطوات راسخة ثابتة وتشمل تعلم مهارات جديدة وتوطيد العلاقات الاجتماعية وتعزيز الدافعية لروح القيادة بشكل متقن للنهوض ببلادنا نحو ما هو أجود وأفضل في جميع ميادين الإبداع وبحار المعرفة لنضمن في نهاية المراد الظفر بقاعدة كبرى من جيل يقظ وواع ومؤهل يتمتع بقدرة فائقة على إيجاد نهضة علمية عظمى بشتى صنوفها في جميع أنحاء الوطن مكسوة بالضياء والنور لصنع مستقبل حافل بالتقدم والازدهار بل ويفقه ما يجب أن يقوم به من واجبات تجاه خالقه جل في علاه وفي المقابل يحترم ويدرك ما عليه من واجبات لصالح مَن يحيطون به من أسرة ومجتمع ووطن.
اللهم نسألك يا حي يا قيوم بقدرتك التي ليس لها حد محدود أن توفق أبناءنا وأن تنير طريقهم وتسهل عسيرهم، وأن تحرسهم بلطفك يا كريم وأن تقر أعيينا بهم، كما نسألك يا قدير أن تنفع بهم العباد، وأن يكونوا ذخرا للبلاد، إنك ولي ذلك والقادر عليه يا رحمن يا رحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.