آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 9:35 م

طَبَّاق يْطَبُّق عليك!

طاهر بن محمد المدن *

جملة ”طَبَّاق يْطَبُّق عليك“ أو كلمة ”طَبَّاق“ لوحدها، هي دَعوَة شَرٍّ دارجة في لهجة أهل محافظة القطيف، وقد تكون الثانية أيضًا كلمةً تقال عند الاستياء، ولا يعلم أغلب قائليها من أبناء اليوم وحتى بعض أهل الأجيال الأقدم معناها الحقيقي، الذي يتصل بمرض قاتل انتشر في الخمسينيات والستينيات الميلادية من القرن الماضي، والذي أنهى حياة كثير من أبناء محافظة أهل القطيف.

فالطَبَّاقْ هو مسمى لعدة أمراض يصاب منها الإنسان قديمًا، كالحَقَارِيْص والزْرُوْرْ، بسبب الأسمدة البشرية التي كانت تستخدم للزرع في الزمن الماضي - وأحد أمراض الطبّاق هو حمى التيفوئيد - وتكون هذه الأمراض مركبة، أي مرضان أو ثلاثة في آن واحد يصاب بها المريض، فهي عدة أمراض تُطْبِق على جسد المريض فَمِن هذا الإطباق أٌخذت كلمة طَبَّاق، أما عن مرض الزرور أيضًا يرتبط بدعوة شر تكون ردًا مثلًا على فعل غير لائق من ولد، فترد عليه والدته بهذه الدعوة ”وِزْرُوْرْ“.

الطبَّاق هو مرض من عدة أمراض فتكت بأهل محافظة القطيف سابقًا، والتي منها الإنفلونزا الإسبانية الذي انتشر سنة 1337 هـ، وسُميت سنة انتشاره بسنة الرحمة، لكثرة الترحم على الأموات فيها، وقد ذكر المرحوم عبدالله بن محمد بن أحمد المدن أنهم كانوا يتلقون يوميًا حالات الوفاة، ولربما تصل لأربع حالات وفاة في اليوم الواحد في مقبرة الجارودية، إذ كان هو حفارًا للقبور فيها، ويذكر أيضًا أنه أقام هو وحفاري القبور في وقت انتشار المرض في المقبرة نفسها وكان يبات فيها.

أما عن باقي الأمراض التي فتكت بالمحافظة، فمنها الطاعون والذي يسمى أيضًا الطاعون الأسود، والذي جاء به ستة هنود والذين توفوا بسببه [1]  وقد نشأت دَعوَة جرت على الألسن أيضًا في اللهجة القطيفية، وهي ”طاعون يطعنك“ وكتبت عن الطاعون في القطيف، المعتمدية السياسية البريطانية في البحرين عام 1907 م و 1908 م الآتي: ”ضرب الطاعون البحرين بين 19 أبريل و 4 يوليو 1907، وقد جاء الوباء كالعادة من الهند. ونتيجة ذلك هاجر العديد من شيعة البحرين إلى القطيف في خريف 1907، وربما نقلوا معهم المرض.“ [2]  وكتبت المعتمدية أيضًا في عام 1909 م الآتي [3] : ”ضرب الطاعون البحرين عام 1909 بشكل خفيف مدة 47 يوماً في شهر مايو، كما انتشر مرض الملاريا. تضاعف عدد الذين دخلوا المستشفى وبينهم أناس من قطر والقطيف «المستشفى بالمنامة هو VICTORIA MEMORIAL HOSPITAL.“

ومن الأمراض التي انتشرت الملاريا، الذي عملت له شركة أرامكو دراسة استقصائية في العام 1948 م وتبين تفشيه الهائل، إذ أن معظم الأطفال الرضع جاءت نتيجتهم إيجابية مشيرة إلى حملهم المرض، فعملت على حملة مكافحة الملاريا الذي وظفت فيه كثيرًا من أبناء محافظة القطيف، ثم جاءت سنة 1957 م ببشرى خلو الأطفال الرضع من المرض. [4] 

