آخر تحديث: 23 / 10 / 2024م - 6:27 م

الأثر الاقتصادي لتخفيض السعودية إنتاجها من النفط: هبط النفط.. صعد النفط”«7»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

يعود التداخل بين الاقتصاد العالمي وسوق النفط ليبين مرةً عقب مرةٍ أن استقرار سوق النفط العالمية هو انعكاس لاستقرار الاقتصاد العالم، ولاسيما اللاعبين الرئيسيين في جانبي العرض والطلب. لننظر للصورة الآن: خام برنت دون 71 دولار وتقرير لبنك أمريكا يخفض توقعاته لسعر خام برنت للنصف الثاني من هذا العام «2024» من 90 دولار للبرميل إلى 75 دولار للبرميل، فيما تقرر اوبك+ تمديد تأجيل الزيادة في الإنتاج نتيجة لوجود فائض في السوق ولضعف طلب الصين على الخام. إذن، هناك توافق على ضعف سوق النفط، وهذا يعني في المحصلة تراجع إيرادات النفط.

تأثير بهلوانيات سعر النفط على إيرادات النفط هبوطاً وصعوداً ليس جديداً، بل هو التغيير الثابت - إن جاز التعبير - لخزائن الدول المعتمدة على إيرادات النفط، فمثلاً كانت الإيرادات النفطية 182 مليار ريال للربع الأول لعام 2024، بزيادة 2 بالمائة عن الربع النظير في العام 2023، مقابل 249 مليار ريال للربع الرابع العام 2023، أي بفارق 67 مليار ريال «بتراجع 27 بالمائة». وبالإمكان الاسهاب في استحضار مقارنات لسلاسل زمنية لكن السمة الحاضرة دوماً هي التذبذب في الإيرادات النفطية.

ويبدو أن ليس لتأثير تذبذب الإيرادات النفطية من علاج إلا واحد، قد فطنت له برامج تحقيق رؤية ‎السعودية 2030، وسعت حثيثاً لتطبيقه:

«1» ألا يكون النفط المصدر الوحيد للإيرادات، فتعاني الخزانة من عجز عندما ينخفض سعره، وتتبحبح عندما يرتفع سعره، نتيجة للفارق بين الإيرادات النفطية المتوقعة وتلك المتحققة فعلاً. ونجد أن الجميع يتابع ذبذبات أسعار برميل النفط وكأنها نبض قلوبهم. وهكذا، فالاتجاه هو إلى إيراد أكثر استقرار وهو إيرادات تعتمد على النشاط الاقتصادي ووتيرته وليس على الريع وسعر المادة الخام

«2» تجنب سياسة من اليد إلى الفم، للحد من تأثير تذبذب الإيرادات على الاستقرار المالي للخزانة ومن ثم لوتيرة الانفاق والسداد. أما ضمان إمكانية تحقيق ذلك فرهن بتنفيذ سياستي التنويع الاقتصادي وتنويع مصادر تمويل الخزانة العامة وفقاً لاحتياجات التنمية والنمو بما يسمح باستدامتهما؛ فلا تتعطل التنمية ولا تضعف وتيرة النمو.

«3» الالتزام بمحددات الاستدامة المالية على الرغم من صعوبة الالتزام بها، لكن واقع الحال والتجارب المتعاقبة هو أن الفجوات المالية لا تعالج بحلول سحرية؛ فالسحر كله يكمن في الالتزام. «يتبع»

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى