آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 1:39 م

كيف يتأثر دماغ المرأة بالدورة الشهرية وحبوب منع الحمل؟ إحدى الباحثات صورت دماغها بالرنين المغناطيسي بنفسها 75 مرة لمعرفة ذلك

عدنان أحمد الحاجي *

18 أكتوبر 2024

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 236 لسمة 2024

How does the brain react to birth control? A researcher scanned herself 75 times to find out

18 October 2024


كشف تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي المكثف عن تغيرات متسقة في الدماغ طوال الدورة الشهرية وأثناء تناول حبوب منع الحمل.

من الطقوس الصباحية التي مارستها باحثة علم الأعصاب كارينا هيلر Carina Heller لمدة 75 يومًا طوال سنة كان فحص دماغها بنفسها بجهاز تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي في جامعة مينيسوتا في المدنيتين التوأم «مينابوليس سابقًا»، حيث كانت تستلقي داخل الجهاز بلا حراك أو نوم لمدة ساعة ونصف أثناء الفحص. ووفقًا لتقديراتها، فإن كثافة هذا التصوير جعلها المرأة الأكثر خضوعًا للفحص بتصوير الدماغ في مجال البحث العلمي.

لم تكن تبحث من قيامها بهذا العمل عن لقب أو عنوان، وإنما كان هدفها هو عمل فهرسة «قائمة» بمدى التغيرات التي تطرأ على دماغها أثناء دورتها الشهرية، حين كانت تستخدم حبوب منع الحمل أو حين لم تستخدمها. النتائج التي توصلت إليها تفيد بأن مورفولوجيا الدماغ «التغيرات التي تطرأ على شكله [1] » ومدى الإتصالية بين مناطقه [أي قوة التفاعلات، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، بين مناطق الدماغ [2] ] تتغير يوميًا طوال الدورة الشهرية الطبيعية وتتأثر بحبوب منع الحمل، وفقًا للنتائج الأولية التي قدمتها في المؤتمر السنوي لجمعية علم الأعصاب لهذا العام الذي عقد في مدينة شيكاغو في الفترة من 5. إلى 9 اكتوبر 2024.

هيلر هي واحدة من كادر باحثين في مجال صحة المرأة الذين سئموا انتظار تدفق البيانات إلى مجال لم يخضع عادةً للدراسة [3] ، وبادرت بنفسها بالصعود على جهاز تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي. المزيد من البيانات يمكن أن تمنح النساء والأطباء المعالجين لهن أكثر قدرة على اتخاذ ”قرارات مستندة إلى هذه البيانات بشأن ما إذا كن يرغبن في تناول موانع الحمل أم لا“، وما هي تركيبات هذه الموانع المعينة الأنسب لهن، كما تقول هيلر، من جامعة مينيسوتا في مينيابوليس.

باحثون يفهرسون تأثيرات حبوب منع الحمل في الدماغ

”لقد أجرت هذه التجربة الصارمة بنفسها، حيث سلمت نفسها لمقتضيات العلم،“ ”ونتيجة لذلك، أصبح لدينا الآن معرفة معمقة بالدماغ البشري،“ كما تقول إميلي جاكوبس Emily Jacobs، باحثة علم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، التي تتعاون مع هيلر.

الفجوات البحثية

تحتوي موانع الحمل الفموية غالبًا على أنواع تتكون من هرمون أو هرمونين مصنعة من الهرمونات الطبيعية التي ينتجها الجسم: البروجسترون والإستروجين. هذه الهرمونات تعمل على منع الحمل بعدة طرق، بما فيها منع المبيضين من إفراز البويضة.

وافقت هيئة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة على أول وسيلة فموية «حبوب» لمنع الحمل في عام 1960. وفي غضون عامين، أصبح أكثر من مليون امرأة يتناولن ”حبوب منع الحمل“ هذه، كما أصبح معروفًا. واليوم، أكثر من 150 مليون سيدة في سن الإنجاب على مستوى العالم تستخدم حبوب منع الحمل، مما يجعلها من بين الأدوية الأكثر استخدامًا في العالم. وقد تتناول الكثير من النساء حبوب منع الحمل لأسباب لا علاقة لها بالحمل، مثل السيطرة على حب الشباب [4]  أو تنظيم الدورة الشهرية أو المساعدة في تخفيف أعراض الدورة الشهرية والصداع النصفي.

