الحكواتي يعتزل القراءة
ألا زلتِ تقرأين؟ ومن يقتني كتب في هذه الأيام؟
قديمًا كان يجتمع الناس في المساء ليروي كلٌ منهم قصصًا سمعها. في تلك الفترة، كانت الكتب تُعد كنزًا نادرًا، يَتهافت عليه الجميع بشغف، ربما كان شخصًا من حي قديم يحمل كتابًا واحدًا، فيمرره لجيرانه، يتبادلون الصفحات وكانت المعرفة تسير ببطء، لكنها تسير بثبات والكلمة المكتوبة تُعتبر أثمن ما يمكن تداوله، وبين دفاتر المدرسة وصفحات الجرائد، كانت بذور القراءة تُزرع ضمن أحد القيم الضرورية..
مرت العقود، تغير كل شي في مملكتي الحبيبة السعودية، فنجد الرياض تتحول إلى مدينة الأحلام في عام 2024، لم تعد تلك المدينة الصغيرة التي كانت تعتمد على القصص المتناقلة، بل أصبحت مدينة القراءة والثقافة والابداع كان ذلك واضحًا من خلال الحركة الثقافية.
أصبحت مدينة «كل سؤال له إجابة» حتى أني سمعت عن حكواتي مهتم في التاريخ رفع الراية البيضاء وأعلن ترجله وانسحابه عن المشهد بعد أن أصبحت الرياض كلها تقرأ.
معرض الرياض الدولي للكتاب الذي تحول إلى أحد أبرز الفعاليات الثقافية والأدبية في الشرق الأوسط بتنظيم من هيئة الادب والنشر والترجمة ويهدف لتعزيز التواصل والتبادل الثقافي من خلال البرامج الثقافية بمشاركة سعودية، عربية وعالمية..
الرياض، التي كانت في السبعينات تستمد قصصها من الذاكرة، أصبحت في 2024 تصنع القصص وتصدّرها للعالم وأصبحت الثقافة ليس ملكًا للسعوديين بل للعالم بأسره، أكثر من ثمان مائة دار نشر محلية عربية وعالمية
والكثير من الفعاليات الثقافية والأمسيات الشعرية والندوات الحوارية وورش العمل التي تتناول موضوعات نوعية من منطق الحكاية العربية إلى موسوعات الإبل ومن أبطال العالم للألعاب الإلكترونية.. هذا ليس كل شيء
فهناك والتر إزاكسون ودروس من أعظم عقول التاريخ والأنمي والمانجا والأفلام، الترجمة حاضرة أيضًا والتاريخ وفن القصة والسرد والجواب الذي ننتظره إجاباته من الاستاذة سلمى بوخمسين، هل نحن نصوغ الحكايات أم أن الحكايات تصوغنا؟
الخطوط العربية والموضة والمسرح وتأريخ الفن السعودي وحتى الطفل كان له نصيب الأسد في هذا المعرض حيث خُصص له كثير من الموضوعات المهمة والثرية والترفيهية.
أخيرًا يقال أنت لا تحتاج لحرق الكتب لتدمير ثقافة ما بل يكفي أن يتوقفوا عن قراءتها فقط، لذلك المملكة تقرأ، والعالم يقرأ معنا
*ومضة:
كل الإجابات تكمن في داخلك، أنت تعرف أكثر مما هو مكتوب في الكتب، ولكي تتذكرها يجب أن تقرأ»... تولستوي