آخر تحديث: 3 / 12 / 2024م - 7:35 م

لياقتا البدن والقراءة

يوسف أحمد الحسن * القبس الثقافي

ربما يكون الكاتب الياباني الشهير هاروكي موراكامي من أفضل من ينطبق عليه الجمع بين اللياقتين البدنية والقرائية/الكتابية. فقد حصل هذا الكاتب على جوائز من رواياته منذ نشره روايته الأولى (الريح تغني)، حيث نال عنها جائزة الكتّاب الشباب في اليابان، ثم توالت الجوائز واحدة تلو الأخرى حتى غدت أعماله تتصدر قوائم الكتب الأكثر مبيعًا منذ صدورها.

وقد أصدر عددًا من الكتب والروايات المهمة، منها: تسوكورو تازاكي عديم اللون وسنوات حجه، ويوميات طائر الزنبرك، ومقتل الكومنداتور مجاز يتحول، ومقتل الكومنداتور فكرة تظهر، وشهرزاد وقصص أخرى، والغابة النرويجية، ورقص رقص رقص، وكافكا على الشاطئ، وسبوتنيك الحبيبة. ويكمن سر إنتاجه الغزير والجميل أنه متفرغ للكتابة من ناحية، ومنضبط ببرنامجه اليومي للكتابة، وعزلته وابتعاده عن وسائل الإعلام، من ناحية أخرى.

وتتمثل اللياقة الأخرى في ممارسته المستمرة للرياضة، والجري تحديدًا، حيث يجري قرابة ال 10 كيلومترات كل يوم، ستة أيام في الأسبوع، بانضباط تام منذ عام 1982، علاوة على مشاركته في سباق ماراثون واحد كل عام. هذا الانضباط وصفه في كتابه (ما الذي أتحدث عنه عندما أتحدث عن الجري) بالتنويم المغناطيسي الذي يمارسه تلقائيًّا وكأنه جهاز مبرمج مسبقًا.

ولم تكن مصادفة البتة أن يمتلك موراكامي هاتين اللياقتين معًا، حسب رؤيته، بل إنه يعدهما متشابهتين؛ لكونهما عملًا فرديًّا يعتمد على الحافز الداخلي قبل انتظار التأييد الخارجي، ولا يحتاجان إلى شريك لإتمامهما. كما أن كلتيهما تعدان من ضروب الإبداع المترافقة مع معاناة الرحلة وانجلاء المعاناة مع انتهاء العمل.

ولم يكتف موراكامي بكتابة روايات قصيرة، فانطلق إلى كتابة روايات طويلة جنبًا إلى جنب مع بدء مشاركته في سباق جري من نوع آخر أكثر طولًا وجهدًا وهو الترايثلونات، ويتكون من ثلاثة أجزاء هي: السباحة، وركوب الدراجات، إضافة إلى الجري، ليصل مجموع ما يقطعه إلى قرابة 100 كيلومتر.

ويؤكد موراكامي في كتابه المذكور أن ممارسته لرياضة الجري منحته لياقة بدنية انعكست انعكاسًا مباشرًا على لياقته الذهنية التي يحتاج إليها لكتابة الأعمال المطولة، إذ يقول إن الاقتصار على القراءة والكتابة دون جهد بدني من شأنه أن يضعف البنية الجسمية، ويزيد الوزن والشحوم، وهو ما ينعكس في النهاية على اللياقة الذهنية.

من أقواله: أنفِق مالك على الأشياء التي يُمكن شراؤها بالمال، وأنفِق وقتك على الأشياء التي لا يشتريها المال لك.