الشيخ الصفار يدعو لرعاية الأيتام عبر الاحتضان العاطفي والتأهيل العلمي
قال الشيخ حسن الصفار: إن رعاية الأيتام لا تتحقق بتقديم الدعم المالي فقط، وإنما بالاحتضان العاطفي، والرعاية التربوية، والتأهيل العلمي.
ودعا لاحتضان الأيتام عبر المبادرات الفردية والمؤسسات المتخصصة.
جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: اليتيم الذي صنع التاريخ.
وأوضح الشيخ الصفار أن من المؤسف عزوف أكثر الرجال عن الزواج من أرملة عندها أطفال أيتام من زوجها الراحل.
وتابع: وأن تعزف أكثر النساء عن الزواج من الرجل الفاقد لزوجته إذا كان له منها أطفال تيتموا بفقدها، مع أن ذلك هو من أفضل مصاديق كفالة اليتيم، التي تحدثت عنها النصوص الدينية.
وأرجع السبب إلى الأنانية، وضعف المشاعر الوجدانية الإنسانية، والزهد في عظيم الأجر والثواب.
وأبان أن الناس تتعاطف مع الأيتام، إدراكًا لمعاناتهم، وسعيًا لدعمهم ومساعدتهم بما يخفف عنهم آلام اليتم والحرمان.
وقال: لقد شاء الله تعالى لخير خلقه وأفضل أنبيائه ورسله النبي محمد ﷺ أن يمرّ بتجربة معاناة اليتم القاسية، فقد جاء إلى هذه الدنيا يتيمًا، حيث فقد أباه وهو جنين في بطن أمه.
وتابع: كما فقد أمه آمنة بنت وهب وكان عمره ست سنين، كما فقد جده عبدالمطلب الذي احتضنه بعد وفاة أبيه، وكان ﷺ في الثامنة من عمره، ثم كفله واحتضنه عمه أبو طالب .
وأشار إلى أن مرور النبي ﷺ بمعاناة اليتم رسالة إلى كل من تصيبه هذه المعاناة، بأن يرضى بقضاء الله وقدره، ويثق برحمة الله ولطفه، ويكون متأسيًا برسول الله ﷺ.
وأضاف: ويمكن لكل يتيم فقد أبويه أو أحدهما أن يتأسى برسول الله ﷺ، وأن يدرك أنه يشابه رسول الله ﷺ ويشاركه في هذه الصفة، فترتفع بذلك معنوياته، فقد اختار الله له ما اختار لأحب الخلق إليه، وقدّر عليه ما قدره عليه.
وتابع: فاليتم محنة لكنها قد تصبح منحة، بما يعوض الله تعالى اليتيم بأن يهيئ له من يرعاه ويكفله، وأن يهديه لتفجير طاقاته وكفاءاته، بما قد يتفوق به على نظرائه وأقرانه.
وبيّن أنه قد تكون لمعاناة رسول الله ﷺ لليتم، وظيفة أرادها الله تعالى لتنمية مشاعر الرحمة واللين والرفق في نفسه، لأن تجربة اليتم القاسية، تجعل من يمرّ بها مؤهلًا ليكون أكثر إحساسا بآلام الآخرين، وأكثر رفقًا بهم.
ولفت إلى أنّ الله تعالى منَّ على نبيه ﷺ بأنه آواه في مرحلة يتمه، ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى﴾ ، وذلك عن طريق كفالة جده عبدالمطلب له، ثم كفالة عمه أبي طالب . واللذان قاما بدور الحماية والرعاية لرسول الله ﷺ خير قيام، وعلى أحسن وجه.
وتابع: في ذلك رسالة لكل أسرة، بأن تهتم برعاية من يتعرض لليتم من أبنائها، فعلى الجد أن يهتم باليتيم من أحفاده، وعلى العم أن يهتم باليتيم من أبناء إخوته، وعلى المجتمع أن يحتضن الأيتام من أبنائه.
وأضاف: لقد هيأ الله تعالى محمدًا اليتيم وأهّله ليكون أفضل أب ومرب للبشرية كلها.
ومضى يقول: لقد حقق الله تعالى على يديه أعظم إنجاز في التاريخ الإنساني، حيث بعثه بالرسالة الأكمل، الخاتمة للشرائع الإلهية، وقدم النموذج الأروع والأكثر تأثيرًا في التاريخ.
وتابع: هذا ما شهد به المؤرخون والعلماء والمفكرون المنصفون من مختلف الأمم والديانات.
وأشار إلى شهادة الطبيب والمؤرخ والفيلسوف فرنسي غوستاف لوبون، والمؤرخ الأمريكي الدكتور فيليب حتّي، والمستشرق الفرنسي مارسيل بوازار بأن النبي ﷺ أسس حضارة غيرت مجرى التاريخ.