آخر تحديث: 3 / 12 / 2024م - 7:35 م

كلامكم نور... الإمام الحسن العسكري

رضي منصور العسيف *

للإمام الحسن العسكري العديد من الكلمات النورانية، التي تبعث الحياة في روح الإنسان، وترشده لطريق الصلاح والفلاح، فهي كلمات تختزن بين حروفها أبلغ الحكم، وتعالج أعقد المشاكل، بل هي مفاتيح لكل خير وصلاح.

ولذلك حري بنا أن ندرس هذه الكلمات ونتدبر في معانيها، ونعمل على تطبيقها في حياتنا اليومية.

ومن كلماته اخترت لكم هذه الكلمات:

مفتاح الخبائث

قال الإمام الحسن العسكري : ”جعلت الخبائث كلها في بيت وجعل مفتاحها الكذب“ [1] .

للأسف، فإن البعض لا يعي حجم هذه الصفة «الكذب» والتي حذر منها الإسلام، وذكر عقابها الشديد في العديد من الآيات الكريمة منها قوله تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة: آية 10].

إن الكذب شيء لا يستهان به فهو أساس الشرور ورذيلة الرذائل، بل ”إن الكذب هو خراب الإيمان“ كما قال الإمام الباقر [2] .

وهو مفتاح الخبائث والجرائم، ويورث المشاكل والخصومات والبغضاء بين أفراد المجتمع كما يقول الإمام علي : ”الكذب يوجب الوقيعة“ كما أن ”الكذب فساد كل شيء“ [3] . كما يقول الإمام علي .

بل له آثاره على الصعيد الشخصي، فيؤثر على روحه المعنوية، كما قال الإمام الصادق : ”لا تكذب فيذهب بهاؤك“. ويؤثر على موقعيته بين أبناء المجتمع فلا أحد يثق به، كما ورد عن الإمام علي : ”من عرف بالكذب قلت الثقة به، وإذا عرف الكذاب بالكذب لم يزل لدى الناس كذاباً وإن كان صادقاً. بل تتضح علامات الكذب على سيماء الوجه“ إن الكذب يسود الوجه" [4]  كما ورد عن رسول الله ﷺ.

لذلك فإن الكذب دمار للشخصية والمجتمع.

العقوق من الصغر!

قال الإمام الحسن العسكري ”جرأة الولد على والده في صغره تدعو إلى العقوق في كبره“ [5] .

ما نزرعه في نفوس أبنائنا في الصغر نحصده في الكبر، فما نراه من صور العقوق كالتأفف، ورفض الأوامر، والكلمات القاسية، وأخيراً الضرب ما هي إلا بذور تم زراعتها منذ الصغر. فلم تكن التربية قائمة على أسس بر الوالدين واحترامهما، ولهذا نتج عن هذه التربية العقوق في الكبر.

عندما ترى طفلك يرفع صوته، فهذا جرس إنذار لعقوق أكبر سيأتي في المستقبل. وسببه أنك لم تتخذ الإجراء المناسب، ولم تصحح التربية إلى تربية «بر الوالدين».

فن النصيحة

قال الإمام الحسن العسكري : من وعظ أخاه سرا فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه [6] .

ربما تجد بعض الأخطاء لدى البعض من الناس..

ربما تجد أحدهم يجهل أحكام الصلاة مثلا..

أو ربما تجد أحدهم منشغلاً بهاتفه المحمول أثناء تواجده في المسجد انتظاراً للصلاة..

وربما تجد أن من المناسب نصحه، ولكنك لا تعرف كيفية النصحية، وأساليبها الصحيحة، لذلك سأذكر لك بعض آداب النصيحة:

- تجنب النصيحة أمام الناس. «النصيحة سراً».

- مراعاة النصح برفق ولين.

- اختيار الوقت والمكان المناسبين للنصيحة.

قبول النصيحة، ”اسمعوا النصيحة ممن أهداها إليكم، واعقلوها على أنفسكم“ [7] . كما ورد عن الإمام علي .

العقل الجميل

قال الإمام الحسن العسكري : «حسن الصورة جمال ظاهر، وحسن العقل جمال باطن» [8] .

الإسلام يهتم بالجمال والتجمل وحسن الصورة، ولذا كان لا بد أن يهتم الإنسان بهندامه وجماله.

ومن جانب آخر ينبغي على الإنسان أن لا يغفل عن جمال الباطن والمتمثل في طهارة القلب وحسن التفكير.

لذلك على الإنسان أن يطهر قلبه من الحقد والغل وكل صفة سيئة، وعليه أن ينمِ عقله، ليكون عقلا جميلا من خلال توفر الصفات التالية:

القدرة على التجديد، القدرة على التأثير، امتلاك الحلول لأصعب المشاكل، القدرة على استشراف المستقبل، لديه آليات التخطيط ووضوح الأهداف، الانفتاح العالمي والتعرف على التجارب والمعارف العالمية.

وكلما حفز الإنسان عقله على التفكير والإبداع كان عقله أكثر جمالاً.


[1]  بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 69 - الصفحة 263

[2]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 3 - الصفحة 2674

[3]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 3 - الصفحة 2677

[4]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 3 - الصفحة 2677

[5]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 4 - الصفحة 3678

[6]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 4 - الصفحة 3599

[7]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 4 - الصفحة 3281

[8]  بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 1 - الصفحة 95
كاتب وأخصائي تغذية- القطيف