آخر تحديث: 22 / 10 / 2024م - 2:07 م

العنصرية عبر الكتب

يوسف أحمد الحسن * الجزيرة الثقافية

هناك عدة كتب عالمية أو روايات صدرت وأحدثت ضجة عالمية بسبب توجهاتها غير السوية؛ كالعنصرية أو الإباحية أو التطرف عمومًا. ومن هذه الكتب التي نحت منحًى عنصريًّا رواية الخضوع، التي كتبها الروائي الفرنسي ميشيل ويلبيك «عام 2015 م»، وتحدث فيها عن سيناريو خيالي لوصول الجماعات الإسلامية إلى الحكم في فرنسا ودخول قصر الإليزيه عام 2022 م عبر الأطر الديمقراطية الموجودة تحت عنوان «الإخاء الإسلامي» كما تقول الرواية. وهكذا فإن «محمد بن عباس» سوف يصبح الرئيس الفرنسي، وسوف يعين رئيس وزراء له، ثم يتفاوض مع الحزب الاشتراكي هناك من أجل أن يكون نصيب حزبه وزارة التربية والتعليم؛ وذلك من أجل السيطرة على الجيل الجديد من الفرنسيين.

واعتمد الكاتب «ولد عام 1956 م، وقد تخرجت والدته في كلية الطب في الجزائر العاصمة» على أسلوب التهويل وما يسمى الإسلاموفوبيا، حيث جاءت في الرواية عبارات وتنبؤات تدفع الفرنسيين الأصليين إلى التخوف من المسلمين المهاجرين والحاصلين على الجنسية الفرنسية، حيث ذكر في روايته أنهم أدخلوا الشريعة الإسلامية إلى فرنسا، وبدؤوا تطبيق تعاليم متشددة؛ مثل فرض الحجاب، وارتداء الملابس الطويلة، وتعدد الزوجات، وتخصيص جامعة السوربون، وطرد الأساتذة غير المسلمين منها. كما فرضوا «في أحداث الرواية» على النساء ترك الوظائف والجلوس في البيوت، وهو ما أدى إلى تقلص نسبة البطالة والجريمة في فرنسا.

ويواصل الكاتب في الرواية الإشارة إلى تحول أعداد كبيرة من الفرنسيين إلى الإسلام، وذلك من أجل تسهيل أمور حياتهم، وهو ما أدى مع الوقت إلى زيادة أعدادهم وتحول السكان الأصليين إلى أقلية، بل وأقلية معرضة للتمييز، وهي سردية تساهم في إثارة أجواء من الكراهية والعنصرية ضد المسلمين في فرنسا وأوروبا عامة، ولا سيما أنها لقيت رواجًا كبيرًا.

ولم تكن هذه الرواية الوحيدة لويلبيك التي ضمّنها معاداته للإسلام، حيث سبقتها رواية المنصة «2001 م»، التي تحدث فيها عن منتجع سياحي ساحر في جنوب شرق آسيا يقوم الأصوليون المسلمون في أحداثها بتفجيره. كذلك فقد تعرض للإسلام في رواية «جزئيات ثانوية».

ولم يقتصر الكاتب في تعرضه للإسلام على رواياته، بل تجاوزها إلى تصريحاته الصحفية التي كان منها قوله: ”إن الدين الأكثر غباء في النهاية هو الإسلام“. وقد رفع عدد من الجمعيات الإسلامية قضايا ضده بتهمة الإهانة، لكن القضاء برأه منها.

وقد اضطر الكاتب بعدها بسنوات إلى الاعتذار من الجالية المسلمة في فرنسا بعد أن أدلى كذلك بتصريحات صحفية أخرى معادية للإسلام قال فيها: رغبة الفرنسيين الأصليين، كما يقولون، ليست في أن يندمج المسلمون، بل أن يتوقفوا عن سرقتهم ومهاجمتهم، وإلا فهناك حل آخر، أن يغادروا. وهو ما اضطر السلطات إلى تأمين حماية دائمة له رغم أنه قال إن لديه خوفًا من الإسلام لا كراهية.

وقال ويلبيك في اعتذاره: إن هناك خطابًا خاطئًا يربط بين الإسلام والانحراف، رغم أنهما خطان متوازيان لا يلتقيان أبدًا، والتحدي الآن يكمن في محاربة الثاني لا التضييق على الأول. «واعترف أنه انجذب إلى نوع من الغباء الجماعي». كما نفى في وقت سابق أن تؤثر روايته على تصويت الناخبين. ويشكك بعض الفرنسيين في صدق اعتذاره، وأنه دائمًا ما كان يرغب في البروز إعلاميًّا.

وعلاوة على كونه روائيًّا فإن ويلبيك يعد شاعرًا ومصورًا وممثلًا ومخرج أفلام وكاتب سيناريو، وقد حصل على عدة جوائز، منها جائزة غونكور وجائزة الدولة النمساوية للأدب الأوروبي وجائزة دبلن الأدبية الدولية.