البيتكوين: بَوادِر رُؤى مُتَطلِعة
في عالمِ الإنسان وَتحت ظل الأخلاقيات، البقاءُ للأصلح.
وفي عالمِ الحيوان حيث العضلات والسرعة تحكم، البقاءُ للأقوى.
وفي عالمِ العُملات الوقتُ يَحْسم الأمر، البقاءُ للأكثرِ ندرة.
سبق وتحدثنا عن ندرة البيتكوين وتفوقه على الذهب والذي جعله لافتاً للانتباه في الأسواق العالمية ليس على مستوى الأفراد فقط بل على مستوى الشركات والمؤسسات المالية. واليوم نتحدث عن البيتكوين العملة وأحداثها وما يجري عليها من تبني وتقنين. وللتمييز بين البيتكوين العملة وبين البيتكوين الشبكة نستطرد في الفرق ثم نعرض أهم أحداث البيتكوين وجديدها وما أحرزته مِن تقدم.
- عملة البيتكوين تعتبر سلعة خام يعتمد سعرها على العرض والطلب وتتأثر بشكلٍ مباشر وغير مباشر بنسبة ”تبني“ العملة، وهذا ما نشهده اليوم من أحداث حول تنظيم وتقنين وتبني البيتكوين والتحوط بها له دور كبير في تحديد سعرها خصوصاً على المدى الطويل.
- أما عند الحديث عن شبكة البيتكوين فهي تعرّف على أنها شبكة مستقلة غير مركزية تعمل بكفاءة عالية كما يجب وكما صُمِمت منذُ نشأتها. والتغير الذي يطرأ عليها هو نمو حجم المستخدمين لهذه الشبكة ونمو حجم المعدنين ونمو القدرة الحاسوبية بفعل تزاحم المعدنين، وهذا ما يزيد من صلابة الشبكة ضد أي اختراق أكثر فأكثر. وبذلك البيتكوين اليوم تعتبر أقوى شبكة ضد الاختراق مستفيدة من لامركزيتها وحجم القدرة الحاسوبية العالية جداً الذي تشتغل عليه اليوم «يُقدر بـ 650 مليون TH/s ولا يوجد حاسوب أو منظومة حاسوبية بهذه القدرة لكي تستطيع أن تجري محاولة اختراق لهذه الشبكة».
والآن نستعرض جديد أحداث البيتكوين التي قد تقود به إلى الرُؤى المُتطلِعة التي قدمتها كاثي وود «مديرة صندوق استثماري» في الأعوام السابقة عندما كان سعر البيتكوين في مستويات سحيقة، فقد عرضت رؤيتها المُتطلّعة للبيتكوين ببلوغه مليون دولار بحلول عام 2030 وأيضاً أكدت على ذلك الهدف في لقاءات لاحقة أخرى. وكذلك مايك سيليور «مؤسس شركة والرئيس التنفيذي السابق لشركة micro strategy» يتوقع مثل ذلك إلا أنه ينظر إلى ما هو أبعد من ذلك الإطار الزمني والسعري. إلا أن بعض المستثمرين مثل Lyn Alden «كاتبة كتاب Broken Money» أيدت هدف المليون دولار ولكن بمدة زمنية أطول بخمس سنوات أي في عام 2035. وبالطبع أن ما يحدد ذلك هو مجريات الأحداث التنظيمية ولا جزم.
مليون بيتكوين قد يتم شراؤها لصالح الخزانة الأمريكية لمحاربة الدَين الأمريكي البالغ 35 تريليون دولار. الفكرة التي تصدّرت تصريحات المرشح الرئاسي روبرت كاندي وأيدها دونالد ترامب وقد تدخل حيز التبني والتنفيذ في حال فوز المرشح الجمهوري ترامب في الانتخابات القادمة في الربع الأخير من عام 2024 وبالتحديد في بداية شهر نوفمبر. وفي حال نُفِذت فكرة تدعيم الدولار والتحوط بالبيتكوين ستكون أول خطوة تعالج صدمة الرئيس الأميركي نيكسون عام 1971.
ويواصل ترامب حملاته الإعلانية في مجتمعات البيتكوين لكسب الأصوات بوعود تبني وتنظيم ودعم البيتكوين والعملات الرقمية، وبجعل أمريكا داعمة رئيسة لمستقبل العملات الرقمية. وأيضاً حسب تصريحات ترامب ومما يصب في مصلحة البيتكوين، فهو يتوعد بعزل رئيس هيئة الأوراق المالية الأميركية غاري جينسلر الذي كان العثرة أمام الموافقة على صناديق البيتكوين التي تم الموافقة عليها في مطلع هذا العام، وذلك لتهيئة الطريق للعملات الرقمية. أيضاً مما يدعم الاتجاه الصاعد خلال هذا العام والعام القادم هي السيولة التي تكثر في فترة ما بعد نتائج الانتخابات الأمريكية أي السنة الأولى للرئيس، وذلك لتمويل مشاريع ووعود الرئيس الأميركي الجديد.
التحليل الفني للبيتكوين على الشارت الأسبوعي، يرتكز البيتكوين على المتوسط الأُسي 50 عند سعر 55 ألف دولار وذلك يدعم الاتجاه الصاعد للبيتكوين. ولكن هذا بحاجة للتوافق مع مجريات أحداث التبني للعملة حتى يؤكد الاتجاه الصاعد؛ وذلك لأن التحليل الفني لا يُبنى عليه وحده في تحديد الاتجاه للفترات الطويلة.
مخاطر الركود الاقتصادي، وقد جاء في آخر قرارات الفيدرالي الأميركي تخفيض الفائدة 50 نقطة وذلك لتنشيط الاقتصاد ولتفادي الركود الاقتصادي الذي في حال حصوله قد يكون عنيفاً على الأصول ذات المخاطر العالي مثل البيتكوين والعملات المشفرة. ولكن يبدو أن الفيدرالي قد أنقذ الموقف بخفض أسعار الفائدة في الوقت المناسب وقبل صدور نتائج مؤشر الناتج المحلي الأمريكي في 26 سبتمبر، والتي كانت تشير التوقعات إلى انخفاضه بشكل طفيف من 3% إلى 2,9%، بينما أظهرت النتائج ثبات الناتج المحلي الأمريكي عند 3% أي أنه أكثر إيجابية من التوقع.
وأخيراً، ما يحدد الاتجاه العام هي مجريات الأحداث ونسبة التبني والتقنين، ولكن هناك أبصار حذقة تحاول أن تُسابِق الزمن في استكشاف وتوقع القادم.
*من المهم التنويه بأن هذه ليست توصية شراء أو بيع، وقرارات الاستثمار هي مسؤوليتك الشخصية. وكذلك الاستثمار في البيتكوين ينطوي على مخاطر السوق المصاحبة للتداول.