البيانات التي تراكمت على مدى عقود من الزمن بخصوص موانع الحمل هذه تفيد بأنها آمنة بشكل عام، لكن آثارها على الدماغ لم تخضع للدراسة بعد. على سبيل المثال، على الرغم من أن بعض النساء أفدن بانخفاض في حدة كل من الاكتئاب والقلق اللذين كن يعانين منهما، إلا أن نساء أخريات وجدن أن هذه الأعراض تفاقمت — والسبب غير واضح.

بدأت الكثير من النساء بتناول حبوب منع الحمل أثناء فترة البلوغ [5] ، وهي فترة حساسة للنضوج «بلوغ» الدماغ [6] ، لذا من المهم فهم مدى تأثير هذه الفترة في النمو العصبي [تطوير الدماغ للشبكات العصبية المسؤلة عن نقل الرسائل العصبية إلى أعضاء الجسم ومنها إليه والتي لها تأثير في قيام الشخص بوظائفه [7] ]، كما تقول كاثرين لينز، باحثة علم الأعصاب السلوكي في جامعة ولاية أوهايو في كولومبوس.

الدماغ المتكيف «الدماغ المرن»

معظم تجارب التصوير العصبي تستخدم تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي «MRI» لتصوير أدمغة 10 - 30 مشاركًا مرة أو مرتين فقط، وهو فحص مكلف ماليًا. فشلت هذه التجارب في معرفة الاختلافات اليومية في مورفولوجيا الدماغ وفي مدى الاتصالية بين مناطقها.

وبدلاً من ذلك، بدأت عدة من دراسات التصوير العصبي بشكل متصاعد باستخدام تقنية يقوم الباحثون بتصوير مشاركة واحدة أو مجموعة من المشاركات بشكل متكرر [8]  لمراكمة مجموعة بيانات عالية الدقة. هذه التقنية المكثفة من التصوير قادرة على ملاحظات التغيرات التي عادة لا تلحظ أثناء التصوير العادي، بيد أن حجم العينة الصغير يؤدي إلى محدودية تعميم النتائج على مجموعات أكبر من المشاركات.

بيد أنه بمقارنة مجموعات البيانات بين المشاركات - وخاصة أولئك اللاتي لديهن استجابات مختلفة تجاه حبوب منع الحمل - قد يتمكن الباحثون من معرفة الأسباب التي تؤدي إلى مضاعفات جانبية مختلفة.

باستخدام هذه الطريقة، قامت هيلر بفحص نفسها 25 مرة على مدار 5 أسابيع، والتقطت صورًا في مراحل مختلفة من دورتها الشهرية الطبيعية. وبعد بضعة أشهر، بدأت في تناول حبوب منع الحمل، ثم انتظرت 3 أشهر قبل إجراء فحص لنفسها 25 مرة أخرى خلال 5 أسابيع. في تلك المرحلة، توقفت هيلر عن تناول حبوب منع الحمل، وانتظرت ثلاثة أشهر أخرى وأجرت فحصًا لنفسها 25 مرة أخيرة على مدار 5 أسابيع. كما سُحبت عينة من دمها واجابت على أسئلة استبانة عن حالتها المزاجية بعد كل تصوير.

وجدت هيلر نمطًا متسقًا للتغير في حجم الدماغ ومدى الاتصالية بين مناطق الدماغ خلال دورتها الشهرية، مع انخفاض بسيط في حجم الدماغ وفي مستوى الاتصالية بين مناطقه أثناء تناولها حبوب منع الحمل. «زيادة حجم الدماغ أو مستوى الاتصالية بين مناطقه لا يعني تحسنًا في وظائفه، والعكس صحيح».

