الشيخ الصفار يدعوا للتأسي بالزهراء في برّ الوالدين وللاهتمام بمشاعر الفتيات
دعا الشيخ حسن الصفار إلى التأمل فيما تنقله سيرة الزهراء من مشاهد ذوبانها في حب أبيها، واهتمامها ببره وخدمته، لنتأسى بها في برّ الوالدين.
وقال: إن سيرة فاطمة الزهراء تحكي عن أروع وأنبل علاقة بين أبٍ وابنته، وبين فتاة وأبيها.
جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: الزهراء أروع علاقة بين فتاة وأبيها.
وأوضح الشيخ الصفار أن الإسلام جاء في مجتمع جاهلي متخلف، تسوده حالة الجفاف العاطفي، ولعل نسبة منه بسبب البيئة الصحراوية التي كان يعيش فيها، وكانت المرأة الأكثر معاناة من هذا الجفاف.
وتابع: في هذا المجتمع وهذه البيئة أعلى الإسلام مكانة المرأة، وكافح النظرة الدونية الجاهلية تجاهها. ودعا إلى الاهتمام بالبنات، وإحاطة الفتيات بالرعاية والمحبة والاحترام.
وأضاف: إنّ في تعامل رسول الله ﷺ مع ابنته فاطمة الزهراء وحديثه عنها أمام الآخرين، أفضل وأهم الرسائل التربوية للأمة على هذا الصعيد.
وأبان أنّ أحاديث النبي ﷺ عن فضل ومكانة فاطمة الزهراء هو بهدف تقديمها نموذجًا للفتاة والمرأة التي ترتقي أعلى مدارج الكمال والكفاءة والفضل. حيث لا تقعد بها الأنوثة عن ذلك.
وتابع: كما أن ابداء رسول الله ﷺ الاحترام الكبير، والاهتمام الشديد، بشخصية ابنته فاطمة ، بالإضافة إلى ما يعني من تبيين مكانتها وفضلها، فإنه توجيه للوالدين باحترام بناتهم ورعايتهن، والإشادة بنقاط قوتهن.
وفي موضوع متصل تحدث الشيخ الصفار عن علاقة الزهراء بأبيها، فمنذ نعومة أظفارها، وصغر سنها، كانت تدافع عن أبيها، وترد عنه أذى المشركين.
واستشهد بما روي أنه «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَاجِدٌ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، إِذْ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِسَلَا جَزُورٍ، فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَخَذَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ».
وتابع: وفي واقعة أحد، حينما حصلت النكسة بالمسلمين، وأصيب رسول الله ﷺ، بادرت فاطمة للخروج إلى أرض المعركة، واهتمت بعلاج جراحات أبيها، وغسل الدم عنه.
وتابع: علينا أن نستوحي من هذه النصوص والمشاهد ما يدفعنا للاهتمام ببر الوالدين، فهو أهم واجب على الإنسان في هذه الحياة بعد عبادة الله تعالى وتوحيده.
ومضى يقول: إن ابداء الرعاية والمحبة والاحترام للفتاة بنتًا أو زوجة، له وظيفة تربوية نفسية عظيمة، فقد شاء الله تعالى أن تكون مشاعر المرأة وأحاسيسها أرهف وأرق من الرجل، لأن دور الأمومة الموكل إليها يحتاج إلى مخزون عاطفي عميق.
وتابع: إذا عاشت الفتاة جفافًا عاطفيًا من قبل والديها أو زوجها، كانت له آثار سلبية على نفسها وشخصيتها، فقد يحدث لها كبتًا وجروحًا غائرة في مشاعرها، وقد يدفعها للبحث عن الاشباع العاطفي خارج إطار العائلة.
وأضاف: في عصرنا الحاضر ومع اتساع حالة التداخل بين الجنسين في الحياة العامة، وانفتاح آفاق التواصل الاجتماعي عبر الشبكات والوسائل الالكترونية، تشتد أهمية الاشباع العاطفي للفتيات ضمن المحيط العائلي، لوقايتهن من المخاطر المختلفة.
وأشار إلى أنّ المجتمعات البشرية، وهي في عصر الحداثة والتقدم، وانتشار عناوين حقوق الإنسان، والمساواة، وتمكين المرأة، لا زالت تعاني في مساحة واسعة من رقعتها، من أجواء اهمال وجفاف عاطفي تعيشه نسبة كبيرة من الفتيات في العالم، ضمن حياتهن العائلية والاجتماعية.
وذكر أنّ دراسة حديثة في الولايات المتحدة الأمريكية «أنّ 57% من الفتيات المراهقات يشعرن بالحزن أو اليأس، بشكل مستمر، في عام 2021 م وهو ضعف المعدل بين الأولاد».
وتابع: لذلك اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2011 م تخصيص يوم دولي لتسليط الأضواء على معاناة الفتيات في المجتمعات المعاصرة، والدعوة لمعالجة التحديات التي يواجهنها، وتقرر اعتبار يوم 11 أكتوبر من كل عام باعتباره اليوم العالمي للطفلة أو للفتيات.
واستدرك: إذا كنّا لا نتفق مع المؤسسات الدولية في بعض الاتجاهات للتعامل مع قضايا المرأة، إلا أننا نجد في تراثنا الديني اهتمامًا كبيرًا برعاية الفتاة، واحترام حقوقها الإنسانية، ورفض أي تمييز نوعي تجاهها، وفتح الآفاق أمامها للتقدم والمشاركة في التنمية الاجتماعية، إلى جانب أشقائها الذكور.