السعي وراء الكمالية قد يضر حتى بأعلى الطلاب موهبةً - ولكن يمكن للمدارس أن تحدث فرقًا
Perfectionism can harm even the most talented student - but schools can make a difference
January 26,2022
بحسب الظروف السائدة، السعي إلى الكمالية [1] قد يؤدي إلى أداء أفضل في المدرسة أو في العمل. أو قد يجعل هذا الأداء أسوأ. ولكن من المرجح أن تفوق الأمور المتعلقة بالرفاهية أي مكاسب أدائية محققة [2] . هناك علاقة بين السعي وراء الكمالية والإرهاق burnout [4,3] والاكتئاب [5] ، على سبيل المثال. [المترجم: الرفاهية wellbeing هي حالة كون المرء مرتاحًا وسليمًا من الأمراض وسعيدًا].
هناك أدلة متضافرة على هذه الأنواع من الآثار السلبية في وضعيات وبيئات متعددة، بما فيها أوساط الشباب الذين يُعتبر سعيهم وراء الكمالية عاملاً من عوامل ضعف الصحة العقلية [6] . بيد أنه يمكن للتدابير والاجراءات العملية - كالحصص التثقيفية في المدرسة - أن تحدث فرقًا.
السعي وراء الكمالية هي سمة شخصية تنطوي على نزعة المرء لوضع معايير عالية غير واقعية لنفسه، م من شأنه أن يجعله مدققًا مفرطًا في الأشياء. وقد يؤدي إلى مزيج معقد من الرغبة في إثبات الكفاءة والخوف من التقصير، وبالتالي الشعور بالقلق والهم والشك المتواتر.
هناك بعض الدراسات الحديثة التي تبين بجلاء مدى قابلية الشباب للتأثر بمحاولات السعي وراء الكمالية. على سبيل المثال، إحدى الدراسات [7] التي قادها أحد طلاب الدكتوراه في مجموعتي البحثية، تناولت العلاقة بين محاولات السعي وراء الكمالية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وجدت الدراسة التي أُجريت على 135 فتاة مراهقة أن المراهقات اللائي من المرجح أن يفدن عن إصابتهن بأعراض اكتئاب بعد مقارتهن مظاهرهن بمظاهر آخريات يبلغن عن مستويات عالية من محاولة السعي وراء ”الكمالية التي تنطوي على النقد الذاتي «نقد الشخص لنفسه“ [8,9].
أجرت مجموعتنا البحثية أيضًا مراجعة استعراضية كبيرة للبحوث الأكاديمية المنشورة التي تناولت محاولات السعي وراء الكمالية في أوساط الطلاب الموهوبين أكاديميًا [10] . أفادت هذه المراجعة أيضًا عن الأساليب المختلفة التي يمكن أن تؤثر بها محاولات السعي وراء الكمالية في الطلاب.
بالاستفادة من 36 دراسة في هذا المجال، وجدنا أن الشكوك وبواعث القلق والمخاوف المميزة للكمالية يمكن أن تؤثر في أكثر الطلاب موهبةً.
من المثير للدهشة أن دراسة واحدة من هذه الدراسات فقط اختبرت طرقًا عملية للتصدي لمسألة محاولات السعي وراء الكمالية [10] . كانت النتائج واعدة، رغم ذلك. كان هناك بعض الأدلة على أن سلسلة من الدروس التثقيفية التي تركز على التغلب على الضغوط والتوقعات والجوانب غير الصحية لمحاولات السعي وراء الكمالية يمكن أن تساعد الطلاب.
دافعنا وراء تناولنا هذه الدراسة كان بسبب قلة البحوث في هذا المجال والاعتقاد بأن المعلمين والمدارس يمكن أن يلعبوا دورًا رئيسًا في الوقاية من الصعوبات المتأتية من السعي وراء الكمالية قبل بروزها. لقد اكتشفنا ما يمكن القيام به في الصف الدراسي لدعم الطلاب الذين لديهم نزعة السعي وراء الكمالية.
مقاربات عملية
بالعمل مع جمعية التعليم الخيرية، الجمعية الوطنية للأطفالا الموهوبين، وهم الذين يتراوح معدل ذكائهم ما بين 130 و140 [12] في التعليم «NACE»، قمت أنا وزملائي بتنظيم الموارد لمساعدة المدارس على الاستجابة لهذا المجال من الاهتمام وتقديم اقتراحات عملية للشباب والمعلمين وأولياء الأمور.
