آخر تحديث: 22 / 10 / 2024م - 2:07 م

اليوبيل الذهبي شاهدٌ على التنمية

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

تصور الوضع في صيف العام 1974 في الظهران، حيث مقر أرامكو العملاقة وإلى جوارها كيانٌ بازغ يسمى كلية البترول والمعادن. على عكس الأغلبية عندما قصدنا الظهران في ذلك الصيف لم يكن قصدنا الشركة العملاقة بل مقصدنا الكيان البازغ، الذي استودعنا فيه شهاداتنا الثانوية وسلسلة من اختباراتٍ لم نعهدها وصرامة لم نعرفها، واستودعنا مقابل التهاني بالقبول أحلامنا وطموحاتٍ أثبتت السنوات أضغاثها من إنجازاتها.

يوم الأربعاء اجتمعت دفعة 74 في رحاب جامعتهم التي تطورت ولا أقول تغيرت، كان اللقاء مناسبةً ليس لاسترجاع ما عايشناه أيام الدراسة بل لشكر وطننا بتسخير كل الإمكانات لتوفر أفضل تجربة متكاملة لكلٍ منا شخصياً واجتماعياً وتعليمياً، وزرع في وجدان كل منا: أننا نقدم لكَ الأفضل حتى تخدم أنت بدورك وطنكَ وأهله على أفضل وجه. كانت تلك العبارة تمارس بكلِ جديةٍ وصرامة؛ إن لم تحصل على معدل 70 بالمائة، فالباب يوسع جمل! وإن لم تجيد اللغة الإنجليزية فلن تستطيع التواصل وبالتأكيد لن تتقدم في دراستك. كان الاهتمام بجودة الحياة سمةً طاغية، يقدم لكَ مسكناً مرفهاً بمعايير تلك الأيام؛ فأن تكون لك غرفة مكيفة كان غاية في الرفاهية في تلك الأيام، وأن تتناول طعاماً معد تحت اشراف خبيرة تغذية قليل الملح ومتوازن في عناصره الغذائية، وأن تمارس رياضة الجري لمسافات والسباحة والفنون القتالية والرياضات الفردية والجامعية. أما الجانب التعليمي فهو أوضح وأشهر من أن أتناوله، فاستقطاب الأساتذة كان من أفضل الجامعات، والكتب الدراسية كانت ذاتها تدرس كمقررات في الجامعات الأمريكية، عدا عن المعامل اللغة والعلوم والحاسب الآلي.

خلال نصف قرن شهدنا كيف مررنا في مؤسسة متميزة للتعليم العالي وتخرجنا منها لنمارس أعمالاً ونتقاعد منها، ومع تلك الرحلة صنعتنا مسيرة التنمية والنمو التي وطننا وساهمنا في صناعتها، لم تكن أياماً سهلة أو صعبة بل كانت أياماً شهدنا فيها تصاعد تأثير وطننا بتؤدة وثبات على الجبهات كافة متجاوزاً العقبات والتحديات.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى