آخر تحديث: 23 / 10 / 2024م - 6:27 م

حين تكون القراءة هي العقوبة

يوسف أحمد الحسن * مجلة اليمامة

ربما لا يكون السجن أنسب عقوبة حين يتعلق الأمر بالأطفال الذي يرتكبون بعض الجرائم؛ هذا ما توصلت إليه مدعية عامة في الولايات المتحدة الأمريكية حين وصلتها قضية ضد عدد من الأطفال الذين قاموا بسلوكيات ذات طابع عنصري. فقد عمد مراهقون «2016م»، تبلغ أعمارهم ما بين 16 و17 عامًا «3 منهم من أقليات عرقية»، إلى رسم جداريات مسيئة على سطح بناية مدرسة قديمة في ولاية فرجينيا كانت تستخدم لتعليم طلبة من ذوي البشرة السمراء. وقد كان بإمكان المدعية العامة أن تأمر بسجنهم، لكن لحسن الحظ أن هذه المدعية العامة «أليجاندرا ريودا» قد نشأت في أسرة أدبية، وكانت أمها أمينة مكتبة إحدى المدارس، وكانت تقترح عليها في صغرها قراءة كتب كان منها كتب توضح التعصب على أساس العرق والدين، وهو ما أثر في أسلوب حياتها ثم حتى في أحكامها في مجال عملها، كما قالت.

وقالت المدعية العامة «bbc.com/Arabic»: لذا وجدتها فرصة تعليمية سانحة؛ فالأمر بالنسبة للأطفال إما أن تعاقبهم أو تعيد تأهيلهم، لا سيما إن كان الأطفال ليست لديهم أي سابقة جنائية، وتذكرت وقتها ما الذي علمني عندما كنت في مثل سنهم، ما الذي فتح عيني على الثقافات والديانات الأخرى؛ إنها القراءة.

وهكذا فقد اقترحت أليجاندرا ريودا إيقاع عقوبة القراءة على الأطفال المراهقين، وحصلت على تأييد القاضي لذلك. وأُعِدَّت قائمة من 35 كتابًا يقوم كل طفل“باختيار عنوان واحد للقراءة كل شهر لمدة عام، ثم تكليفهم بكتابة واجب للكتب ال12 التي اختاروها”، علاوة على كتابة مقال من 3500 كلمة عن «الكراهية على أساس العرق». ونُظِّمت كذلك زيارات إجبارية لهم لكل من متحف الهولوكوست التذكاري في واشنطن، ومعرض التاريخ الأمريكي عن معسكرات الاعتقال اليابانية الأمريكية في الولايات المتحدة.

كل هذا حدث رغم أن بعض أعضاء الجالية السمراء كتبوا رسائل شكوى اعتراضًا على ما أسموه تساهلًا مع الأطفال المحكوم عليهم. ومما يدل على نجاح العقوبة أنه بعد عامين من مرورها لم يرتكب أي منهم أي مخالفة جديدة حيث «تركت العقوبة تأثيرها المنشود».

وعندما كتب أحد الطلاب كلمة يعترف فيها باستفادته من العقوبة «حسب bbc.com/Arabic» وقرأتها المدعية العامة، بكت قائلة:“لقد جعلني أبكي، لكنه جعلني أشعر بفخر كبير لأنه تعلم. نجح الأمر”. وأضافت:“أعلم أنني لا أبدو مثل مدعية هنا، لكن هذا ليس ما أهدف إليه مع الأطفال، لذا أردت أن أتحلى بفكر خلّاق قدر الإمكان في هذه القضية”.

وكان من بين الكتب المختارة للقراءة كتابَا «اللون الأرجواني» للكاتبة أليس ووكر، وكتاب «عداء الطائرة الورقية» للكاتب الأمريكي ذي الأصول الأفغانية خالد حسيني.