ومن الأمراض الكوليرا، الذي كتبت عنه المعتمدية السياسية البريطانية في البحرين عام 1893 م و 1894 م الآتي: ”ظهرت الكوليرا في البحرين في يوليو 1893، ثم انتشرت بشدة، كان عدد المتوفين يومياً يصل إلى 150 شخصاً. وفي نهاية أغسطس 1893 تمت السيطرة على الوباء أو توقف بعد أن راح ضحيته نحو سبعة آلاف شخص. يحتمل أن يكون الرقم مبالغاً فيه. أيضاً انتشر وباء الكوليرا في القطيف، واستمرّ مدّة شهر «بين يوليو وأغسطس 1893». معدل الوفيات كان 10 15 شخصاً يومياً، ووصل في بعض الأحيان إلى 50 60 شخصاً يوميا“ [5]  وكتبت المعتمدية أيضًا عام 1911 م - 1914 م الآتي [6] :

”«العام 1911»

لا يعتبر الوضع الصحي في موانئ الخليج مرضياً بسبب الأمراض الوبائية.

فبوشهر أصابها الطاعون «أبريل يوليو» وتوفي 97 شخصاً.

والبحرين أصابها الطاعون «من أول مايو حتى نهاية يوليو» وقتل الوباء 1895 شخصاً. ثم ما لبث أن أصابها الكوليرا «نهاية نوفمبر نهاية ديسمبر» وقتل 265 شخصاً.

وقتل الطاعون في دبي 2000 شخصاً بين مايو ويوليو.

وضربت الكوليرا المحمرة وعبادان وفيلية فقتلت 209 شخصاً «نهاية يونيو منتصف نوفمبر».

كما وصلت الكوليرا إلى البصرة وموانئ تركية / عثمانية أخرى كالقطيف ودارين وقد أعاقت حركة المتصرف الذي كان حينها يخطط لزيارة ميناء العقير وقصر الصبيح «الجبيل»، كما أصاب الوباء عربستان، ومقاطعة أهواز وشوشتر ودزفول ورام هرمز.

أيضاً فإن البحرين أصابتها الكوليرا في عامي 1909 و 1910.

* المبشر الدكتور س. م. زويمر كان في البحرين عام 1911، وزار القطيف في نفس العام وكذلك العقير وبندر لنجه وبغداد.

«العام 1914»

من التبشيرية الأميركية في البحرين، قام الدكتور هاريسون بعدّة زيارات إلى القطيف وكان يرافقه فيها السيد والسيدة فان برسم.“

ومن الأمراض الجدري، الذي كتبت عنه المعتمدية السياسية البريطانية في البحرين عام 1891 م و 1892 م الآتي: ”الإسهال والإنفلونزا قتلا الكثير من البشر خلال العام في الأحساء. أما القطيف فقد ظهر فيها الجدري“. [7]  ومن الأمراض الحصبة والتراخوما والسعال الديكي والسل والأمراض المعوية وأمراض الحصى في الكلى.

[1]  التبشير والتطبيب في مذكرات المبشرة الأميركية شريفة، زيارة الممرضة كورنيليا إلى القطيف 1923 ملاحظات حول نشاط المبشّرين الطبّي في الأحساء والقطيف. مجلة الواحة، العدد ”1“.

[2]  مقتطفات عن الأمراض الوبائية، حول السِجل الصحّي للمنطقة الشرقية. مجلة الواحة، العدد ”1“.

[3]  نفس المصدر السابق.

[4]  ”1“ سنوات الملاريا.. ”الأنثى الشرّيرة“ تغزو القطيف في موجتين، الكاتب: سالم الأصيل، صحيفة صبرة.

[5]  مقتطفات عن الأمراض الوبائية، حول السِجل الصحّي للمنطقة الشرقية. مجلة الواحة، العدد ”1“.

[6]  نفس المصدر السابق.

[7]  نفس المصدر السابق.
كاتب مهتم بالتراث