آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

محاط بالحمقى!

إبراهيم آل عبيدي

محاطٌ بالحمقى؛ إنني بالفعلِ محاطٌ بالحمقى! فماذا أفعلُ يا ترى؟ وبماذا تنصحني أيُّها القارئُ العزيزُ! أظنُكَ ستتعجبُ من سؤالي؟ أليس كذلك؟! لكنْ، لحظة! لحظة من فضلِكَ! قبلَ أنْ تقل لي أيَّ نصيحةٍ أو تتوقفُ عن مواصلةِ القراءةِ، أرجوك َفكرْ مليًا فأنتَ أيضًا ربما تكونُ بالنسبةِ لي أحمقًا أو أنا بالنسبة لك أحمق.

هل هذا كلام غريبٌ عليك؟ سواءً أكان هذا الكلام غريبًا بالنسبة لكَ أو لا أرجوكَ لا تتوقفْ عن القراءةِ ولا تحاولْ وصفي أو نعتي بأوصافٍ لا تليقُ بك فأنتَ لستَ أحمقًا بالنسبةِ لنفسكَ بالتأكيدِ، وهذا أيضًا صحيح ٌبالنسبةِ لنظرتي لنفسي.

هيا لنكمل؛ سأُخبركَ بسرٍ قد يُغَيِّرُ حياتكَ ونظرتكَ إلى نفسكَ ولمن حولكَ. هل توافقني أنه ليس هناك شخصان متوافقان في التفكير أو في التواصل مع الآخرين وفي السلوك ”ردات الفعل تجاه ما يواجهون من مواقف وأحداث“؟

هذا الاختلافُ في التفكيرِ وفي طريقةِ التواصلِ والسلوكِ قد يجعلُنا نصف الأشخاصِ الذينَ نختلفُ معهم بأنهم أغبياءُ أو حمقى ولا يفقهون شيئًا وهم أيضًا قد يصفوننا بذلك. هؤلاءِ قد يكونونَ أبناءنا أو إخواننا أو أزواجنا أو أصدقاءنا أو زملاءنا في العمل أو حتى آباءنا وأمهاتنا.

إنَّ فهمَ التفكيرِ والسلوكِ الإنساني هو من أصعبِ الأمور ِعلى الإطلاق.

يقول توماس أريكسون: ”السلوك البشري، في معظمه، معقدٌ وغامض. إن فهم السلوك البشري هو مهمة لا تنتهي أبدًا، وسعي لا نهاية له لمعرفة كيف ولماذا وماذا وراء اختيارات الشخص. من السهل والخطير تصنيف شخص يتصرف بشكل مختلف عنك على أنه جاهل أو مخطئ أو حتى مغفل“ أبله/ غبي/ أحمق ”. يتطلب عالم اليوم فهمًا أكثر تطورًا حيث تُقَدِرُ الشخص وفقًا لنقاط قوته أو ضعفه“.

ولهذا نحنُ بحاجةٍ ماسةٍ للسعي لفهمِ تفكيرِ ومشاعرِ وسلوكِ مَنْ حولنا لكي نستطيعَ التعاملَ معهمُ بفَعَّاليةٍ ولكي تكون َعلاقتُنا معهم مبنيةً على الحبِ والاحترامِ والتعاونِ حتى وإنْ اختلفنا معهم في التفكيرِ والنظرِ وفهمِ وتفسيرِ الأشياءِ بطريقةٍ مختلفةٍ.

فبمجردِ أنَّكَ ”تقتنع“ بأنه قد يكون في الاختلافِ ”ائتلاف وقوة“، فإنَّ استثمارَ هذا الاختلافُ بالطريقةِ الصحيحةِ، هو بحد ذاتهِ سوفَ يُغَيُّر من نظرتكَ لنفسكَ وردات فعلكَ ولمن حولكَ وطريقةِ تعاملكَ معهم.

”محاط بالحمقى أو Surrounded by Idiots“ هو عنوان لكتاب للكاتب تومس أريكسون. عندما سمعتُ بعنوانِ الكتابِ لم أتقبلْهُ بإيجابيةِ فأنا أحاول الابتعادَ عن استعمالِ الكلماتِ السلبيةِ ولكن بمجردِ أن بدأتُ بقراءته بعد أن أهدتني إياه ابنتي وعرفتُ أنه يتحدثُ عن تقييم ”اختبار“ تحليل الشخصيات ديسك ”DISC“ الذي كنت ُقد عملته واستعملته للعديد من المستفيدين ”Clients“ واصلتُ في قراءته وكتابة بعض الفقرات منه.

كلمة ديسك ”DISC“ هي الأحرف الأولى لكلمات: D - Dominance/Direct مسيطر ”المهيمن“ /المباشر ”الصريح“، I - Influence/Inspire المؤثر/ملهم، S - Steadiness/Supportive الثابت ”المستقر“ /الداعم، C - Conscious/Compliance الواعي ”اليقظ؛ متحفظ“ /المطيع ”الخاضع؛ ثابت على؛ متقيد ب؛ ملتزم ب“.

تُمَثِلْ كل كلمة من هذه الكلمات نوعًا من التفكير والسلوك يُرمز لكل منها بلون؛ ”D“ اللون الأحمر، ”I“ اللون الأصفر، ”S“ اللون الأخضر، ”C“ اللون الأزرق.

ووفقًا للكاتب: ”نحو 80% من الناس لديهم مزيج من لونين يهيمنان على سلوكهم. ما يقرب من 5% لديهم لونٌ واحدٌ فقط يهيمنُ على سلوكهم. ويهيمنُ على الآخرينَ ثلاثة ألوان“.

وعليه: ينبغي علينا أنْ نكونَ حذرينَ في الحكمِ على الآخرينَ الذين نختلفُ معهمُ وأنْ نكونَ واعينَ بنوعِ الاختلافِ ونتفهمهُ لكي نكونَ قادرينَ على التعاملِ معهمُ بِفَعَّاليةٍ ونكوّنَ معهم علاقاتِ متميِّزة ًوبناءةً. إنَّهُ كتابٌ مفيدٌ أنصحُ بقراءته للاستفادةِ منهُ وتطبيقِ مفاهيمِه. سأحاولُ إلقاءَ الضوءِ على بعضِ ما في هذا الكتابِ في حلقاتٍ قادمةِ - إن ْشاءَ اللهُ تعالى.