صراع الأضداد!
عندما نسلط الضوء على بعض المشكلات اليومية التي نعيشها أو بعض الظواهر السلبية أو حتى الإيجابية من خلال الكتابات في الصحف أو مواقع التواصل الاجتماعي، أو الإصدارات من الكتب وغيرها، نجد أن هناك من يقرأها ويتفاعل معها، لكنها تظل مجرد منشور تم المرور عليه لمجرد القراءة فقط. بالتأكيد هناك من يتأثر بها، لكنها تظل حبرًا على ورق، صداها لا يتعدى السطور التي كتبت عليها.
الكثير من المعوقات اليومية لا تُحل بالكتابة عنها ولا حتى بالقراءة والاطلاع، لأننا لا نتوقع حلولًا من كاتب المنشور أو من قارئه، وإنما هي مجرد التفاتات إلى ظواهر سلوكية واجتماعية نعيشها فنُسلط الضوء عليها. الجميع لديهم قناعة أن مشاكلنا، سواء كانت شخصية أو اجتماعية، تأتي من داخلنا. فعندما يختل التوازن الداخلي تظهر علامات المرض في سلوكياتنا.
هنا لا بد من إعادة التوازن الداخلي، ولكي نتعافى يجب أن نبدأ بإصلاح أنفسنا من الداخل أولاً حتى يصلح كل ما حولنا. فصلاح الفرد يعني صلاح المجتمع، لذا لا ننتظر حلولًا من الآخرين، فهم لا يمتلكون الفانوس السحري.
كوننا نعيش حياة مليئة بالمتناقضات، في العمل، في الشارع، في السوق، وحتى في منازلنا، هذا يسبب حالة من عدم الاستقرار. فتتجاذبنا رياح التردد فنغرق في بحر الحيرة، وتصبح أفكارنا كخيوط متشابكة، وعقلنا في حالة صراع بين الأضداد التي لا تهدأ. كل فكرة تصارع فكرة أخرى من أجل البقاء، وقلوبنا كمرآة مكسورة، كل جزء منها يعكس وجهًا مختلفًا للحقيقة، ولا نعلم أيها أصدق.
لا أريد هنا أن أتطرق إلى أي ظاهرة أو سلوك معين، سواء كان سلبيًا أم إيجابيًا. غرضي من كتابة هذا المقال هو أن أعطي نفسي والقارئ استراحة بعيدًا عن الهموم الحياتية، لنعيش معًا لحظات تتماهى فيها الروح نحو النقاء. من حيث إننا جزء من هذا الكون، وإن رحلتنا إلى ذاتنا النقية وليست إلى مكان آخر.
في لحظات الهدوء، يسكن كل شيء من حولنا، فنتحرر من كل الهموم ونضع الأثقال التي أرهقتنا. نتنفس بعمق لتملأ رئتينا بالهواء النقي، ونحلق نحو السماء حيث الاتساع بلا نهاية، بلا قيود ولا قوانين. هنا يتم الانسجام والتناغم بين القلب والروح. هذا لا يأتي من الخارج، بل هو من الداخل، حيث لا خوف من المستقبل ولا مطاردة من الماضي، وإنما الحاضر فقط. هو الذي يجعلنا نغوص في أعماق الروح لنعيش حالة الصفاء، فنكتشف آفاقًا جديدة في داخلنا، نحولها إلى رسائل سلام وأهداف للتجديد والتغيير نحو الأفضل.