أحد مواردنا هو درس تثقيفي بسيط في الصفوف الدراسية مصمم لزيادة المستوى ”التثقيفي“ عن محاولات السعي وراء الكمالية. كان هدفنا من طرح هذا المنهل هو مساعدة الشباب على التعرف على خصائص محاولات السعي وراء الكمالية، وزيادة تثقيفهم عن المساعدة المتاحة لهم، وزيادة استعدادهم لطلب المساعدة إذا لزمهم ذلك.
يوفر الدرس التثقيفي معلومات عن محاولات السعي وراء الكمالية ويتضمن نشاطًا يركز على الفرق بين محاولات السعي وراء الكمالية وبين محاولات الإتقان في العمل.
الغرض من هذه المهمة هو التأكيد على أنه في كثير من الأحيان الجيد هو جيد بما فيه الكفاية. محاولة السعي لتحقيق الكمال أمر غير ضروري بل وغير واقعي، وعمل المرء الجاد وبذل قصارى جهده ليس مختلفًا عن هدفه في تحقيق الكمال فحسب، بل أيضًا يعد هدفًا أفضل ومجزٍ بشكل أكثر.
نشاط آخر يثقف الشباب عن ”أشكال محاولات السعي وراء“ الكمالية المختلفة [13] . هذه المقارنة تلفت الانتباه إلى كيف يمكن أن تكون محاولات السعي وراء اللكمالية شكلًا محتلفًا وكيف يمكن أن تنطوي على آراء آخرين في الشخص الذي يحاول السعي وراء الكمالية وكيف ينظرون إليه.
نحن نتظر إلى محاولة السعي وراء الكمالية من منظور شخصي - وضع المرء معايير غير واقعية لنفسه، على سبيل المثال. لكن بالإمكان أن تشمل محاولات السعي وراء الكمالية أيضًا الآخرين [13] ، أو توقع محاولة السعي وراء الكمالية من الآخرين أو الاعتقاد بأن الآخرين يتوقعون من الشخص أن يكون كاملًا.
هذا يعني أن الكمالية لا تؤثر فقط في رفاهية المرء، بل يمكن أن يكون لها أيضًا تأثير سلبي في علاقاته مع الآخرين.
قمنا مؤخرًا بتجربة تطبيق المواد الدراسية للتثقيف الطلاب عن السعي وراء الكمالية في مدرسة ثانوية واحدة. قام أحد المدرسين المدَربين مسبقًا بتوجيه الطلاب مستخدمًا المواد التثقيفية.
تقييمنا للدرس أثبت أنه كان له تأثير إيجابي في الطلاب. بعد الدرس، أفاد الطلاب أنه أصبح لديهم معرفة أكثرعن السعي وراء الكمالية وأدركوا بشكل أفضل أهمية طلب الدعم إذا لزمهم الأمر.
من المهم أيضًا أن يأخذ المعلمون في الاعتبار المستوى الذي قد تؤدي فيه التدريبات الحالية في صفوفهم الدراسية [15] بشكل غير مقصود إلى تشجيع النزعة إلى محاولة السعي وراء الكمالية لدى طلابهم، لا إلى الحد منها.
التوقعات غير الواقعية والنقد المتكرر أو المفرط والقلق من ارتكاب الأخطاء والاستخدام لقانون المكافآت والعقوبات [الجزاءت التي تستخدمها المدارس للحد من سلوكيات الطلاب السلبية [16] ] في المدارس العامة قد تؤدي إلى تعزيز محاولات السعي وراء الكمالية لدى الطلاب. على الرغم من أن هذا مجال جديد للبحث وممارسة تدريس جديدة، إلا أننا نعتقد أنه مهم للتغييرات الإيجابية في الأمد الطويل.
يحتاج المعلمون وأولياء الأمور إلى أن يكونوا قادرين على التعرف على الانخراط في محاولات السعي وراء الكمالية والصعوبات التي قد يواجهها الأطفال والشباب نتيجة لذلك. في المدارس، تعد زيادة المعرفة في أوساط المدرسين بالكمالية طريقة مفيدة لدعم رفاهية wellbeing الطلاب.