عاد هذا النمط إلى حالته السابقة إلى حد كبير بعد أن توقفت عن تناول حبوب منع الحمل، مما يدل على أن الدماغ ”قابل للتكيف «مرن» تمامًا“، كما تقول لورا بريتشيت Laura Pritschet، التي أجرت دراساتها العليا مع جاكوبس، وهي الآن باحثة في علم الأعصاب الادراكي في جامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا.

شبكة متسعة

دراسة أجرتها هيلزو قامت فيها بريتشيت بتصوير دماغها لمدة 30 يومًا متتاليًا خلال دورتها الشهرية الطبيعية ولمدة 30 يومًا أخرى أثناء تناولها حبوب منع الحمل كانت مصدر الهام لـ هيلر. كان هذا جانبًا من مشروع أطلقت عليه بريتشيت مشروع ال 28andMe في جنوب سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، وأيام الدورة الشهرية المتوالية المتعارف عليها والتي تبلغ 28 يومًا في كل مرة [تحسب أيام الدورة من أول يوم في الدورة الحالية إلى أو يوم في الدورة التالية [9] ].

أثبتت البيانات المستقاة من مشروع بريتشيت أن المستويات العليا من هرمون الاستروجين تدفع بعض شبكات الدماغ المهمة إلى أن تصبح أكثر اتصالية من الناحية الوظيفية مع بعضها [10] . إحدى هذه الشبكات كانت ”شبكة الوضع الافتراضي“، التي تنشط أثناء أحلام اليقظة والمعنية بالذاكرة. وقد كان لهرمون البروجستيرون تأثير معاكس. قامت بريتشيت أيضًا بفحص زوجها على مدار 30 يومًا متتاليًا في مشروع فرعي 28andHe، لمعرفة تأثيرات التقلبات الهرمونية في دماغ الرجل [11] .

بعد ذلك، تخطط هيلر لمقارنة بياناتها مع بيانات امرأة تعاني من التهاب بطانة الرحم، وهي حالة مؤلمة تؤثر فيما يصل إلى 10% من النساء في سن الإنجاب، لمعرفة ما إذا كانت التقلبات الهرمونية في الدماغ هي السبب وراء هذه الحالة.

تقول لينز إن مجموعات البيانات هذه "ستمنحنا نافذة مثيرة للاهتمام جدًا عن العلاقة بين الحالة الهرمونية والتغيرات الطفيفة في بنية الدماغ والوظائف السلوكية [الوظائف الأربع السائدة للسلوك هي الانتباه، والهروب لتجنب فعل ما، وتحصيل ما يرغب فيه، والإثارات الحسية تسمح لنا هذه الوظائف الأربع بفهم وتصنيف تصرفات الشخص، وكذلك معرفة سبب حدوث هذه السلوكيات [12] ].

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  https://ar.wikipedia.org/wiki/قياس_شكل_الدماغ

[2]  https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC3477528/

[3]  https://www.nature.com/immersive/d41586-023-01475-2/index.html

[4]  https://www.mayoclinic.org/ar/diseases-conditions/acne/diagnosis-treatment/drc-20368048

[5]  https://ar.wikipedia.org/wiki/بلوغ_ «إنسان»

[6]  ”نضوج «أو بلوغ» الدماغ يحدث خلال فترة المراهقة بسبب زيادة في تخليق الهرمونات الجنسية التي لها دخل في البلوغ، بما فيها هرمونات الاستروجين والبروجستيرون والتستوستيرون. تعمل هذه الهرمونات الجنسية على زيادة تكوين مادة الميالين والدوائر العصبية،“ ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC3621648/

[7] https://www.salford.gov.uk/children-and-families/salfords-neurodevelopmental-offer/what-is-neurodevelopment/

[8]  https://www.nature.com/articles/d41586-024-02275-y

[9] https://www.mayoclinic.org/ar/healthy-lifestyle/womens-health/in-depth/menstrual-cycle/art-20047186

[10]  https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S1053811920305772?via=ihub

[11]  https://www.jneurosci.org/content/44/22/e1856232024

[12]  https://www.sunnydayssunshinecenter.com/blog/the-four-functions-of-behavior-determining-what-is-maintaining-your-childs-behavior

المصدر الرئيس

https://www.nature.com/articles/d41586-024-03368-4