الشيخ الصفار يدعو لمواجهة العنف وتسهيل التنازل عن القصاص ورفض الاتجار بالدماء
دعا الشيخ حسن الصفار أهل الخير للسعي في مجال التنازل عن تنفيذ القصاص لمن يتورط في جريمة قتل، استجابة لترغيب الدين وإعلاءً لقيم العفو والتسامح والتراحم في المجتمع.
وتابع: كما ندعو إلى مضاعفة الجهد للوقاية من وقوع جرائم القتل والعنف، وعلى محاربة ظاهرة المتاجرة بالدم، بجهود المؤثرين في ساحة المجتمع.
جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: ملفٌ ساخنٌ في العمل الخيري.
وأوضح الشيخ الصفار أن الشفاعة والسعي لطلب العفو عن القاتل من الأمور المشروعة التي يحث عليها الدين.
وتابع: إن من أجلى مصاديق عمل الخير السعي لطلب العفو، لأنه إنقاذ لحياة إنسان من القتل الذي يستحقه شرعًا، لكن الشرع رغّب في التنازل والعفو.
وأضاف: ويشكّل توفير دعم ومساعدة لعائلة القتيل، ويعزز حالة العفو والتسامح والتعاون والتلاحم الاجتماعي. ونجد في النصوص الدينية تشجيعًا وتحفيزًا على القيام بهذا الدور.
وأبان أن الإسلام شرّع القصاص عقوبة رادعة، بأن يكون لأولياء دم المقتول الحق في قتل القاتل. وذلك من أجل صيانة الأنفس والدماء، وحماية حياة الناس، وحتى لا تسود حالة الاستهانة والتساهل بحياة الآخرين.
وتابع: حين يقوم إنسان بقتل إنسان آخر عمدًا فإنها جريمة من أكبر الجرائم، وقد عدّها القرآن الكريم عدوانًا على البشرية جمعاء.
واستشهد بقوله تعالى ﴿مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ .
واستدرك بأن الإسلام الذي شرّع القصاص، فإنه لم يجعله حكمًا لازمًا، بل جعل الخيار بيد أولياء الدم، فإن شاؤوا أخذوا بحقهم في القصاص، وقتل القاتل، وإن شاؤوا عفو وقبلوا بالدية، أو أي مبلغ يتفقون عليه مع القاتل وذويه.
وتابع: إن الدين يريد تعزيز ثقافة العفو والتسامح والتراحم بين أبناء المجتمع، وقد يكون القاتل أصابته لحظة طيش وانفعال كما يحصل ذلك في حالات النزاع والصراع، وأدرك خطأه، وندم على جريمته، فليس كل قاتل مجرمًا محترفًا وذا سوابق إجرامية.
وأضاف: لذلك من المحبّذ إعطاؤه فرصة الاستمرار في الحياة، تفضلًا عليه وعلى أسرته وذويه، والديه وزوجته وأبنائه وإخوانه وسائر أقربائه.
وأشار إلى أن هؤلاء يستحقون الشفقة والرحمة، لذلك يرغّب الإسلام في خيار العفو والتنازل، وأنه أعظم صدقة يتصدق بها الإنسان، تكون سببًا لغفران الذنوب من قبل الله تعالى، لقوله تعالى: ﴿فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ [أي القصاص] فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ﴾ .
ورفض الشيخ الصفار ما عرف بالاتجار بالدماء، وقال: إن المسألة الأكثر حساسية في ملف التنازل عن القصاص، هي طلب المبالغ الباهظة.
وتابع: للتنازل عن القصاص تجوز المصالحة على ما هو أقل أو أكثر من الدية المقررة.
وأضاف: لكننا نشهد مع الأسف الشديد مبالغات بطلب مبالغ طائلة، وصلت في بعض مناطق المملكة إلى خمسين مليون ريال، وفي مجتمعنا المحلي بدأنا نسمع عن طلب مبالغ بعشرة ملايين وأكثر.
وبين أن هذا الأمر تحوّل إلى ظاهرة سيئة، وكأنها متاجرة بالدم، وفرصة للإثراء، وذلك ما يسبب عزوفًا عن المشاركة في هذا العمل الخيري، ويفتح المجال لتصاعد هذه الأرقام الباهظة.
ومضى يقول: لقد تحدّث كبار العلماء في المملكة، وخطباء المساجد، ضد هذه الظاهرة السيئة، وكتب حولها المثقفون والإعلاميون، كما ناقش مجلس الشورى هذا الموضوع أكثر من مرة. ووضع مشروع نظام جديد للصلح في القصاص يحدّ من ظاهرة المتاجرة بالدماء.
وأشاد بالتنظيمات التي وضعتها الحكومة للمساعدة في هذا المجال، وذكر منها وجود لجان للصلح في إمارات المناطق، وأن تفتح حسابات التبرع من قبل الإمارة، وتحت إشرافها.