النوم يعيد ضبط خلايا الدماغ ويجعلها مستعدة لذكريات جديدة وتعلم جديد في اليوم التالي
15 أغسطس 2024
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 183 لسنة 2024
Sleep resets neurons for new memories the next day
August 15,2024
بالرغم من أننا نعلم أن النوم الجيد ليلاً يجدد الطاقة، وجدت دراسة جديدة أنه يعيد ضبط وظيفة حيوية أخرى: وهي آلية تخزين الذاكرة.
إن تعلم أو تجربة أو التعرض لـ أشياء جديدة ينشط الخلايا العصبية في منطقة الحصين [1] ، وهي منطقة في الدماغ ضرورية للذاكرة. بعد ذلك، أثناء نومنا، تلك الخلايا العصبية تقوم بتكرار نفس نمط النشاط، وهو كيف يوطد الدماغ الذاكرة «2» والتي تُخزن بعدئذ في منطقة كبيرة تسمى القشرة المخية [3] .
ولكن كيف يمكننا الاستمرار في تعلم أشياء جديدة طوال الحياة دون استنفاذ جميع خلايانا العصبية؟
تشير الدراسة، التي تحمل عنوان ”آلية دارة الحصين لاستباب [4] عملية إعادة تنشيط آلية تخزين الذاكرة [5] أثناء النوم [6] “، والتي نُشرت في 15 أغسطس في مجلة العلوم Science، إلى أنه في أوقات معينة أثناء النوم العميق، تصبح أجزاء معينة من منطقة الحصين غير نشطة «هادئة»، مما يسمح لتلك الخلايا العصبية بإعادة ضبط نفسها «بتجديد نفسها».
وقالت أزاهارا أولڤفا Azahara Oliva، الأستاذ المساعد في قسم علم الأعصاب والسلوك في كلية الفنون والعلوم، والمشرفة على الدراسة: ”هذه الآلية يمكن أن تسمح للدماغ بإعادة استخدام نفس الموارد، ونفس الخلايا العصبية، لتعلم جديد في اليوم التالي“..
الحصين ينقسم إلى ثلاث مناطق: CA1، CA2 وCA3، منطقتا CA1 وCA3 معنيتان بتشفير الذكريات المتعلقة بالزمان والمكان، وهاتان المنطقتان قد بُحثتا بجثًا جيدًا؛ ولكن لا يُعرف سوى القليل عن منطقة CA2، التي وجدت الدراسة الحالية أنها تقوم بإسكات خلايا الحصين العصبية وإعادة ضبطها أثناء النوم.
قام الباحثون بزرع أقطاب كهربائية في حصن فأر، مما سمح لهم بتسجيل نشاط الخلايا العصبية أثناء التعلم [التعلم في أساسه هو التغيير المستمر في السلوك والأداء وهو عملية اكتساب معرفة وسلوكيات ومهارات جديدة [7] ] والنوم. وبهذه الطريقة، تمكنوا من ملاحظة أنه أثناء النوم، تقوم الخلايا العصبية في منطقتي CA1 وCA3 بإعادة إنتاج نفس الأنماط العصبية التي ظهرت أثناء التعلم في النهار. لكن الباحثين أرادوا أن يعرفوا كيف يستمر الدماغ في التعلم كل يوم دون إرهاق أو استنفاد للخلايا العصبية.
وقالت أوليفا: ”لقد أدركنا أن هناك حالات أخرى من الحصين تحدث أثناء النوم حيث يتم إسكات كل شيء“. "منطقتا CA1 وCA3 اللتان كانتا نشطتين جدًا أصبحتا غير نشطتين فجأة. وهذا ما يحدث أثناء تجديد آلية تخزين الذاكرة استعداداً لتعلم جديد؛ وتقوم بهذه الحالة المنطقة الوسطى CA2.
يُعتقد أن الخلايا التي تسمى الخلايا العصبية الهرمية [8] هي الخلايا العصبية النشطة ذات الأهمية للأغراض الوظيفية، مثل التعلم. هناك نوع آخر من الخلايا، يسمى العصبونات البينية [9] لها أنواع فرعية مختلفة. اكتشف الباحثون أن لدى الدماغ دارات عصبية متوازية ينظمها هذين النوعين من الخلايا العصبية، أحدهما ينظم الذاكرة، والآخر يسمح بإعادة ضبط آلية تخزين الذكريات.
ويعتقد الباحثون أن لديهم الآن الأدوات اللازمة لتقوية الذاكرة، ويحصل ذلك بتعديل آليات توطيد الذاكرة [2] ، والتي يمكن استخدامها حين تتدهور وظيفة الذاكرة، كما هو الحال في مرض الزهايمر. والأهم من ذلك، أصبح لديهم أيضًا أدلة لاستكشاف طرق لمحو «فقدان» الذاكرة السلبية أو المؤلمة، والتي قد تساعد بعد ذلك في علاج حالات مثل اضطراب الكرب التالي للصدمة.
ونتيجة الدراسة مهمة لأنها تساعد في تفسير سبب احتياج جميع الحيوانات إلى النوم، ليس فقط لإصلاح آلية تخزين الذاكرة، ولكن أيضًا لإعادة ضبط وتجديد نشاط خلايا الدماغ والحفاظ على قيامه بوظائفه أثناء ساعات النهار «الاستيقاظ». وقالت أوليفا: ”لقد أثبتنا أن عملية الذاكرة هي عملية ديناميكية“.