آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 1:35 م

الحياة في السوشيل ميديا

كمال بن علي آل محسن *

كثيرًا ما تكون حياة السوشيل ميديا حياة حافلة بالصخب والنشاط والسعادة وقضاء الأوقات الماتعة، مع غياب شبه تام للجانب غير المرئي منها، حيث يكون لعامل الإصرار اليد الطولى في إظهار الجانب المشرق من تلك الحياة والتي يشاهدها الناس بكل انبهار وإعجاب ودهشة وما شاكلها من مشاعر، مع محاولة التعمية بشكل متعمد على الحياة الواقعية المرافقة لحياة السوشيل ميديا، والتي لا يلحظها سوى من كرس نفسه لمحاولة إلغاء الواقع وإبراز تلك الحياة من خلال الصور الجذابة ومقاطع ال?يديو ذات الإخراج الهوليودي.

إخراج من جانب واحد ومن زاوية مدروسة يُظهر حياة الطبقة الراقية في سفينة التايتنك بكل ما فيها من بذخ وترف وأناقة أزياء، ويُخفي حياة الطبقة العاملة الكادحة التي كانت تعمل أسفل السفينة؛ والغرض من ذلك كله هو خلق حياة ذات وضع مثالي حالم، حياة بعيدة كل البعد عن واقع الكد والتعب والعثرات.

هذا الإخراج سيشكل على المدى البعيد صورة ذهنية ساحرة، ومصنوعة بشكل مقصود في خيالنا تجعلنا نصاب بنوع من الإحباط عندما نخرج إلى حياتنا الواقعية، لنجد صورة مخالفة تمامًا لما في أذهاننا، صورة مشوشة وغير واضحة، والغبش يغطيها من كل جانب؛ عندها سنشعر وندرك بأن في الأمر خدعة ومبالغة كما يحدث في كثير من الأفلام البوليودية.

عندما نبحث عن الأسباب والمبررات وراء ذلك السلوك من قبل أولئك الذين يحاولون بشتى الوسائل والطرق طمس الواقع، فإننا لا نجد مبررًا واحدًا ولا سببًا مقنعًا لتلميع تلك الحياة سوى تحقيق مصالح شخصية بعيدة بُعْدَ الأرض عن كوكب نبتون، مصالح كل همها التكسب المادي أو النفسي، والتي لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالصالح العام لبني الإنسان.

إن الولوج مع هؤلاء في عالمهم يتطلب منا الحيطة والحذر، وعدم الانغماس بالكلية؛ حتى لا نغرق، وعلينا أن نبقى على السطح؛ حتى يكون خروجنا سهلاً لا تعقيد فيه ولا صعوبة وبأقل قدر ممكن من الخسائر.

من الجميل أن نعيش إيجابيات الحياة وأن نكون على قيد التفاؤل دائما، لكن ذلك لا يعني أبدًا أن ندخل في عالمهم، ولنعلم بأن الأمر سيتطور؛ حتى نصبح مشاركين مشاركة حقيقية معهم في خداع الناس والتحايل عليهم بالصور والمشاهد التي تلتقطها كاميراتنا، فنجعل بذلك حياة السوشيل ميديا هي الحياة البديلة عن الحياة الواقعية.

إن سلوكنا هذا يؤكد مشاركتنا مشاركة فعلية، وكلامنا لن يكون ذا قيمة بل أفعالنا هي التي تتحدث بالنيابة عنا، وهي التي تصنفنا كأدوات لبناء المجتمع أو معاول لهدمه وتفتيته وإيقاع الضرر به.

يقول شكسبير: ”الأفعال دائمًا أبلغ من الأقوال. صَدِّقْ ما تراه وَانْسَ ما تسمعه“.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
ابو حيدر
[ القطيف ]: 8 / 9 / 2024م - 2:01 م
السوشيال ميديا او بالعربي أدوات التواصل الاجتماعي الالكترونية هذه تكيف معها الانسان فمنهم من يستخدمها لإظهار نفسه كاافضل او اجمل مخلوق بين البشر مثل بعض البنات ؛
وقد يظهر غيره كاسوء كان حي مثله مثل اللي شغلته يتكلم على الناس ويظهر فيهم العيوب سواء كانت حقيقة أم لا !
وكمثال اخر من يرغب بالتقدم بالزواج يعرض صوره كأنه لا مثيل له وقد يظهر مشاهد تثبت انه أجمل انسان او انه يساعد الاخرين وقد تكون هذه الظاهر اكثر عند البنات ؛
أما من يرغب في طلب المساعدة المادية يظهر نفسه كأنه مسكين وممكن هو مسكين التفكير لإنه عجز عن العمل ولكن تجد شخص معاق يرفض عرض صوره وهو معاق حتى يساعده الناس ولكن من يعرفه لا يتردد في مساعدته !
كل هذه الامثلة تدل على أن الانسان يستخدم كل شيء من اجل مصلحته سواء بحق او بغير حق وحسب تفكيره واعتقتده بماهو الحق !
2
ابو حيدر
[ القطيف ]: 8 / 9 / 2024م - 2:14 م
قبل شكسبير قالها ابو الحسن علي (,ع)
بين الحق والباطل أربعة اصابع (يقصد بين العين والاذن مسافة أربعة اصابع)
فما رأته العين فهو حق وما سمعته الأذن فهو باطل ؛ وهي قاعدة عامة واساسية ولكن !
يعني واحد يقول يقولون ويقولون ويقولون فلان كذا وذلك الشيء كذا وكذا هذا لايمكن اعتباره صحيح الا إذا نقل الناقل بان فلان رأى كذا وكذا او جرب الشيء الفلاني ووجدته كذا وكذا او عمل مع فلان و وجدته كذا وكذا !
هنا يعتبر الحق صدق !
أما سوالف درب الزلق ومرعوب (مثلا،) يقولون او ان شخص يقول رأى وهو ضعيف البصر او كثير النسيان فلا تعتبر حق ومن لا يعتبر حق فليس بصدق !
وكذالك ما رأه الطفل او المجنون فلا يعتبر حق الا بوجود مايقترن به مثل الشهود او الكيمرات او البصمات وغيره من أدلة !
إذا نحن تصدق مايعرض في الشاشة لانها في الغالب صحيح ولان الأصل فيها تصوير صحيح أما الآن ومع التطور فتحتاج قوة التمييز بين الصحيح والمزيف خصوصا تقليد الأصوات !