آخر تحديث: 3 / 12 / 2024م - 7:35 م

الأثر الاقتصادي لتخفيض السعودية إنتاجها من النفط: الإيرادات غير النفطية «8»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

لابد من بيان أن أحد أهم مستهدفات الخطة الخمسية الأولى التي أعلنت قبل ما يزيد عن خمسين سنة، كان تنويع الاقتصاد السعودي باعتبار أن النفط ثروة ناضبة، ومع ذلك فطوال الوقت كان اعتماد الخزانة العامة على إيرادات النفط. ما أتت به الرؤية هو أن تحقيق الاستدامة يتحقق بمعطيات منها إيجاد قناة تربط بين نشاط الاقتصاد السعودي وبين إيرادات الخزانة العامة، وذلك لتخفيف وطأة اهتزازات النفط وتقلب إيراداته، وكانت تلك القناة تعميق مصادر الإيرادات غير النفطية، من خلال إصلاح أسعار الوقود واستحداث ضريبة استهلاكية هي ضريبة القيمة المضافة.

ولعل من المناسب التذكير بما أحدثته تقلبات الإيرادات النفطية من هزات للخزانة العامة، ليس بسبب النشاط الاقتصادي المحلي بل بسبب عوامل خارجية تؤثر على إيرادات النفط، ففي العام 2014 بلغت الإيرادات النفطية 89 في المائة من إيرادات الخزانة العامة، انهارت في العام 2015 بمقدار 45 بالمائة إلى 444,5 مليار ريال من 913 مليار ريال في العام 2014..

أما الإيرادات غير النفطية فقد أخذت سمتاً تصاعدياً منذ العام 2011، لكنها قفزت في العام 2015 بمقدار 32 بالمائة «بلغت 166 مليار ريال» بفضل التحسن في حصيلة استثمارات الدولة، وتواصل المنحنى الصاعد للإيرادات غير النفطية بعد ذلك، حيث بلغت 186 مليار في العام 2016، ثم 256 مليار ريال في العام 2017، وفي بداية العام 2018 تم تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة قدرها 5 بالمائة في المملكة، وبذلك ارتفعت الإيرادات غير النفطية إلى 287 مليار ريال، وإلى 315 مليار ريال في العام 2019 نتيجةً لتنفيذ الحكومة خلال العام 2019 عددا من المبادرات لتنمية وتنويع الإيرادات غير النفطية، ومنها تخفيض حد التسجيل الإلزامي في ضريبة القيمة المضافة، والزيادة المعتمدة التدريجية للمقابل المالي على الوافدين، وتحسين الآليات والإجراءات الرقابية على تحصيل الإيرادات.

في 11 مايو 2020م، أعلنت زيادة النسبة الأساسية لضريبة القيمة المضافة إلى 15 بالمائة في إطار مجموعة من التدابير لمواجهة التداعيات المالية والاقتصادية لجائحة فيروس كورونا، حيث ارتفعت الإيرادات غير النفطية إلى 369 مليار ريال، وفي ذلك العام مثلت الإيرادات غير النفطية 47 بالمائة من إجمالي إيرادات الخزانة العامة للدولة، نتيجة لانهيار متوسط سعر برميل النفط في ذلك العام إلى 42 دولار للبرميل.

وتراجعت الإيرادات غير النفطية قليلاً في العام 2021 إلى 403 مليار ريال، مقابل صعود كبير في الإيرادات النفطية بلغ 945 مليار ريال، بسبب أن بلغ متوسط أسعار برنت 100,9 دولار للبرميل.

وفي العام 2022م، بلغت الإيرادات غير النفطية 411 مليار ريال، والإيرادات النفطية 945 مليار ريال إذ بلغ متوسط أسعار برنت 100,9 دولار للبرميل في عام 2022م وبلغ متوسط إنتاج النفط خلال العام 10,6 مليون برميل يومياً.

وفي العام 2023 تحسنت الإيرادات غير النفطية إلى 458 مليار ريال بالأساس لتحسن أداء الأنشطة غير النفطية، التي نمت بمقدار 4,4 بالمائة. أما فيما يتصل بالإيرادات النفطية فقد تراجعت إلى 856 مليار ريال بسبب تقلص إنتاج المملكة من النفط خلال العام 2023م بحوالي %9,2 ليبلغ متوسط الإنتاج حوالي 9,6 مليون برميل يومياً، وذلك نتيجة الخفض الطوعي بمقدار 500 ألف برميل يومياً بدءاً من شهر مايو 2023م وحتى نهاية العام 2024، إضافة إلى الخفض الطوعي الإضافي البالغ مليون برميل يومياً بدءاً من شهر يوليو 2023م وحتى الربع الثاني من العام 2024م، والذي مدد لاحقاً حتى نهاية العام وذلك بهدف دعم استقرار أسواق النفط وتوازنها.

«يتبع»

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى